حيث دخل وتسرب ‏اليأس إلى قلوب الشباب العربي وبات يعيش في دائرة مغلقة بدون إيجاد أي حلولا حياتية تظهر وتلوح بالأفق حيث اتضح ان هذه الفئة من الشباب لم تضع نصب عينيها أي أهداف سياسية اقتصادية أو اجتماعية. وفي نفس الوقت تبلور المجتمع الإسرائيلي بشكل واسع النطاق باتجاه الرأسمالية والحرية الاقتصادية المطلقة، واخذ مجرى باتجاه العولمة والاندماج بالاقتصاد العالمي ففي الوقت الذي بلغت نسبة السكان العرب في البلاد 22% بلغت نسبتهم في خط الفقر حوالي 50% ويمكن إضافة سياسة الاضطهاد الاقتصادي الشرسة التي اتبعتها الحكومات الاسارائيلية المتتالية اتجاه المواطنين العرب بكل ما يتعلق بتضييق مساحات السكن والبناء والترخيص في القرى والمدن العربية عاملا مهما في احكام الفقر في هذا المجتمع العربي . فأنها بدأت تدخل السكان العرب الى " غيتوهات " في هذه القرى والمدن وتستعمل سياسة حديدية تتعلق بمنع توسيع هذه المسطحات وتستعمل سياسة هدم مشددة كقانون كامينتس حيث يعتبر هذا القانون الوحيد من نوعه في العالم والذي تهدم فيه البيوت العربية بسبب عدم الترخيص. وفي نفس الوقت لم يجد الكثيرون من الشباب المسار الحياتي المهني الاقتصادي الصحيح، ومن هنا كان الانزلاق سريعا نحو العنف والاقتتال الداخلي العنيف والذي اودى سنويا منذ عام 2010 الى حوالي 1500 قتيل أي بنسبة 120 قتيل في العام او أكثر. كما ان شكل القرية والمدينة العربية وعدم وجود سلطة محلية او بلدية قوية تتحكم في الأمور المحلية الثقافية التربوية والاقتصادية كانت أيضا من العوامل المعرقلة في الذهاب مع ركب التطور ووضع الخطط المتعلقة في بناء الانسان العربي الجديد. بحيث كان لهم الدور الحاسم في تأخير المجتمع العربي فهم لا يملكون الأسس والوسائل للسير مع ركب المجتمعات الحديثة بل اصبحوا عامل من عوامل التأخر وعلى الرغم من ذلك فان مجتمعنا يستمر في وضعهم في الصفوف الامامية مدة طويلة. وإزاء هذه تغيرات البنيوية والجوهرية في دولة تنظر الى المواطن العربي بشكل دوني وخاصة في حقل الاعلام ومؤسسات الدولة والشرطة فقانون القومية والذي سن قبل عدة سنوات أقر وبشكل واضح بان المواطنين العرب هم مواطنين من درجة ثانية ويمكن ان يكونوا بدرجة ثالثة او اكثر، بكل ما يتعلق في تصاعد العنف في المجتمع العربي. في مطلع ابريل 2023 سرب وزير الامن القومي ايتمار بن غفير محادثة سرية مع المفوض العام للشرطة كوبي شبتاي حيث تحدثوا عن العنف في الوسط العربي ومن ضمن ما قاله المفوض بان طبيعة العرب هي العنف والقتل ولا نستطيع عمل الكثير من اجل منع ذلك، اما المفوض العام فأهدافه هي أيضا مختلفة وتتمثل بأنه لا يفعل أي شيء لكبح الجريمة في الوسط العربي بل يمكن ان يساعد اكثر في زيادتها وفي مقابلة في منتصف نيسان 23 قال شبتاي ان الشرطة تهتم بالأساس في ظبط النظام في الوسط اليهودي في الدرجة الأولى، بحيث يبقى الوسط العربي يرزح ويعاني من تصاعد هذه الافة التي تكلف الضحايا الضخمة، وهناك جانب اخر يتناوله الباحثون والمتعلق بالعنف المتزايد في الوسط العربي وهو تحليل مقارن بحيث ان امريكا انتهجت في مطلع الستينات سياسة قاسية اتجاه المجتمع الأمريكي الأسود عندما اغرقتهم بالسلاح، الامر الذي زاد من عمليات القتل هناك واستمر ذلك حتى مطلع الثمنينات عندما رفع هذا المجتمع الأسود ايديه بشكل كامل أمام النظام الأمريكي الأبيض، لا يوجد اثبات مؤكد بان هذا هو النهج الذي تقزم به إسرائيل اتجاه الأقلية العربية بكل ما يتعلق بازدياد العنف والضحايا فيه والطريق المسدود الى إيقافه . ولكن نتيجة حتمية مؤكدة ان إسرائيل وبواسطة ازدياد هذا العنف في الوسط العربي حققت دونية كاملة اتجاه العرب في المجتمع الإسرائيلي بحيث تفتتح نشاطات الاخبار العبرية بعمليات القتل في النقب والجليل والمثلث وهناك صحافيين اسرائيليين عينوا لهذا الغرض يتابعون اعداد القتلى وأماكن حدوث عمليات العنف هناك ولكنهم لا يفعلون أي شيء في نفس الوقت لإيقاف تلك الافة حيث يستفيق الجمهور العربي يوميا على إصابات وقتل بين عصابات الاجرام وضحايا يقتلون بالخطأ أيضا. وامام تصاعد هذه الظاهرة فاننا لا نرى أي تحرك عربي محلي لمواجهة هذه الظاهرة مواجهة صارمة من قبل رؤساء المجالس المحلية والبلدية النواب العرب على كافة احزابهم وجمعيات المجتمع المدني بحيث عليهم العمل على إيجاد استراتيجيات واضحة المعالم والاستعانة بباحثين وخبراء في الجريمة والمجتمع والعمل بشكل بحثي مقارن مع ظواهر حدثت في أماكن اخرا من العالم وعليهم أيضا الاجتماع والظهور بنتائج سريعة لمواجهة هذه الظاهرة على الصعيد المحلي الحكومي والعالمي.