وردنا من أحد القراء نقد للدكتور علي الوردي على بعض أحاديثه الماضية، فهو يصفه بالتناقض في أقواله. إن الوردي يقول : إن الحضارة الحديثة مليئة بالمساوئ والمخاطر وهو ينقل رأياً لأحد الباحثين فحواه أن الحضارة الحديثة سوف تؤدي إلى هلاك البشرية. ولكن الوردي في الوقت الذي يقول بهذا الرأي يقول أيضاً؛ إننا يجب أن نسير في طريق الحضارة الحديثة وأن نزيح عنه كل ما يعرقل علينا السير فيه، فكيف يمكن التوفيق بين قوله الأول وقوله الثاني؟!). وقد أحلنا هذا النقد إلى الدكتور الوردي فكتب في الرد عليه ما يأتي : الواقع أننا نقف تجاه الحضارة الحديثة في مأزق ـ أو ما يسمى باللغة الإنكليزية (dilemma) - فنحن يجب أن نسير في طريقها من جهة، ولكنها من الجهة الأخرى مليئة بالمساوئ والجوانب السلبية فماذا نصنع تجاه ذلك؟! الحضارة الحديثة لا يمكن أن تبقى صامدة تجاه الصراع الهائل الذي يعم العالم اليوم . أما الآن فإن السيف قد ذهب زمانه وحل محله العلم والتقنية الحديثة. ولكن مشكلته أنه لم يستطع أن ينجح في سياسته الانعزالية. وهو لو لم يسقط في الوقت الذي سقط فيه لسقط في وقت آخر بعده. يروى عن الإمام يحيى في أثناء الحرب التي نشبت بينه وبين خصمه عبد العزيز بن سعود، في عام ۱۹۳۳ ، ومن الجدير بالذكر في هذا الصدد أن رباط الخيل) الذي ذكره القرآن ليس المقصود به الخيل فعلاً بل المقصود به السلاح الذي يمكن به التغلب على العدو. فإن الطائرات والصواريخ والدبابات تقوم اليوم مقام الخيل كما لا يخفى.