يتناول هذا البحث العلاقات السياسية بين مملكة ميتاني وآشور من 1500 ق.م إلى 1204 ق.م، مُقسماً إياه إلى مرحلتين: الأولى، سيطرة ميتاني على آشور، والثانية، استقلال آشور والصراع على السيطرة. نشأت ميتاني على أنقاض مملكة خوري في منتصف القرن السادس عشر ق.م، وتمتدّ من نوزي شرقاً إلى حلب غرباً، وتُشير بعض الآراء إلى كونها اتحاداً فدرالياً من ثلاث ولايات. استفادت ميتاني من موقع خوري الاستراتيجي، وامتدّ نفوذها في بلاد الرافدين منذ عهد الملك الأشوري شمشي أدد الأول. رغم اتساع نفوذ ميتاني في شمال سوريا وشمال بلاد الرافدين خلال العصر الأشوري الوسيط (1500-1350 ق.م)، إلا أن آشور حافظت على استقلالها، كما يُشير زواج أحد أحفاد شمشي أدد من أميرة حورية، بالإضافة إلى بعث ملك آشور بوزر-آشور الثالث هدايا إلى تحتمس الثالث. لكن سوء تقدير ميتاني لعلاقات آشور مع مصر دفعها لحملات عسكرية على آشور، مُساعدةً بعوامل كعظمة ميتاني وقوتها، واستقرارها الداخلي، وتحالفها مع مصر. استمرّ خضوع آشور لما يقارب قرن، لكنّ محاولات التحرر بدأت في عهد آشور بيل-نيشيشو عبر معاهدة مع الكيشيين، وتفاقمت الصراعات الداخلية في ميتاني بعد وفاة شوتارنا الثاني، ما سمح لآشور باعتلاء الملك أريبا-أدد الأول عرشها وبدء محاولات التحرر النهائي. ساعد انشغال مصر وحلفائها، والصراع الداخلي في ميتاني، وتحالف ارتاتاما الثاني مع الحيثيين، على نجاح الملك الحثي شوبيلوليوما في السيطرة على مناطق نفوذ ميتاني. استغلّ آشور-أوباليت الأول هذه الأحداث لتثبيت استقلال آشور، مُنتقلاً من سلمية إلى مواجهة مع ميتاني. المرحلة الثانية بدأت مع توسع آشور في القرن الثالث عشر ق.م، وتجدد الصراع مع ميتاني، حيث تميز بقتال آشور على أراضي ميتاني. أدى هجوم الملك الميتاني شوتارا على آشور إلى ردّ أدد-نيراري الأول، وأسر الملك الميتاني، لكنّ سياسة آشور لم تقتصر على القتل، بل جعلت ميتاني تابعة. استمرّ الصراع مع ثورة خانيكلبات، وأعاد شلمنصر الأول السيطرة عليها. وانتهت المرحلة بسقوط ميتاني نهائياً على يد توكلتي-نينورتا الأول.