المبحث الأول: الخصائص العامة للقاعدة. نتناول فيه قضية خصائص القاعدة، فكل قاعدة حتى تكون قاعدة ينبغي أن تتصف بجملة من الصفات والعناصر، التي تكسبها صبغة معينة وصفة تلازمها لزوما يؤهلها بأحقية التسمية، وهذا الأمر يتطلبه البحث الاستقرائي بالدرجة الأولى في مصنف ما عند جرد القواعد وجمعها وترتيبها وتبويبها وتصنيفها قصد الدراسة والتوثيق ورصد وجوه الإعمالوالتدليل. وعلى حال فإن المقصود بالخصائص هي المقومات والعناصر الأساس التي تشكل كيان القاعدة عموما، والقاعدة الأصولية والفقهية والتفسيرية من أنواعها، والاطراد والسريان، وإحكام الصياغة وسبك العبارة، وغير ذلك من والغرض من الوقوف على هذه العناصر هو الكشف والتحديد المقومات القاعدة، وتلمس خصوصياتها،بفضل ما تتصف به عناصرها ومقوماتها. هذا ويمكن إجمالها في العناصر الآتية الجامعة لصفات أراها في اعتقادي مناسبة وضرورية في المطالب الآتية وهي: الشمول والاستيعاب، والاطراد والسريان،وحصول المنفعة والثمرة أداء.هذا بإجمال لهذه العناصر والمقومات فماذا عن العنصر الأول، وهو المطلبالأول ؟.المطلب الأول: الشمول والاستيعاب.والمقصود بالشمول والاستيعاب كون القاعدة مشتملة على جزئيات كثيرة ومنسجمة ومتناسقة في أداء الغرض، بحيث لا تلحظ منها تخلف أو استثناء أو شذوذ في موضع إعمالها، ويعبر عنها أيضا بالشمول والعموم، وأيضا بالكلية والانطباق التام، وتحقق معنى الاشتمال، وعلى كل حال كل هذه الأوصاف والسمات تصب في يوثقة واحدة تؤدي معنى معين يتمثل في القوة، أي: انطباق القاعدة على جميع جزئياتها بالقوة،القاعدة.أحكام جزئيات موضوعها ، في حين عبر البعض بالانطباق فوصفها بالقوة. والعموم والشمول يأخذ منحاه ومنطلقه من اصطلاح الكلية، وهي من أهم عناصر وسمات القاعدة، كلا لا جزءاً، ويقابلهاالجزئية وهي كون الشيء جزءا لا كلا.والكلية عند المناطقة هي ثبوت الحكم لكل فرد من أفراد الجنس، كقوله :( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ اجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ )وفي اصطلاح الفقهاء هي تعلق الحكم بجزئياته كلها أو جلها، لأنه إذا تعلق بجزئية واحدة كان حكما جزئيا غير كلي، قاصرا غير متعد، وحينئذ لا يصلح أن تنتهض به