في القرن الثالث الهجري، نشأت دولة مستقلة عن دولة الخلافة العباسية في منطقة نجد، تُعرف باسم "الدولة الأخيضرية". أسسها محمد الأخيضر سنة ٢٥٣ هـ (٨٦٧ م)، واستمرت حتى منتصف القرن الخامس الهجري. بعد سقوطها، أصبحت بلاد نجد مجزأة إلى إمارات صغيرة. بعضها ارتبط بالدويلات التي قامت في منطقة الأحساء، مثل الدولة العيونية (٤٦٧ هـ -٧٥٠ هـ تقريبا) ودولة بني عامر بن عقيل (٧٥٠ هـ - ٩٣٢ هـ)، ثم دولة بني خالد التي قامت عام ١٠٨٠ هـ. أخذ الأتراك العثمانيون منطقة الأحساء سنة ٩٦٣ هـ، لكنهم لم يتدخلوا في نجد. لم تشهد المنطقة ولاة عثمانيين ولا حامية تركية، وذلك لأن الدولة العثمانية لم تكن مهتمة بإخضاع نجد لحكمها. كان اهتمامها منصبًا على الحجاز والأماكن المقدسة الإسلامية، بالإضافة إلى السواحل الغربية والشرقية للجزيرة العربية، خاصة بعد تعرض هذه السواحل لحملات البرتغاليين في القرن الخامس عشر الميلادي. استمر العثمانيون في حكم منطقة الأحساء حتى دخلت دولتهم فترة انحطاط في عهد السلطان محمد خان الرابع في العقد السابع من القرن الحادي عشر الهجري. تمكن بنو خالد، بقيادة براك بن غرير آل حميد، من إجلاء الحامية التركية والاستيلاء على الأحساء سنة ١٠٨٠هـ (١٦٦٩م). وفي أوج قوة بني خالد، تمكنوا من مد نفوذهم إلى الكويت وبعض بلاد نجد. منذ القرن الخامس الهجري، أصبحت بلاد نجد مقسمة إلى إمارات صغيرة متنازعة. بعضها خضع للدويلات التي قامت في منطقة الأحساء. يوضح تاريخ نجد في تلك الفترة - على اختصاره - حقيقة مرعبة: القوم كانوا في عراك مستمر ومرابطة دائمة، وثأر لا ينقطع، يتربص بعضهم ببعض. ذهب في هذه الحروب أعداد كبيرة. كانت هذه الإمارات والقرى لا تعرف السكينة والأمن والحرية إلا قليلا. في الحرب، يُقتل أبناؤها، ويدمر بناؤها، ويحرق نخيلها، ويتلف زرعها. وفي فترات السلم، يحبس الناس في بلدانهم، فلا يستطيعون الابتعاد عنها إلا بمغامرة. تُعتبر إمارات نجد في تلك الفترة تجسيدا لقصة ملوك الطوائف في الأندلس.