الساحل الأفريقي او الشريط الجغرافي الفاصل بين الدول المطلة على المجال المتوسطي من شمال إفريقيا و مجال ما وراء الصحراء الكبرى. والتي عرفت تاريخيا باسم بلاد السودان ابان وصول العرب و المسلمين فجر الإسلام. هناك من المؤرخين من يربط تسمية الساحل بضفتي نهر النيجرومنها اللهجة السواحلية وهناك من يرجح التسمية إلى منطقة الساحل المتوسطي التي نزح منها بعض السكان في فترات مبكرة. باستثناء موريتانيا المطلة على المحيط الأطلسي واريتريا بإطلالة على البحر الأحمر. ورغم ما تتمتع به هده المنطقة من مميزات وخصائص، وكلها تحديات يغذي بعضُها البعضَ الآخرَ ويستمد منه قوةَ استمراره وبقائه على قيد الحياة. بما فيه «الفاعلون من غير الدول» مثل جماعات الإرهاب والجريمة المنظمة. للتفصيل أكثر في هده الموضوع سنتناول بالدرس و التحليل بادئا ذي بدء تطورات التحديات المنية في المنطقة ما يقودنا بعد دلك إلى نقاش ما يمكن أن يقوم به المؤثرين الإقليميين المعنيين بالمنطقة من المنظور الجيوستراتيجي في إدارة هده التعقيدات بما فيهم المملكة المغربية كقوة اقليمية باشعاع منقطع النظير. ان التحديات الأمنية في منطقة الساحل الإفريقي ليست وليدة اليوم وإنما هي نتاج مجموعة من العوامل المتداخلة و التي تغدي بعضها البعض لتأجيج الأوضاع السياسية و السوسيواجتماعية مفوتة بدلك على المنطقة كل فرص النمو وجعلها تاخد منحى خطيرا من التعقد و انعدام الأمن ومحفزة بدلك تأثير القوى الداخلية المتنافسة على الوضعية العامة. ويكفي انه ما بين 2020 و 2023 فقط عرفت المنطقة ثماني محاولات انقلابية نجحت منها خمسة في كل من مالي و بوركينافاصو و غينيا والنيجر والغابون ما ادخل هده الدول في تمديد لمسلسل تراجع المعالم الاجتماعية بما في دلك الفقر المجاعات انعدام الخدمات الأساسية ارتفاع معدل الجريمة النزوح والهجرة الخارجية خاصة الغير الشرعية وتنامي الأنشطة الخارجة عن القانون فاتحا بدلك الباب على مصراعيه أمام القلاقل الأمنية التي تؤثثها الحالة الدموية ب% 43 من حصيلة القتلى المرتبطة بالجماعات المتطرفة بشقيها الانفصالي و الجهادي في العالم حسب التقارير الأممية. حيث طالبت حركة ازواد بتأسيس دولة شمالي مالي زاملت الجماعة السلفية للدعوة و القتال بالانفصال جنوب الجزائر كما نشطت القاعدة التي تحولت فيما بعد إلى دولة لخلافة بالغرب الإسلامي مشكلة بدلك الذراع الممدودة لداعش إضافة الى حركة بوكو حرام النيجيرية التي تكفر العنصر الغربي بصفة عامة و هدا على سبيل المثال لا الحصر موفرة بدلك المناخ المناسب لتشكيلة من الأنشطة الإجرامية المحظورة المتداخلة مع التوجهات الإيديولوجية والتكتيكية و الإستراتيجية لهد الجماعات كعمليات اختطاف الرهائن المحليين و السياح و العاملين الإنسانيين الغربيين و إطلاقهم مقابل فدية التي تضاعفت 30 مرة مند 2017 خصوصا بوركينافاصو ب 84 حادثة من مجموع 1100 خلال هده الفترة بالمنطقة. علاوة على دلك و حسب دراسات مستقلة توجد نحو 30 مليون قطعة يلاح صغيرة من أصل 100 مليون بالقارة السمراء والتي تعد المادة الأولية لتجارة تغدي النزاعات السياسية و العرقية و الدينية وتكل دعامة لتجارة وتهريب المخدرات باعتبار المنطقة محطة تخزين وتوزيع متقدمة بين أمريكا اللاتينية والقارة السمراء وحسب الهيئات الأمنية الأممية فقد قفز مؤشر شحنات المخدرات عبر هدا المحور من 13 كلغ قبل 2020 إلى 863 بمتم 2023. * * ادا كانت الوضعية الهشة لمنطقة الساحل الافريقي بما يفرضه من تعقيدات معطى مسلم به. فان دلك لا يمنع قيام مبادرات متنوعة المنطلقات بما في دلك الاممية او القارية وعبر هاتين المنظمتين القوى الاقليمية وخاصة المجموعة الاقتصادية لغرب افريقيا ما يسمى اختصارا ب الايكواس بهيآته الاقليمية الخاصة به عبر المبادرات التشاركية السوسيواقتصادية او العسكرية و بمدى قريب و متوسط سواء للحفاظ على استقرار المنطقة او حماية المصالح الخاصة لكل فاعل مع وجود العلاقة السببية بين هدا وداك. الواقع انه مع اوخر القرن العرين ومطلع الالفية الثالثة طورت المنظمة من اليات