مثّل الّلغة العربية حالة سوسيولسانية خاصّة نظرا لتنوّعاتها الّلسانية. فالتحدّث بالعربية يقتضي استعمال تنوّعات لسانية عديدة: العربية الفصحى بتنوّعيها( الكلاسيكية و الحديثة)، إضافة إلى الّلهجات العربية الموزّعة عبر الوطن العربي شرقا و غربا. فإنّ الّلغة العربية الفصحى المسمّاة بالأدبية هي الّتي تمثّل الواقع الّلساني الوحيد الّذي تجتمع حوله كلّ المجموعات البشرية العربية باختلاف أصولها وثقافاتها. فإنّه من الطبيعي أن تكون هذه الّلغة هي المقصودة بالمشاريع التعليمية في البلدان العربية و غير العربية. إن اللغة العربية في المنظومة التربوية الجزائرية وسيلة التعليم والتواصل والتبليغ، فتجعلها أداة طيعة لدى المتعلمين وسليقة فيهم بحيث تصبح أساس تفكيرهم و وسيلة تعبيرهم. فعملية الاتصال اللغوي هذه لا تعدو أن تكون تحدثا أو استماعا أو قراءة أو كتابة، وتلك هي مهارات اللغة وأدوات الاتصال اللغوي فيها . و قد جاء في مقدمة منهاج السنة الثانية من التعليم الابتدائي أن النظام التربوي يعكس طموحات الأمة ويكرس اختياراتها الثقافية والاجتماعية ويسعى في حركية دائمة إلى إيجاد الصيغ الملائمة لتنشئة الأجيال تنشئة اجتماعية تجعل منهم مواطنين فاعلين قادرين على الاضطلاع بأدوارهم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية على الوجه الأكمل. فحركية النظام التربوي تجد مصدرها في ضرورة التوفيق بين الثنائية القائمة بين ضرورة الحفاظ على التراث الثقافي الوطني والقيم الدينية والاجتماعية التي تميز المجتمع الجزائري عبر مسيرته التاريخية من جهة، واستشراف المستقبل بمستلزماته العلمية والتكنولوجية من جهة أخرى، وهي بذلك لا تواكب التقدم العلمي والمعرفي الذي أحدثته التقنيات الحديثة في الإعلام والاتصال . فالمجتمع الجزائري عرف تغيرات سياسية واجتماعية وثقافية عميقة غيرت فلسفته الاجتماعية وفتحت أمامه طموحات مشروعة للتقدم والرقي في ظل العدالة الاجتماعية والمواطنة المسؤولة تكون فيها روح المبادرة والبحث الدائم عن النجاعة المحرك الأساسي للتغير الاجتماعي . لقد كان التعليم يقتصر في الفترة الاستعمارية على تعليم القراءة والكتابة وإتقانها تمهيدا لحفظ القرآن الكريم وتجويده ثم تعليم المبادئ الأساسية للحساب فإذا أتم التلميذ حذق هذه المواد فإنه ينتقل إلى التعليم في المرحلة الأخرى. فإن الطلبة كانوا يدرسون علوما متنوعة وكانت بصفة عامة تنقسم إلى قسمين: علوم نقلية و علوم عقلية. وأما العلوم العقلية فقد كانت تشتمل على القواعد والبلاغة والمنطق، فإن أهم المواد المعتمدة في المنهاج الوطني خلال المراحل الأساسية هي:التربية الإسلامية والإجتماعية واللغة العربية والرياضيات والعلوم، بالإضافة إلى المواد التأسيسية وهي التكنولوجيا والتاريخ والجغرافية والموسيقى وفنون التصميم إلى جانب التربية البدنية واللغات الأجنبية المعاصرة ، وضعت بمعايير لتنمية عمليات التفكير ومهاراته ، ما يجدر ذكره