الفصل الأول: التنشئة الاجتماعية ولا يمكن للفرد أن يحقق التكيف مع بيئته الاجتماعية متفاعلاً مندمجاً ممارساً لأدوار متوقعة ما لم يتعلم ويكتسب ثقافة مجتمعه. تعمل التنشئة الاجتماعية على ممارسة دورها داخل النسق الأسري والبناء الإجتماعي، 1. نقل التراث الثقافي البسيط والمعقد والمتراكم من الأجيال السابقة إلى الأجيال اللاحقة. 2. تحويل الكائن البيولوجي العاجز اجتماعياً إلى كائن بشري اجتماعي، 3. الضبط الاجتماعي من خلال تكريس القيم والسلوكيات وفق القواعد القائمة في التنظيمات الإجتماعية كالأسرة والمدرسة، مما يسهم في تعزيز الشعور عند الأفراد بالتقارب والشراكة وأهمية التعاون الذي يؤدي بدوره الى تماسك وتقارب اجتماعي ملموس 5 التوافق الاجتماعي لا يقتصر دور التنشئة على ممارسة دور الوسيط عبر التطبيع الاجتماعي بل تعمل على تصحيح مسار واعوجاج وتعزيز قيم واتجاهات وممارسات الناشئة بما ينسجم ويتوافق مع المعايير والعادات والتقاليد التي يتبناها المجتمع. إضافة الى دور بنيوي مستقبلي تمارسه التنشئة نظراً لما يتوقعه المجتمع منها في اعداد أفراده وجماعاته لتلبية توقعات المجتمع في الأمد القريب والبعيد. 6 تعليم الفرد الادوار الاجتماعية اضافة الى اكسابه مهارات خاصة تبعاً للتوقعات الاجتماعية من الوسيط المعتمد في التنشئة سواء كان الاسرة أو المدرسة أو غير ذلك. 7 غرس قيم وأهداف ومعايير الجماعة التي ينتمي إليها الفرد، 7 إنجاز طموحات مأمولة يتعلم الطفل ما هو مفيد اضافة الى ما يكسبه احترام الآخرين. فإن عليه اعتناق هذه المعتقدات وممارسة ما يتصل بها من شعائر وطقوس لتخدم أفكاره الطموحة التي يرضى عنها المجتمع. آليات التنشئة أهدافها. 1. التعلم الذي يعني اكساب الفرد خبرات ومهارات لم يعرفها أو يخضع لها سابقاً ويكون محتاجاً لها. 2 توجيهات مباشرة (instructions directe) : يكتسب الطفل عادة احترام المعلمة والتزام الطاعة لها من خلال توجيهات الوالدين المباشرة، ربما يتم التقليد للآباء بطريقة غير واعية كاستخدام نفس التلوين الصوتي وحركة الجسد ، إن آليات التنشئة تلعب دوراً عظيماً أو خطيراً في نفس الوقت في تحقيق أهداف التنشئة، بحيث تظهر أهميتها إذا تم استخدامها بشكل معتدل دون تطرف أو إهمال. كما أنها تشكل خطراً اذا استخدمت بطرق مشوهة أو بمبالغة وتزمت كما في استخدام الأبوين خلال التنشئة للعقوبات الصارمة أو الحرمان أو المكافئة بطريقة مضبوطة وواعية أو بطريقة عبثية ومشوهة، بحيث تؤدي الى بناء نفسي واجتماعي سليم للفرد أو العكس. باختصار إن التنشئة الصحيحة تحتاج الى أفراد يتقنون استخدام الوسيلة الصحيحة للوصول الى الأهداف. العوامل المؤثرة في التنشئة 1- الدين يلعب الدين دوراً في عملية التنشئة الاجتماعية وخصوصاً في المجتمعات الشرقية التي يحتل فيها الدين مركزاً محورياً في حضارات وثقافات قاطنيه من هنا تتأثر القيم والتوجهات والطبائع عند المؤمنين بهذه الأديان تبعاً لنوعية الخطاب الديني المتسامح أو المنفتح أو المنغلق. 