قالت شهرزاد: بلغني أيها الملك السعيد أنه كان في قديم الزمان في مدينة الصين رجل خياط واسع الرزق، وفي طريقهما عائدين إلى منزلهما مرَّا برجل أحدب يضرب على دُفٍّ ويغنّي بحرارة، وبينما كانوا يأكلون أخذت زوجة الخياط قطعة كبيرة من السمك فيها شوك ووضعتها في فم الأحدب، ولما قرعوا باب الطبيب استقبلتهم جاريته فدفعوا إليها مالا وقالوا عندنا مريض فنادي لنا الطبيب، وأقبل الطبيب مسرعا فلم يشعر حتى داس الأحدب برجله فظن أنه قتله، فقالت ما أرى لنا من حيلة إلا أن نَرْمِيَه في بيت جارنا قبل طلوع الفجر. ثم إنهما أنْزَلَا الأحدب في بيت الجار وأسنداه إلى حائط المطبخ. فلما فتح الباب وجد شخصا واقفا بجانب المطبخ، ثم حمله على كتفه وخرج به إلى السوق وأسنده إلى أحد الدكاكين، قد خرج لبعض شأنه فرأى الأحدب فظن أنه لِص يتربّص به، فجاء الحارس فوجد الأحدب ميّتا فقبض على السِّمْسار وذهب به إلى الوالي، وشاع في المدينة أن سِمْسارا قتل أحدبَ وأن الوالي أمر بقتل السِّمسار، فقال الوالي: ولم قتلتَه؟ قال: إني دخلت البارحة منزلي فرأيت الأحدب نزل من السطح وسرق من بيتي، فأطلق السيَّاف كبير الطباخين وقبض على الطبيب! وبينما هم كذلك إذا بالخياط يشق الصفوف، قال السياف: وكيف كان ذلك؟ فجئت به إلى بيتي واشتريت سمكا وجلسنا نأكل فأخذتْ زوجتي قطعة سمك بها شوك فدسَّتها في فم الأحدب فغصّ بها فمات لوقته! ثم أخذناه إلى بيت الطبيب، فتعجَّب الوالي وأمر باعتقال الخيّاط وأخْلى سبيل الطبيب! فلما غاب سأل عنه الملك بعضَ الحاضرين، فقال الملك لحاجبه: اذهب إلى الوالي وَأْمُرْه أن يأتِيَني بهم جميعا، وجعل يسأل كل واحد منهم عن أغرب ما سمع وأعجب ما رأى، وكان مما قصه الخياط قصة مُزَيِّن بغداد الذي كان في السجن، فقال الملك: وما سؤالك عنهم؟ فقال: إن لي نصيبا من الفِراسة والتجربة، فلما حدّثوه قال: والله إن هذا لشيء عجيب! اكشِفوا لي عن هذا الأحدب فكشفوا له عنه، فقال الملك: ما يضحكك أيها المزيّن؟ فقال: وحقِّ نعمتك أيها الملك إن الأحدب فيه الروح! فدُهِش الملك وقال: ويحك ماذا تقول؟ فأخذ المزيّن رَقَبة الأحدب ودهَنها وغطّاها حتى عرِقَتْ، ثم أخذ كَلْبَتَين وأدخلهما في حلق الأحدب وأخرج قطعة السمك كاملة، وقال الملك: والله إن هذا لشيء عُجاب! ما رأيت في حياتي ولا سعمت أغرب من هذا. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح!