وإني لسائر في الشارع الذي يجاور منزلي ، إذ بي أرى على كومة الأقذار، ولداً صغيراً وهرة يفتشان في الأقذار عما يتبلغان به، والولد يطرد الهرة بيد، ويغوص بالثانية على شيء في الأقذار، ولكن الهرة أقدر منه على العمل، فقد وقعت على علبة من علب السردين الفارغة، ما كاد الولد يراها بين براثنها حتى هجم عليها وخلصها منها وأعمل لسانه بها، ولكن المسكين لم يكد يدخل لسانه حتى جرح جرحاً آلمه، فصرخ صرخة مخنوقة سمعتها وحدي "آخ"، فتقدمت منه فهرب كما هربت الهرة، وتابعت سيري إلى بيتي حزينا منكسر القلب. وهل يرى الناس أي شقاء يجثم في عطفة كل طريق، أم هل يسمع الموسرون الجالسون على موائد الميسر والخمر والفجور، أنين الطفل على ثدي أمه الجاف،