لفهم ديناميكيات السوق والمنافسة بعمق،  من الضروري امتلاك معرفة دقيقة بالأنواع المختلفة لهياكل السوق.  تحدد هذه الهياكل مستوى المنافسة داخل السوق،  وتؤثر بشكل كبير على سلوك الشركات والمستهلكين.  سنقوم في هذا السياق باستكشاف أربعة أنواع رئيسية من هياكل السوق،  واستعراض آثارها الاقتصادية. المنافسة الكاملة:
  في هذا النوع من الأسواق،  لا توجد حواجز أمام دخول أو خروج الشركات،  وتكون الشركات "متلقية للأسعار"،  مما يعني أنها لا تستطيع التحكم في أسعار منتجاتها.  مثل سوق القمح،  حيث ينتج العديد من المزارعين نفس المنتج ويبيعونه.  تعمل أسواق المنافسة الكاملة على تعزيز الكفاءة الاقتصادية،  2 - الاحتكار:
 الاحتكار هو هيكل السوق الذي يتميز بوجود بائع أو منتج واحد فقط يقدم منتجًا أو خدمة فريدة،  مع وجود حواجز كبيرة تمنع دخول المنافسين الجدد.  يمتلك المحتكر السيطرة الكاملة على تحديد الأسعار وكميات الإنتاج،  مما يمنحه قوة سوقية كبيرة.  مثال كلاسيكي على الاحتكار هو الهيمنة التي تتمتع بها شركة Microsoft في سوق أنظمة التشغيل من خلال نظام التشغيل Windows.  وتقلص خيارات المستهلك، في إطار نشاطنا،  سأختار متجر بقالة في منطقتي وهو "مجموعة جود التجارية"،  وهي سلسلة من محلات بيع المواد الغذائية.  هذه المجموعة تقدم مجموعة متنوعة من المنتجات الغذائية وتستهدف تلبية احتياجات المستهلكين المحليين بمنتجات عالية الجودة وبأسعار تنافسية. أولا:
 تنتمي شركة "جود التجارية" إلى هيكل سوق المنافسة الكاملة،  كونها تبيع منتجات غذائية متطابقة مع تلك التي تبيعها المتاجر الأخرى.  يتميز سوق المنافسة الكاملة بعدة خصائص:
  قوانين منع الاحتكار،  وقوانين حماية المستهلك.  هذه اللوائح تضمن أن يتم التداول بشفافية وعدالة وتحمي المستهلكين من أي ممارسات تجارية غير عادلة. - مرونة السعر: في هذا النوع من الأسواق،  لا يتمكن التجار من رفع الأسعار بشكل كبير لأن المنتجات المباعة تكون متطابقة. - سلوك المستهلك: تتأثر تفضيلات المستهلكين بعوامل متعددة،  مثل مستوى الدخل،  والتفضيلات الشخصية،  وفترات التسوق خلال الشهر.  هذه التفضيلات تؤثر بدورها على قرارات الشراء وسلوكيات التسوق.  قد تشهد بعض المنتجات زيادات في الأسعار خلال فترات معينة من السنة نتيجة زيادة الطلب عليها،  مما يؤدي إلى نقص في الكميات المعروضة.  على سبيل المثال،  قد ترتفع أسعار ألعاب الأطفال قبل الأعياد بسبب زيادة الطلب عليها،  في هذا السياق،  وجودة الخدمة دورًا هامًا في كمية المنتجات المباعة. ثانيا:
  حيث يتم الإنتاج عند حدود إمكانية الإنتاج.  في سوق تنافسي تمامًا،  يؤدي الدخول والخروج الحر للشركات إلى استقرار السعر في السوق عند المستوى الذي يساوي الحد الأدنى لمنحنى متوسط التكلفة على المدى الطويل.  بعبارة أخرى،  هذا يعني أن الموارد المتاحة تُستخدم بكفاءة قصوى، الكفاءة التخصيصية:
