اتُعد استقلالية السلطات الإدارية في الجانب العضوي من الأسس الجوهرية التي تسهم في تحقيق حوكمة فعّالة وتنظيم مُحكم للقطاعات المختلفة في الدولة. وتعكس هذه الاستقلالية مدى قدرتها على أداء مهامها بعيدًا عن التأثيرات المباشرة من الجهات الحكومية الأخرى، وهو ما يضمن حياديتها وشفافيتها في اتخاذ القرارات وتنفيذ السياسات وترتبط استقلالية السلطات الإدارية العضوية بعدة عوامل تُحدد مدى انفصالها عن السلطات التنفيذية أو التشريعية، كالإطار القانوني الذي ينظم عملها، كما تلعب الاستقلالية المالية والإشراف المحدود دورًا أساسيًا في تمكينها من ممارسة صلاحياتها بكفاءة وموضوعية يتم تعزيز قدرة السلطات الإدارية المستقلة على تحقيق أهدافها المتمثلة في تنظيم القطاعات الحيوية وخدمة المصلحة العامة بعيدًا عن التأثيرات التي قد تعيق عملها لية العضوية المرتبطة بالتشكيلة و التعيين ترتبط الاستقلالية العضوية بتشكيلة الهيئات التي تتعلق تحديدا هنا بمسالتين أساسيتين لتحديد مدى الاستقلالية العضوية : بمعنى آخر كيف نضمن من خلال القواعد المحددة لتشكيلة هذه الهيئات اختيار الأشخاصالمناسبين سواء من حيث التخصص، الخبرة، التأهيل العلمي أو السياسي أو الاقتصادي، خصوصا وأنذلك يرتبط مباشرة بمجال عمل السلطات الإدارية المستقلة، سواء كان ذلك في القطاعات الاقتصادية أوالمالية أو الحقوقية أو الاجتماعية… أما عندما يتعلق الأمر بالهيئات التي لها حق التعيين، المسالة الأولى : استقلالية الأعضاء المعينين مرهونة بشرطي التعدد والتخصص فإن المبدأ العام الذي يحكم هذه التشكيلة هو التشكيلة الجماعية ، من انتماءات وتخصصات ومؤهلات مختلفة، إذ لا يعقل أن يكونوا من مجال علمي او العملي على اعتبار ان الوظيفة ضبط القطاعات في غالبية الامر تتوسعلتشمل عديد المجالات : اقتصادية ، قانونية…. ولكنه تميز عن غيره وخصوصا الفرنسي ، هذا الامر لا يخدم استقلالية هذه السلطات بحكمانه يترك السلطة التقديرية كاملة في يد الهيئة المعينة ما يجعلها تعين غير الاكفاء بالمقابل حددت بعض النصوص شروط الأعضاء ، فيما يتعلق مثلا بمجلس المنافسة فقد اشترط القانون تعيين ستة أعضاء من بين العدد الإجمالي لأعضائه وهو إثنا عشر )12( من بين الشخصيات المعروفة في مجال تخصصهم القانوني، المسالة الثانية : تعدد الهيئات المتمتعة بسلطة تعيين أعضاء السلطات الإدارية المستقلة ضمانةللاستقلالية في الغالب تكون الهيئة المكلفة بالتعيين ممثلة في السلطة التنفيذية من خلال رئيسها الأعلى وهو رئيس الدولة، ولكن في بعض الحالات تشاركه بعض الهيئات الأخرى مثل البرلمان أو الحكومة أو بعض المؤسسات الأخرى سواء بصفة نهائية او على سبيل الاقت ارح، أن التشكيلة الجماعية لن يكون لها معنى إلا إذا : 1- توزعت سلطتي التعيين والاقت ارح على مجموعة من الهيئات - كما أكد الفقه أن قدر الاستقلالية سيكو ن أكبر إذا تعددت الهيئات المكلفة بالتعيين، تركيبة هذه السلطات. والعكس صحيح أي سيقل قدر الاستقلالية و احتكار السلطة التنفيذي ة ممثلة في رئيس الجمهورية لسلطة تعيين أعضاء السلطات الإدارية المستقلة . باستثناء بريطانيا، التي يتم التعيينفيها من طرف الوزير المكلف بالقطاع، والولايات المتحدة الأمريكية التي يتم فيها التعيين بالنسبة لهؤلاء بعدموافقة مجلس الشيوخ بالنسبة لمسئوليها بالنسبة للبعض و كل أعضائها بالنسبة للبعض الآخر. وقد تكون سلطة التعيين تعبر عن أحيانا بمرسوم رئاسي يصدر في مجلس الوزارء، وأحيانا أخرى بمرسوم رئاسي لا يقتصر ضمان استقلالية الأعضاء في مواجهة السلطة السياسية على طريقة تشكيلة هذه السلطات وكيفيات التعيين وطبيعة الهيئات المعينة فقط، ويتعلق الأمر بالعناصر الأساسية التي تميز هذا النظام وتتمثل في امكانية تجديدها من عدمهبالإضافة إلى حصانة الأعضاء ضد العزل التعسفي وتحديد الحالات التي تتنافى فيها عهدة الأعضاء معمهام أو وظائف أخرى و ذلك من خلال : مثلا تلك التي يتمتع بها قضاة الو م أ ) بالنسبة لقضاة المحكمة العليا(، لكن التعيين مدى الحياة قاعدة لم تطبق بخصوص نموذج السلطات الإدارية المستقلة، فمدة العهدة التي يعمل خلالها أعضاؤها محدودة وفق أغلب التشريعات المقارنة حددت المدة الملائمة بمتوسط ست سنوات، حيث تتمكن السلطة خلالها من الوصول إلى تحقيق أفضل النتائج. وقد اعتبر تقرير لجنة تقييم ورقابة السياسات العمومية لسنة 2010 مدة ست) 6( سنوات مدة كافية لأداءالسلطة لمهمتها وضمان استقلاليتها و قد تم تكريس هذا ضمن اغلب السلطات ثانيا : حالات التنافي و إجارء الامتنا ع يهدف إدارج حالات التنافي في عضوية السلطات الإدارية المستقلة مع وظائف أخرى،