إن العمل التطوعي المحمود بما يحمله من معان سامية، وقد تعددت مجالاته وتنوعت لأنه زائد على واجبات المكلف من جهة؛ ولأن نفعه يُصيب صاحبه ويتعدى إلى الآخرين من جهة أخرى. ويمكن تقسيم هذه المجالات لكثرتها إلى ثلاثة أقسام رئيسة)، وكل قسم من هذه الأقسام تندرج فيه ضمنياً مجالات العمل التطوعي المادية والمعنوية. فإن التطوع يمثل جانباً كبيراً من عبادة المكلف، فالمسلم يتطوع بما هو زائد على فرائضه وواجباته من نوافل وسنن وقربات. يُسْمَعُ دَوِيٌّ صَوْتِهِ وَلَا يُفْقَهُ مَا يَقُولُ، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : «وَصِيَامُ رَمَضَانَ قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟ قَالَ: «لَا، قَالَ : هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: «لَا، والمعنى: لكن إذا أتيت بما زاد على هذه الصلوات الخمس من النوافل، فإنه تطوع مُستَحَبُّ تُثاب عليه. وقال بعضهم: الاستثناء متصل، والمعنى لا يجب عليك أي صلاة أخرى إلا إذا شرعت في صلاة نافلة فيجب عليك إتمامها، ونستنتج من هذا الحديث: أن دائرة التطوع في العبادات واسعة بدليل أنه لم يُخصص، وتكمن الحكمة من تشريع الدين الإسلامي للتطوع في العبادات؛ كما أنه يُهيئ نفس العبد للفريضة من جهة أخرى، وقد أشار لذلك ابن دقيق العيد حل له فقال: «في تقديم النوافل على الفرائض وتأخيرها عنها معنى لطيف مناسب، فإذا قدمت النوافل على الفرائض أَنِسَت النفس بالعبادة وتكيفت بحالة تقرب من الخشوع، فقد ورد أن النوافل جابرة لنقص الفرائض، فالتطوع بأداء النوافل والقربات في جميع حالاته يعود بالخير على المكلف، سواء كان ذلك قبل الفريضة أو بعدها. والكلام في مسائل التطوع في مجال العبادة طويل، والذي يهمني في موضوع بحثي هو : إبراز المجالات الأخرى المتمثلة في جانب المعاملات المالية والجانب الإنساني الاجتماعي، وجعلت كل قسم منها ضمن مبحث وسوف أشير لبعض التفصيلات التي تهمني وتفيدني في كل قسم منها بإذن الله.