هنا، ومن خلال تعلم القراءة، يقوم المتعلم ببناء فرضيات حول معاني الكلمات والتركيب اللغوي، بحيث ينتقل من القراءة التعلمية إلى القراءة التأملية، فالتلميذ حين يجد نفسه في وضعية القراءة والكتابة بمنطق البحث عن حل المشكلات، وعلى وجه العموم، مثل : تدوين المعلومات حين يقرأ ويسمع، والمبادرة باختصار الكلام وحوصلته، وبذلك يتدرج التلميذ شيئًا فشيئًا نحو القراءة التأملية. إن التفاعلية بين التعبير والقراءة والكتابة في حركية حلزونية لتمكن المتعلم في هذه السنة من اكتشاف طبيعة النظام اللغوي ومن التحكم بعد ذلك في وظيفة اللغة التعبيرية وامتلاك القدرة على توظيف كفاءاته القرائية والكتابية في وضعيات التعبير المختلفة والتواصل. وهي بحق مفتاح التعلم إذ بوساطتها يستطيع التلميذ التقدم في جميع النشاطات التعلمية. وعلى المدرس أن يعنى بالقراءة عناية فائقة ليأخذ كل تلميذ نصيبه منها بطريقة تثير اهتمامه وانتباهه وتفكيره. وعليه التركيز على قراءة النص قراءة مسترسلة معبرة. - التحكم في آليات اللّغة؛ - الاستئناس بأنماط النصوص؛ بل يستنهضه بالملاينة ووسائل الإغراء واختيار ما يثير شوقه ويوافق ميوله من قصص أو غناء أو تمثيل أو شعر، ويعالج أسباب ضعفه؛ وأن يكون شرحه للألفاظ والعبارات اللّغوية جذابا؛ - استغلال المناسبات الحماسية الهامة، فيجعل منها وسائل لإثارة دوافعهم إلى القراءة؛ - عدم الفصل بين القراءة والكتابة والتعبير والإملاء حيث يجب أن تتمحور جميعها حول نص القراءة. المعالجة البيداغوجية لنشاط القراءة أساس نشاطي التعبير الشفوي والكتابي حتى يحدث التفاعل بين هذه الأنشطة في حركة حلزونية ليصل المتعلم في الأخير إلى التحكم في الكفاءة المرجوة؛ يمكن تنشيط درس القراءة باتّباع الخطوات التالية : - تهيئة أذهان التلاميذ للدرس بأسئلة هادفة، مثيرة لاهتماماتهم وانشغالاتهم باستغلال معلوماتهم القبلية للتدرج بهم إلى موضوع الدرس، أو يكون ذلك بعرض صورة ذات صلة بالدرس المقصود، - يقرأ المعلم النص قراءة يراعي فيها جودة النطق وحسن الأداء وتمثيل المعنى؛ - قراءة التلاميذ للنص مع الحرص على مراعاة الاسترسال في القراءة وإخراج الحروف مخارجها الصحيحة دون إهمال تمثيل المعنى وحسن الأداء؛ - إلقاء أسئلة لمراقبة الفهم العام؛ - العودة ثانية إلى قراءة التلاميذ للنص مع الحرص على مظاهر الجودة فيها. وضعيات ممارسة القراءة : لقد خصصت المرحلة التمهيدية لتهيئة المتعلم من أجل النطق السليم وطلاقة اللسان وإدراك العلاقة بين الصورة والصوت بشكليه القصير والطويل. أما في هذه المرحلة الأساسية لتعلم القراءة فإن الهدف هو تعلم الحروف وضوابطها بحيث يتعرف عليها من خلال الكلمات والجمل ويربط الصلة بين الحروف وضوابطها ويتدرب على قراءتها واستعمالها وتركيبها في الكلمات والجمل. وتستوحى هذه الحروف والكلمات والجمل مباشرة من التعبير الشفوي بمختلف وضعياته. في هذه المرحلة يتعلم التلميذ القراءة مستعينا بمختلف السندات