وطرق تحركاتها مع وضع العنصر البشري في صلب الاهداف للرفع من المستوى المعيشي واستعادة ثقة المواطنين بتوفير الخدمات الاساسية و توفير فرص الشعل وقبلها تشجيع و تعميم التعليم وبناء نواة لاطلاق ثورةفي المهارات و العلوم و التكنولوجيا في افق كبح نزيف الهجرة وما يرافقه من فرار للادمغة و الكفاءات كابرام اتفاقيات الحد من الهجرة الغير الشرعية مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين و الحكومة الالمانية في 2018 مقابل الدعم المسبق و تقوية البرامج التنموية البشرية المحلية تحت مظلة الاتحاد الافريقي بل ابعد من دلك اعادة و توطين المهاجرين مع تحسين فرص الاستقرار في اتفاقية مع اسبانيا في نفس السنة. عبرإلغاء جميع العوائق و تبسيط للمساطر الجمر كية على السلع المصنعة ، ثم التسهيل أمام تنقل عوامل الإنتاج بين الدول الأعضاء سواء تعلق الامر بالتكنولوجيا او الكفاءات او رؤوس الاموال في القطاعين الحكومي و الخاص. و مالي 2013 و 2023. هده الاخيرة كانت مناسبة لاستعراض القدرات و تصحيح التوجهات فيما يخص الشان الاقليمي و القاري كما تساهم القوات الاقليمية التي مازالت تقدم الارواح من جنودها خلال اداءهم مهامهم في محاربة الجريمة المنظمة الدولية حيث كانت دراعا قوية لمجموعة العمل الحكومية لمكافحة تهريب المخدرات وتجارة الاسلحة وغسيل الاموال المصادر المباشرة لتمويل الحركات المتطرفة جهادية كانت او انفصالية التي تنشط في تهريب البشر و الاختطاف مقابل الفدية وما لدلك من نتائج كارثية جيواستراتيجية تسيل لعاب الباحثين عن الهيمنة بمختلف تمظهراتها السياسية و الايديولوجية و لم لا العسكرية ولو بالنيابة او عن بعد. * * بالحديث عن القوى الاقليمية المؤثرة للساحل فدلك لا يعني اجبارا الحيز الجغرافي الضيق للمنطقة بل يتعداه الى الدول المجاورة التي يمكن ان تلعب ادوارا محورية و مصيرية دون اعتبار المسافات و الحدود. سارع عبر التحركات الملكية سواء على الصعيد الاقتصادي او الاجتماعي ثم السياسي كغاية و منطلق لتعافي منطقة غرب افريقيا و من خلالها منطقة الساحل في اطار احترام ارادة الشعوب والشرعية الديموقراطية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان. لعل ابرز مبادرة من المغرب للالتزام بواجباته تجاه جدوره الافريقية هي انشاء انبوب الغاز المغربي النيجيري سنة 2016 بطول 5660 كلم الدي سيمكن من نقل احتياطات تصل إلى 5400 مليار متر مكعب من الغاز موزعة بين شمال غرب افريقيا و البلدان الاوروبية المستهدفة ودمج اقتصاداتها من خلال ناتج محلي إجمالي يصل إلى 670 تريليون دولارسيكون له أثر إيجابي مباشر على أكثر من 340 مليون نسمة بما في دلك دول الساحل. تلى دلك طلب الانضمام لمنظمة ايكواس سنة من الباب الاقتصادي2017 التي قوبلت بالترحيب و القبول المبدئي من المجلس التنفيدي في انتظار الظرفية المناسبة لتتميم الانضمام. ابعد من دلك وفي رؤية متعددة والابعاد الاقتصدية و الاجتماعية ورغبة منه في توحيد مصير منطقتي الاطلسي و الساحل بادر المغرب مع مطلع 2024 بمراكش الى تنزيل اتفاقية تسهيل ولوج بلدان مالي والنيجر وبوركينافاسو وتشاد الساحلية الى المحيط الاطلسي مع ابقاء الباب مفتوحا للراغبين في الانضمام ما سيعود بالنفع على الجميع، وهو الأمر الذي يتجلى في افتتاح المرصد الأفريقي للهجرة في المغرب، بناء على اقتراح صاحب الجلالة الملك محمد السادس بصفته رائدا في مسألة الهجرة بالاتحاد الإفريقي و المنطقة خاصة. بل ابعد من دلك عمل المغرب على تحسين ظروف اقامة المهاجرين بما فيهم الساحليين بتقنينها وتوفير جميع الخدمات الاساسية من تعليم و صحة واوراق ثبوتية اسوة باخوانهم المغاربة تحت غطاء المواطنة الافريقة ما من شأنه أن يحافظ على الامن القومي لدول المنطقة ضد أي تهديدات أمنية محتملة ناتجة عن سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وهي البيئة التي قد تستغلها بعض التنظيمات الإرهابية كالقاعدة وداعش مرحلة لاحقة، وكذلك الهجرة غير الشرعية التي تؤرق الحكومات وتؤثر سلبا في علاقاتها بالدول الأوروبية،