5 ـ قيام الرسول صلى الله عليه وسلم ببنائه ومشاركته أصحابه في ذلك . فضائل المسجد النبوي فيها دلالة واضحة على فضل عمارته وتوسعته وترميمه وتجديده، كما يدل على فضل عمارته الاهتمام البالغ من النبي ﷺ حيث قام بشراء أرض مسجده، و إصلاحها لإعماره، ففي صحيح البخاري أن رسول الله r لما انطلق من قباء بعد ما أسس فيه المسجد وصلى فيه (( ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ، فَسَارَ يَمْشِي مَعَهُ النَّاسُ حَتَّى بَرَكَتْ عِنْدَ مَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ بَرَكَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ: «هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ المَنْزِلُ». ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الغُلاَمَيْنِ فَسَاوَمَهُمَا بِالْمِرْبَدِ، فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ أَنْ يَقْبَلَهُ مِنْهُمَا هِبَةً حَتَّى ابْتَاعَهُ مِنْهُمَا، وَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْقُلُ مَعَهُمُ اللَّبِنَ فِي بُنْيَانِهِ وَيَقُولُ، وفي رواية أخرى لأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أيضا، فَأَرْسَلَ إِلَى مَلَإٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ فَقَالَ: «يَا بَنِي النَّجَّارِ ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ هَذَا»، وَبِالنَّخْلِ فَقُطِعَ، فَصَفُّوا النَّخْلَ قِبْلَةَ المَسْجِدِ وَجَعَلُوا عِضَادَتَيْهِ الحِجَارَةَ، ويدل على فضل عمارة المسجد النبوي وتوسعته حديث قَتَادَةَ رضي الله عنه، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (( مَنْ يَشْتَرِيهَا وَيُوَسِّعُهَا فِي الْمَسْجِدِ وَلَهُ مِثْلُهَا فِي الْجَنَّةِ))([16]). وقال شيخ الإسلام رحمه الله: قال أبو غسان: وأخبرني غير واحد من ثقات أهل البلد: أن عثمان رضي الله عنه زاد في القبلة إلى موضع القبلة اليوم، وقد توالت بعد عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الاهتمام البالغ من الخلفاء والملوك بمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى هذا العهد الزاهر عهد الدولة السعودية التي أولت مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم الاهتمام البالغ حتى أصبح صرحا شامخا ومنارا زاهرا، وعمارة عربية وتأريخية، كما سيتبين ذلك في صدد ذكر تاريخ عمارة المسجد النبوي وتوسعاته،