البصرية، نشاط التعبير الكتابي في المدرسة الجزائرية: إن المسعى المراد من التعبير الكتابي في السنة الثانية من التعليم الابتدائي إنما هو الاجتهاد في تهيئة المتعلم إلى التدريب على مبادئ الكتابة للتعبير عن اهتماماته. حيث إنه غالبا ما يكتب كما يتكلم أو يكاد. و لكن دون المبالغة. ويضاف إلى هذا، إن النجاح في تنشيط التعبير الكتابي موقوف على خلق الوضعيات المناسبة التي تتصل بالمتعلم نفسه، وتثير نشاطه بما يجعله يتحمس للتعبير- كتابة - عن رغبة وإرادة. فيتهيأون بذلك للنجاح في إنجاز مشاريعهم. إن القصد من التعبير الكتابي في هذا المستوى هو تحريك لملكة النشاط الفكري لدى المتعلمين وفق نموهم العقلي، ومن ثمة وجب على المدرس أن يتدرج بالتلاميذ إلى تنمية هذه الملكة بأسلوب تربوي يشجعهم على الكتابة. وفيما يأتي بعض أساليب تدريب التلاميذ على الكتابة التحريرية: - التعبير عن صور تمثل مشاهد مثيرة لاهتماماتهم . - تحرير حكاية موجزة. ـ بناء حوار بسيط بين شخصين. - القدرة على كتابة الحروف والكلمات بشكل صحيح ، - أن يكتب الطالب نصا شخصيا في موضوع معين لهدف معين. وضعيات ممارسة الكتابة : كما يعني كذلك تركيب الكلمات والجمل بواسطة التمارين الكتابية المختلفة مثل : نقل نماذج من الحروف والكلمات، والكتابة عن طريق الإملاء، وإنتاج جمل أو تحويلها أو ربط الكلمات فيما بينها. والمهم أن يبعث التعبير في التلاميذ الحيوية والنشاط والرغبة في التحدث. وفيما يأتي تفصيل القول في أوجه وضعيات تنشيط التعبير الشفوي والتواصل : ـ عرض صور تمثل مشاهد معينة أو استغلال الصور الموجودة في كتب القراءة. فهم يتحمسون للمشاركة في الدرس وتزداد حيويتهم ونشاطهم. ولذا، يجب أن يترك التلميذ ليعبر عن أفكاره ومشاعره بحرية دون فرض نموذج من التعبير عليه. و لا يتدخل المعلم إلا بالقدر الضروري للتوجيه والتصويب. و عبر نشاط التعبير الشفهي يتمّ تفعيل و تهذيب عملية الإصغاء الّتي تشكّل شرطاً ضرورياً لبناء التواصل اللغوي الناجح. و في إطار تعليمية اللغة العربية في المدرسة الجزائرية، - الإصغاء لكلام الآخرين واحترام آرائهم وتنفيذ إرشادات مسموعة؛ - إعادة ما يسمع بلغته الخاصة؛ - التفاعل مع ما يسمع من أغان أو خطاب؛ - اتخاذ موقف مما يسمعه؛ وضعيات ممارسة التعبير الشفوي : وبفضل هذه الوضعية نجعل المتعلمين ينتقلون من وضعية التعبير الذاتي إلى وضعية التواصل والتبادل. هذه المقطوعات تؤدى بعد ذلك في حصص المحفوظات وتستظهر خدمة للممارسة الشفوية للغة، وهذه الأنشطة والوضعيات تخصص لمرحلتي التعلمات التمهيدية والأساسية. المقاربة النصية للغة الشفوية و الكتابية : القصة، الشعر، وهكذا فإن اعتماد المقاربة النصية في هذا المستوى يسمح بتنويع أشكال التعبير التي تقدم للأطفال. وتعتمد المقاربة النصية على التماسك بين الجمل المشكلة للنص والتدرج النصي بحيث يتم فعل القراءة والكتابة على أساس هذه القواعد وفي حركات حلزونية. فالتلميذ وهو في مرحلة