 تعني الكفاءة التخصيصية أن النقطة المختارة من بين النقاط على حدود إمكانية الإنتاج تكون مفضلة اجتماعيًا بمعنى معين ومحدد.  في سوق تنافسي تمامًا،  يمكن اعتبار السعر المدفوع مقابل السلعة كمقياس للفائدة الاجتماعية المستمدة من تلك السلعة؛  إذ يعكس الاستعداد للدفع قيمة السلعة للمشتري.  وبالمقابل،  تعكس التكلفة الهامشية لإنتاج السلعة ليس فقط تكلفة الشركة،  ولكن أيضًا التكلفة الاجتماعية الأوسع لإنتاجها. عندما تتبع الشركات في سوق تنافسي كامل القاعدة التي تقضي بزيادة الأرباح إلى أقصى حد من خلال إنتاج الكمية التي يكون السعر فيها مساويًا للتكلفة الهامشية،  حيث يتم تخصيص الموارد بطريقة تحقق أكبر فائدة للمجتمع.  (شابيرو, 2023)
 - الكفاءة الإنتاجية: بما أن المنتجات في السوق متطابقة،  ستسعى متاجر جود إلى جذب المستهلكين بطرق ابتكارية بعيدًا عن الأسعار الثابتة.  تحسين جودة عرض المنتجات،  وتقديم ميزات إضافية مثل خدمة توصيل الطلبات إلى المنازل،  ومرونة الدفع،  كإمكانية الشراء بالدين.  هذه الابتكارات تساعد في تعزيز رضا العملاء وزيادة الولاء، - الكفاءة التخصيصية: تتمتع شركة جود التجارية بكفاءة تخصيصية جيدة نظرًا لأن المواد التي يتم بيعها لديها تاريخ صلاحية طويل يصل إلى ثلاث سنوات.  يمكن للمتجر الاستفادة من وفورات الحجم على المدى الطويل واستخدام المخزون خلال الفترات الموسمية التي يشهد فيها الطلب ارتفاعًا كبيرًا.  على سبيل المثال،  يزداد الطلب على التمور قبل رمضان.  يقوم متجر جود بشراء التمور بسعر منخفض خلال العام وتخزينها،  ثم يعرضها بسعر مناسب خلال رمضان عندما يزداد الطلب وترتفع الأسعار.  هذه الاستراتيجية تتيح لمتجر جود تحقيق مبيعات وأرباح جيدة،  حيث يستفيد من الأسعار المنخفضة التي حصل عليها مسبقًا مقارنة بالمتاجر الأخرى التي تضطر لشراء التمور حديثًا بأسعار مرتفعة، توثر خصائص السوق في المنافسة الكاملة بشكل متفاوت على سياسة واستراتيجية تسعير المنتجات بالنسبة لمتجر جود،  وذلك بسبب التغيرات الموسمية في أسعار المواد وإمكانية شراءها وتخزينها والاستفادة من وفورات الحجم.  يكون لقوانين ونظم السوق تأثير أكبر في تحديد الأسعار،  مما يجعل من الصعب على شركة جود تغيير الأسعار بشكل كبير مهما كانت الخدمات التي تقدمها. أما فيما يتعلق بنهج الابتكار،  حيث تسعى الشركة باستمرار إلى ابتكار أفكار جديدة لجذب الزبائن وزيادة المبيعات.  يكون العامل الرئيسي الذي يؤثر على الأرباح هو كمية المنتجات المباعة بالنظر إلى ثبات الأسعار وتطابق المنتجات المباعة مع المتاجر الأخرى.  وبالتالي،  تقوم شركة جود بتقديم خدمات للزبائن وإطلاق عروض خاصة وتقديم كوبونات للدخول في سحوبات على الهدايا وغيرها من الأفكار الإبداعية الأخرى لجذب المزيد من الزبائن وزيادة حجم المبيعات. تحدثت عن هيكل السوق الاحتكارية لشركة مايكروسوفت،  والتي تنتج برمجيات فريدة مثل نظام التشغيل ويندوز وبرامج أوفيس.  بالرغم من وجود منافسين مثل نظام Linux،  فإن ويندوز معتمد عالميًا ومفضل لدى الشركات والمستخدمين،  مما يمنح مايكروسوفت القدرة على تحديد السعر وتحقيق الأرباح المرغوبة.  تكتسب مايكروسوفت كفاءة اقتصادية جيدة في الإنتاج والتخصصية لأن منتجاتها فريدة وغير متطابقة مع منتجات الشركات الأخرى. من خلال برامجها الشهيرة مثل أوفيس،  تستطيع مايكروسوفت تحقيق أرباح هائلة،  وتشجعها هذه النجاحات على الابتكار وتطوير منتجات جديدة.