قال تعالى: احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ ) 1 - مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إلى صراط الجَحِيمِ} [الصافات: ۲۲ - ۲۳] . ويشكر من دونه. فلا يغمط حقا، ولا يؤذي مخلوقا، قال تعالى: {من عمل صالِحًا من ذكر أو أنثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاهُ طيبة) [النحل: ۹۷] وفي الآخرة ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم [الصف: ١٢]. أما من عاش في هذه الحياة عيشة شبيهة بحياة البهائم، فلا يعرف ربه، ولا يدري ما ا غايته؟ ولا يعلم أين مصيره؟ بل غايته أن يأكل ويشرب وينام . فأي فرق بينه وبين سائر الحيوانات؟ بل هو أضل منها، ٤٤١ ۱۰ - أنه يخلد في العذاب ذلك أن الكافر ينتقل من عذاب إلى عذاب، قال تعالى مخبرا عن آل فرعون النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا عُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ العَذَابِ ) غافر : ٤٦] ثم إذا كان يوم القيامة وبعثت الخلائق، وعرضت الأعمال، ورأى الكافر أن الله قد أحصى عليه جميع أعماله في ذلك الكتاب الذي قال الله عنه: {وَوُضِعَ الكِتابُ فَتَرَى المُجْرِمِينَ مُسْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يُغَادِرُ صَغِيرَهُ وَلَا كَبيرة 1 إلا أحصاها} [الكهف: ٤٩] هناك يود الكافر لو كان ترابا: يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ ) وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنت تُرَابًا} [النبأ: ٤٠]. ولشدة هول الموقف فإن الإنسان لو كان يملك جميع ما في الأرض لافتدى به من عذاب | ا ذلك اليوم، قال تعالى: {وَلَوْ أن للذين ظلموا ما في الأرض جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لأَفتَدَوْا بِهِ} [الزمر: ٤٧] وقال تعالى: {يَوَدُّ المُجْرِمُ لَوْ يَقْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِيذٍ بِبَنِيهِ - وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ ا - وفصيلته التي تؤويه - وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنحِيهِ} [المعارج ١١ - ١٤]. ولأن تلك الدار دار جزاء وليست دار أماني فلا بد أن يلقى الإنسان جزاء عمله إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، وقد نوع الله ) على أهلها أصناف العذاب ليذوقوا وبال أمرهم، فقال تعالى: هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا المُجْرِمُونَ - يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ أن} [الرحمن: ٤٣ - ٤٤] وقال مخبرا عن شرابهم وملابسهم: فَالذِينَ كَفَرُوا قطعت لهم ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقَ رُءُوسِهِمُ الحَمِيمُ . يُصْهر به ما فِي بُطُونِهم والجُلُودُ - ولهم مقامع من حديد} [الحج: ۱۹ - ۲۱]. المطلب الخامس: الخاتمة (الموت) قال تعالى: أولا يذكر الإنسان أنا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا [مريم: ٦٧] ثم خلقك الله من نطفة، فجعلك سميعا بصيرا، قال تعالى: {هَلْ أتى على الإنسان حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مذكورًا - إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا | بصيرا} [الإنسان: ۱ - ۲ ثم تدرجت من ضعف إلى قوة، ومردك إلى ضعف، قال تعالى: الله الذي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفَ قُوَّهُ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَة 95 50 الثقافة الإسلامية الدكتور / مطلق المرشاد | لا تستطيع أن تدفع عن نفسك الضر، 1 ولا تجلب لنفسك النفع إلا باستعانتك على ذلك بنعم الله عليك من الحول والقوة والقوت ا وأنت فقير محتاج من حيث الفطرة، فكم هناك من شيء تحتاج إليه