تَميّزت الحروب في العصور القديمة بوحشيتها وقسوتها، لكن الإنسان سرعان ما أدرك مآسيها وآلامها، فبدأ بوضع قواعد وأعراف ومواثيق لتقنينها. تُظهر آثار حضارات ما بين النهرين، ومصر، والشرق الأقصى، واليونان، والرومان، وإفريقيا، قسوة الحروب أحياناً ورحمةً أحياناً أخرى. فقد كان للرومان واليونانيين قوانين حرب تختلف عن تلك التي لدى البرابرة، كما عرف بعضهم مواثيق شرف تستثني فئات معينة من القتال. مثّلت الحضارة المصرية مثالاً على احترام الغريب، كما نصت وصية مصرية قديمة على ضرورة إطعام العدو. أما الحيثيون فكان لهم قانون قائم على العدالة، وعقدوا معاهدات مع مصر. في آسيا، دعت البوذية للرأفة، بينما دعا كونفوشيوس للتضامن. احتوت التعاليم الهندوسية القديمة، مثل "قانون مانو"، على قواعد تحرم قتل الأسرى أو النائمين أو من لا يحملون سلاحاً. في اليونان، انتقد بعض المفكرين الحرب، وساد التحكيم ومعاهدات عدم الاعتداء بين المدن. تأثر الفكر الروماني باليوناني، فناقش شيشرون الحروب المشروعة، مؤكداً ضرورة الإنذار الرسمي قبلها، مما أثر في القانون الكنسي لاحقاً.