التحلـيل يقـرأ ويكتـب ثم يجرب القراءة بكيفية أخرى. و هلم جرا، فتكون بذلك هذه الأنشطة المتكاملة في خدمة تنمية كفاءة المتعلم القرائية والكتابية. فيستعمل من أجل ذلك اللوحة الحجرية أو المسودة التي تكون سندا ماديا مهما يعتمد عليه ليجرب بنفسه، فيبنى معارفه على أساس التجربة الذاتية، فيحاول الكتابة ثم يعيدها ثم يشطب أو يمحو ويغير إلى أن يعتقد أنه حقق النتيجة. فهو يحاول الكتابة ويراجع كتابته من حيث الرسم واستعمال السطر ومد الحروف وعلامات الفصل واختيار الكلمات المناسبة وترتيبها في الجملة، لكن دون أن يتدخل إلا من أجل التشجيع أو التنبيه، فهو يقف لدى الجميع، فيلاحظ الأعمال ويسجل بعض ما يلفت انتباهه من الأخطاء المرتكبة فتتاح له فرصة الاستعداد مسبقا لمرحلة ضبط الأوضاع في مجملها والبـتّ نهائيا في صلاحية النتائج أو عدمها. التعليق شفويا أو كتابيا عندما يقرأ ويسمع ووصف ما يشاهد من الأشياء والتدريب على فهم وإدراك ما يطلب منه فعله. إن التفاعلية والتكاملية بين أنشطة التعبير والقراءة والكتابة في حركة حلزونية لتمكن المتعلم الصغير شيئا فشيئا من اكتشاف عالم الكتابة وطبيعته فيؤدي به ذلك إلى امتلاك القدرة على توظيف كفاءاته القرائية والكتابية في وضعيات التعبير المختلفة. إن المقاربة النصية تقوم على أساس اتخاذ النص محورا تدور حوله جميع نشاطات اللّغة، فهو المنطلق في تدريسها وهو الأساس في بناء الكفاءات اللّغوية (فهم المنطوق والمكتوب والتعبير المنطوق والمكتوب). الاجتماعية). وبهذا يصبح النص أساس العملية التعليمية?التعلمية بكل أبعادها. توزع الكفاءات والأهداف التعليمية كما هو مقترح في المنهاج، على المجالات الأربعة للغة الشفوية والكتابية بكيفية متوازنة ومتوازية على طول السنة الدراسية وذلك باعتماد المقاربة النصية. الأنشودة، اللغز، القول المأثور وما إلى ذلك. فالطفل المتعلم في هذه المرحلة يأتي إلى المدرسة برصيد معتبر من المعارف المكتسبة من محيطه المباشر وغير المباشر. فاعتماد المقاربة النصية في هذه المرحلة تساعد على توظيف مكتسبات المتعلم القبلية. القصة، الشعر، وهكذا فإن اعتماد المقاربة النصية في هذا المستوى يسمح بتنويع أشكال التعبير التي تقدم للأطفال. وتعتمد المقاربة النصية على التماسك بين الجمل المشكلة للنص والتدرج النصي بحيث يتم فعل القراءة والكتابة على أساس هذه القواعد وفي حركات حلزونية. فالتلميذ وهو في مرحلة التحلـيل يقـرأ ويكتـب ثم يجرب القراءة بكيفية أخرى. و هلم جرا، فتكون بذلك هذه الأنشطة المتكاملة في خدمة تنمية كفاءة المتعلم القرائية والكتابية. فأما التحكم في كفاءة الكتابة فإن ذلك يقتضي أن يتعود المتعلم على مبدأ التجريب والخطأ، فيستعمل من أجل ذلك اللوحة الحجرية أو المسودة التي تكون سندا ماديا مهما يعتمد عليه ليجرب بنفسه، فيبنى معارفه على أساس التجربة الذاتية، فيحاول الكتابة ثم يعيدها ثم يشطب أو يمحو ويغير إلى أن يعتقد أنه حقق النتيجة.