3- الطبقة الاجتماعية التي تنتمي إليها الأسرة ترتكز التنشئة الأسرية للأبناء وفق النمط الطبقي الذي تنتمي اليه الأسرة، حيث تصبغ وتشكل وتضبط النظم التي تساهم في تشكيل شخصية الطفل، فالأسرة تعتبر أهم محور في نقل الثقافة والقيم للطفل التي تصبح جزءاً جوهرياً فيما بعد. وبذلك يؤثر النمط الثقافي الخاص بالطبقة على نوعية القيم المرتبطة بالتواصل والتفاعل والتعاطف والانتماء. والوضع الاقتصادي من أحد العوامل المسؤولة عن شخصية الطفل ونموه الاجتماعي إن الفقر والحرمان والتماسك والبحبوبة يؤثرون بشكل مباشر على الصحة النفسية والنمو الاجتماعي للأفراد، 5- المستوى التعليمي والثقافي للأسرة تربط الدراسات اليوم بين المستوى التعليمي العالي للأبوين وصحة أدوات وأساليب التنشئة، بحيث يؤثر ذلك من حيث مدى إدراك الأسرة لحاجات الطفل وكيفية إشباعها والأساليب التربوية المناسبة للتعامل مع الطفل. فالطفل الذكر تنمى في داخله المسؤولية والقيادة والاعتماد على النفس، كما أن ترتيب الطفل في الأسرة كأول الأطفال أو الأخير أو الوسط له علاقة بعملية التنشئة الاجتماعية سواء بالتدليل أم بعدم خبرة الأسرة بالتنشئة وغير ذلك من العوامل. 8- جماعة الرفاق يلعب الأصدقاء من المدرسة أو الجامعة أو النادي أو الجيران وقاطني المكان نفسه وجماعات الفكر والعقيدة والتنظيمات المختلفة دوراً في تنشئة الوافد اليهم، تبعاً للثقافات والممارسات التي تحملها هذه الجماعات. وفي أحيان أخرى يقوم بتشويه العديد من القيم التي اكتسبها الأطفال فضلاً عن تعليمهم العديد من القيم الأخرى الدخيلة على الثقافة كتمجيد العنف والقسوة والممارسات الدخيلة التي لا تنتمي الى ثقافة المجتمع الذي يعيش فيه الطفل. الاسرة هذه الجماعة الانسانية الأولى التي تمارس تربية مقصودة أو غير مقصودة، وعليها يقع الدور الأكبر في التربية الاخلاقية والوجدانية والدينية في مراحل الطفولة الأولى، كما تتركز لديه مشاعر اللحمة والعواطف الأسرية، - رياض الاطفال : تلعب دور الحضانة كمؤسسات رعاية تربوية واجتماعية أو رياض الأطفال التي تضيف الى وظيفتها الدور التعليمي إلى تحقيق النمو المتكامل للطفل جسدياً ونفسياً وتربوياً، بما يتوافق مع متطلبات مجتمعهم من عادات وتقاليد وعلاقات مع الجماعات الأخرى المتناسبة عمرياً. - المدرسة : أدى التراكم الثقافي المعقد والمركب، والتغير في تركيبة نمط عمل الآباء والأمهات وبشكل تدريجي إلى تقليص الكثير من الوظائف التي كانت تقوم بها الأسرة، عبر تبسيط هذا التراث الثقافي، وتنقيته من الخبرات والمعلومات السلبية التي يمكن أن تفسد الناشئة. وذلك خدمة لهؤلاء الشباب أولا من خلال تدريبهم على مهن تساعدهم في تحقيق الاستقلالية و كي لا يكونوا عالة على مجتمعاتهم. وثانيا خدمة للمجتمع من خلال توفير اليد العاملة والسواعد التي تبنى البلاد في مجالات و اختصاصات مختلفة. - وسائل الإعلام برزت العديد من المؤسسات الأكثر تأثيراً وحضوراً في ثقافات وممارسات الناشئة، والسينما والمسرح. والكتب والمجلات والصحافة نظراً لما تتضمنه من معلومات مسموعة أو مرئية أو مقروءة. إضافة الى أدوار ووظائف لا تقل تأثيراً من خلال السينما والمطبوعات.