ميدان - الأندلس تاريخ الخلافة الإسلامية حرب حروب جنود كان الخليفة الحكَم المستنصر بن عبد الرحمن الناصر (350 – 366هـ/961- 977م) آخر عظيم أموي في الأندلس على الحقيقة، وهشام الذي اضطر الحكَم إلى إعلانه وليا للعرش قُبيل وفاته سنة 365هـ، وما لبث المستنصر أن وفاته المنية سنة (366هـ/976هـ) عن عُمر ناهز الرابعة والستين عامًا. الحاجب المنصور بن أبي عامر وقائد الشرطة محمد بن أبي عامر الذي كان على صلة وثيقة بصبح حين كان وكيلا لأعمال وأملاك ولدها هشام الثاني المؤيّد. منذ تلك اللحظة ولمدة ربع قرن قادم بوصاية على الأمويين تشبه ما قام به البويهيون والسلاجقة في المشرق على بني العباس. تمثال للحاجب المنصور بن أبي عامر الذي لم يهزم قط (327هـ/938م - 392هـ/1002) (مواقع التواصل) تمثال للحاجب المنصور بن أبي عامر الذي لم يهزم قط (327هـ/938م – 392هـ/1002) (مواقع التواصل) حتى إنه حين وفاته قد جمع غبار تلك المعارك التي بلغت أكثر من خمسين غزوة وأوصى أن تنثر على كفنه. وهي بمثابة رئاسة الحكومة والدولة على الحقيقة مع وجود الخليفة الضعيف المحجور عليه هشام المؤيّد بن الحكم، ولقد شابه المظفر عبد الملك أباه في اليقظة والذكاء والحنكة والمهارات السياسية والعسكرية، فغزاهم ست غزوات في عصره القصير كُتب له فيها الظفر والنصر، لكن باغته الموت وهو ما يزال شابًا في الرابعة والثلاثين من عمره في 16 صفر سنة (399هـ/ أكتوبر (تشرين الأول) 1008م)، ذلك أنه لم يكن أخا شقيقا للمظفر عبد الملك الذي كانت أمهم سلمة حرة، وكانت أمه الأميرة النافارية حينما تزوجت المنصور قد اعتنقت الإسلام، بل فوق ذلك أرهب الخليفة الضعيف -هشام المؤيد- واضطره إلى إعلانه وليا للعهد في سابقة لم تحدث، يريد بذلك نزع الخلافة وانتقالها من بني أمية إلى بني عامر، ولم يجرؤ على هذه الخطوة لعواقبها الوخيمة في نفوس الشعب الأندلسي، وأعلنه على عامة الناس بقرطبة في (15 ربيع الأول 399هـ/نوفمبر 1008م)، حتى أعلن أحدهم وهو محمد بن هشام بن عبد الجبار بن عبد الرحمن الناصر تزعّمه لحركة العصيان والانقلاب على الحاجب عبد الرحمن "شنجول"، وتمكن من خلع قريبه الخليفة الضعيف -هشام المؤيد- في (17 جمادى الآخرة سنة 399هـ/ 16 فبراير 1009م)، وحاول أن يأخذ العهد على كبار رجال جيشه بنُصرته في المواجهة المرتقبة أمام الأمويين، حتى إن والي طُليطلة أحد أشد الموالين لأبيه المنصور لم يقف بجوار شنجول في هذه المحنة، فما كاد يقترب من قرطبة حتى تمكن الجند الموالي للمهدي بالله الخليفة الجديد من القبض عليه وقتله[6]. أحسّ المهدي بالقوة المفرطة بعد القضاء على خصومه، وكان كما يقول أديب الأندلس ومؤرخها، لسان الدين بن الخطيب "جرار جسور، هؤلاء العظماء الذين حكموا الأندلس بالسياسة الثاقبة، والنظر إلى تقديرات المواقف والعواقب. بصورة أفقدته تأييد أقرب المُقرَّبين له وهو ولي العهد سليمان بن هشام الأموي، فجرّ على نفسه عداوة أخرى أطم وأعظم حين أعلن عداوة البربر، وكان المهدي بالله يمقتهم أشد المقت لأنهم كانوا عضد المنصور ابن أبي عامر على الأمويين[8]. فقرر هشام بن سليمان والد ولي العهد أن يتحالف مع بقايا القادة العسكريين العامريين الصقالبة والبربر، خرج محمد المهدي بالله في جموعه لمواجهة خصومه، ودار القتال بينهم على مدار يومين متواليين في قرطبة، وقد أسفرت المعركة عن هزيمة هشام وجموعه من البربر والعامريين، فأُسر هشام وابنه وأخوه أبو بكر ونفر من الزعماء الآخرين، فأعملت فيها التدمير والنهب حتى دخل الليل، وكان ذلك في أواخر (شوال 399هـ/يونيو 1009م). ثم انسحب معظمهم إلى أرملاط (Guadimellato) ضاحية قرطبة، ووقع القتال بقرطبة بين من تبقى منهم وبين العامة،