محمد عليه الصلاة والسلام محمد حسين هيكل، 21 - (22) بهذا الاسم الكريم تنطق ملايين الشفاه، وله تهتز ملايين القلوب كل يوم مرات، وهذه الشفاه والقلوب به تنطق وله تهتز منذ أربعمائة وألف سنة، وتهتز ملايين القلوب إلى يوم الدين . فإذا كان الفجر من كل يوم وتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، أهاب المؤذن بالناس أن الصلاة خير من النوم، ودعاهم إلى السجود الله والصلاة على رسوله، فاستجاب له الألوف والملايين في مختلف أنحاء المعمورة يحيون بالصلاة رحمة الله وفضله متجليين في مطلع كل نهار . وإذا كانت الظهيرة وزالت الشمس أهاب المؤذن بالناس لصلاة الظهر، ثم الصلاة العصر فالمغرب فالعشاء، وفي كل واحدة من هذه الصلوات يذكر المسلمون محمدا عبد الله ونبيه ورسوله في ضراعة وخشية وإنابة، وهم فيما بين الصلوات الخمس ما يكادون يسمعون اسمه حتى تجف قلوبهم بذكر الله وبذكر مصطفاه، كذلك كانوا وكذلك سيكونون حتى يظهر الله الدين القيم، ولم يك محمد في حاجة إلى زمان طويل ليظهر دينه وينتشر في الخافقين لواؤه، فقد أكمل الله للمسلمين دينهم قبيل وفاته، ويومئذ وضع هو خطة انتشار الدين فبعث إلى كسرى وإلى هرقل وإلى غيرهما من الملوك والأمراء كي يسلموا، ولم تمض خمسون ومائة سنة من بعد ذلك حتى كان علم الإسلام خفاقا من الأندلس في غرب أوربا إلى الهند وإلى التركستان وإلى الصين في شرق آسيا، وبذلك وصلت الشام والعراق وفارس وأفغانستان، وقد أسلمت كلها ما بين بلاد العرب، كما وصلت مصر وبرقة وتونس والجزائر ومراكش ما بين أوربا وإفريقية ومبعث محمد عليه السلام، ومن يومئذ إلى يومنا هذا بقي علم الإسلام مرفرفا على هذه الربوع جميعا، خلا الأندلس التي أغارت النصرانية عليها فعذبت أهلها، ورد الخوف والفزع من أرتد منهم عن دينه ودين أبيه إلى دين العتاة والمعذبين.