ذلك لأن التكرار في حقيقة أمره خرق لمبدأ الاستبدال، بمعنى أنه إذا على المنشئ الكلام معنى اختار كلمةً ما تخرجه من حيز التصور إلى حيز الواقع، حينئذ تنعزل سائر الكلمات التي بوسعها حمل المعنى ذاته، وهذا التصور كما يفهم منه اليوم يرجح ما يسمى بمبدأ الاختيار أو الاستبدال، مما يحيل مسألة التعبير إلى عملية آلية تنجز بصورة واعية، ذلك لأن الاستبدال إن وجد ينجز بصور لا واعية، بدليل التكرار اللفظي الذي لا يسمح للمنشئ بالاختيار، ليظل مشدوداً إلى كلمة بعينها إلى أن تبلغ حد الإشباع حينئذٍ يدعها بعد أن يفرغ كامل شحناته النفسية فيها. وهو من ثم مؤشر أسلوبي يدل على أن هنالك معاني تُحوج إلى شيء من الإشباع ولا شيء سوى ذلك، وقد جاء ذلك التكرار في القصيدة وفق مجالين اثنين: الأول : مجال تكراري متناثر يركز فيه المنشئ على كلمة بعينها تتوزع بلا انتظام في القصيدة عامة، ليظل معلقاً بتلابيب هذا الأسلوب إلى أن تنتهي القصيدة.