لاستبقاء حياتك ليس في متناول يدك، وتسلبه أخرى، يضرك ويخيب أمالك، ويضيع جهودك ويجلب لك المحن والآفات، وتريد دفعه عن نفسك فتدفعه مرة وتعجز أخرى. النَّاسُ أَنتُمُ الفُقَرَاء إلى الله واللهُ هُوَ الغَنِيُّ الحَمِيدُ [فاطر: ١٥] . ا يعترضك فيروس ضعيف لا تراه العين المجردة، فيرديك صريع المرض، فمرة يصيب الدواء، وتارة يعجز وصدق الله | حيث يقول: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرب مثل فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ا دُبَابًا ولو اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الدُّبَابُ شَيْئًا لا يَسْتَنقِدُوهُ مِنْهُ ضَعُف الطالب والمطلوب [الحج: ۷۳] فإذا كنت لا تستطيع استنقاذ ما سلبك الذباب فماذا تملك من أمرك ؟ : وقلبك بين إصبعين من أصابع الرحمن، يقلبه كيف يشاء . ا وحياتك وموتك بيده، وسعادتك وشقاوتك بيده، بل أنت مضطر إليه على مدى الأنفاس ظاهرا وباطنا، تتبغض إليه بالمعاصي والكفر مع شدة الضرورة إليه من كل وجه، قد اتخذته نسيا ومردك إليه ومرجعك وموقفك بين يديه "١٠٢. ا يا أيها الإنسان نظرا لضعفك وعجزك عن تحمل تبعات ذنوبك: يُريدُ اللهُ أَن يُخَفَّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإنسان ضعيفًا} [النساء: ۲۸] أرسل الله الرسل، وشرع | الشرائع، ونصب أمامك الطريق المستقيم، وتتخذ الشيطان وليا من دون الله، وتجادل بالباطل وكان الإنسان أكثر شَيْءٍ جدلا} [الكهف: ٥٤] أنستك نعم الله التي تتقلب فيها بدايتك ونهايتك أولا تذكر أنك خلقت ا من نطفة؟ ومردك إلى حفرة، ومبعثك إلى جنة أو نار، قال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الإِنسَانُ أَنا خَلَقْنَاهُ من نطفة فإذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ - وضرب لنا مثلا ولسي خلقه قالَ مَنْ يُحْيِي العظام وَهِيَ رَمِيمٌ - قُلْ يُحْييها الذي أنشأها أول مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلَقَ عَلِيمٌ} [يس: ۷۷ - ۷۹] قال تعالى {يَا أَيُّهَا الإنسان ما غرك بربك الكريم - الذي خلقك فسواك فعدلك - في أي صورة ) ما شاء ركبك} [الانفطار : ٦ - ٨]. ا يا أيها الإنسان لماذا تحرم نفسك لذة الوقوف بين يدي الله تناجيه ليغنيك من فقر، ويغفر ذنبك، ويكشف ضرك، ويدلك إن تحيرت وضللت، ويعلمك ما جهلت، ويؤمنك إذا خفت، ويرحمك حال ضعفك، ويرد . يا أيها الإنسان إن أعظم نعمة أنعم الله بها على الإنسان - بعد نعمة الدين - هي نعمة العقل، ليميز به بين ما ينفعه وما يضره، وليعقل عن الله أمره ونهيه، قال تعالى: {وَما يكُم مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا | يا أيها الإنسان إن الإنسان العاقل يحب معالي الأمور، ويود أن يقتدي بكل صالح وكريم من الأنبياء والصالحين، وتتطلع نفسه إلى أن يلحق بهم وإن لم يدركهم، والصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رفيقا) [النساء: ٦٩]. يا أيها الإنسان إنما أعظك بأن تخلو بنفسك، وقد وعظ الله الكفار بهذا وندبهم . ا مِنْ حِنَّةٍ إن هو إلا نَذِيرٌ لكم بين يدي عَذاب شديد [سيا: ٤٦] . يا أيها الإنسان إنك حينما تسلم لن تخسر شيئا، قال تعالى: وَمَادًا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ واليوم الآخر وأنفقوا مما رزقهم الله وكان الله بهم عَلِيمًا} [النساء: ۳۹] قال ابن كثير رحمه الله: " وأي شيء يضرهم لو آمنوا بالله وسلكوا الطريق الحميدة، وبمن يستحق الخذلان والطرد عن جنابه الأعظم الإلهي الذي من طرد عن بابه فقد خاب وخسر في الدنيا والآخرة " ١٠ إن إسلامك لن يحول بينك وبين أي شيء تريد عمله أو تناوله مما أحله الله لك، بل إن الله يأجرك على كل عمل تعمله تبتغي به وجه الله، في مالك أو جاهك أو شرفك،