مقدمةتعتبر الصفقات العمومية أداة لتنفيذ الدولة لمخططاتها التنموية الوطنية والمحلية والتي حرص المشرع بتطبيقها لعلاقتها بالخزينة العامة، ولما كان تنفيذها يتجسد عن طريق الإبرام والتعاقد مع المتعاملين الاقتصادين كالشركات والمقاولات والمؤسسات والأشخاص الطبيعية الاعتبارية بهدف تحقيق أغراضها والأهداف المرجوة منها كإنجاز الأشغال والخدمات الدراسات واللوازم. إلخولعل ارتباط الصفقات العمومية بالواقع الاقتصادي للبلاد والذي يشهد تحولات متسارعة الأمر الذي جعل المشرع الجزائري يحرص من خلال التعديلات وبنصوص قانونية مختلفة تفاوتت قوتها القانونيةبين المبادئ التي اعتمدها المشرع في المرسوم الرئاسي 15-247، المتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام المؤرخ في 16 سبتمبر 2015، جريدة عدد50 سنة 2015 ، الذي تبنى تدابير جديدة، حيث شملت عدة جوانب منها ما يخص موضوع الصفقات العمومية وتحديد مستوياتها وكذا كيفيات وإجراءات إبرامها حيثجعل طلب العروض كأصل الإبرام الصفقات العمومية والتراضي كاستثناء ومعايير اختيار المتعهدين وتحديد المسؤوليات وتسوية النزاعات التي يمكن حدوثها أثناء مرحلةالإبرام وأثناء مرحلة التنفيذ، بهدف حماية المال وصفات استمرارية المرفق العام وتجسيدالبرامج المسطرة لها.فمن خلال بحثنا سنتناول مفهوم التراضي في الصفقات العمومية ؟المبحث الأول : مفهوم الصفقات العموميةالمطلب الأول : تعريف الصفقات العموميةالصفقات العمومية هي عقود إدارية مكتوبة تحتل الصدارة في مجال المعاملات الاقتصادية لذلك أولاها المشرع الجزائري أهمية خاصة من خلال إستقلالها بتشريع خاص وطرق وإجراءات صارمة، ومعقدة وطويلة أيضا هذا لا لشيء إلا لاختيار المتعاقد المناسب قصد المحافظة على المال العام وتحقيق المصلحة العامة، ونفس الشيء بالنسبة لنظيره المشرع المصري والمغربي وأيضا الفرنسي. الصفقات العمومية لها خصائص تميزها عن باقي العقود الأخرى إضافة إلى إرتكازها على مبادئ ثلاثة أساسية متمثلة في مبدأ المنافسة الإشهار والمساواة التي تهدف إلى تحقيق نجاعة الصفقات العمومية . 1نظرا لأهميتها وتعلقها بالمال العام أولاها المشرع عناية خاصة وأقر لها قانونا خاصابها.تعريف الصفقات العموميةالمفهوم الحقيقي للصفقات العمومية يمس جوانب مختلفة لغويا تشريعيا وفقهياالتعريف اللغوي والإصطلاحيفي اللغة كلمة صفقة تعني العقد أو البيعة ويقال صفقة رائجة أو خاسرة .أما في الاصطلاح فكلمة صفقة دلالة على نقل السلع أو الخدمات من شخص لآخر، كما يتضمن المفهوم أنها صيغة تجارية بحتة احتكرتها اللغة الاقتصادية وتداولته كمصطلحخاص بعالم المال والأعمالالتعريف التشريعيلقد عرفها المشرع الجزائري من خلال المادة الثانية في قانون الصفقات العمومية ، بأنها" عقود مكتوبة في مفهوم التشريع المعمول به تبرم وفق الشروط المنصوص عليها فيهذا المرسوم قصد إنجاز الأشغال والإقتناء اللوازم أو الخدمات والدراسات الحساب المصلحة المتعاقدة". إذن المشرع الجزائري يرى أن الصفقات العمومية هي عقود مكتوبة تبرمها المصلحة المتعاقدة قصد إنجاز أشغال أو إقتناء لوازم أو خدمات وهذا وفق شروطقد نص عليها قانون الصفقات العمومية . حيث أن المصلحة المتعاقدة تتمثل في الإدارة تبرم صفقات عمومية من أجل تحقيق المصلحة العامة مع الإهتمام بحماية المال العام .التعريف الفقهيبالإضافة إلى هذا التعريف التشريعي للصفقات العمومية، إقترح الفقه بدوره العديد من التعريفات، نخص بالذكر منها تعريف‏L. Richer الذي اعتبر أن الصفقة "عقد تتزود بموجبه الإدارة بمواد أو خدمات و تنجز أشغالا مقابل دفع ثمنها كما اعتبر Romeuf . الصفقة العمومية "عقد بموجبه يلتزم شخص خاص تجاه شخص عمومي بإنجاز أشغال عمومية أو تزويده بمواد أو خدمات بغية تحقيق مرفق عام بثمن محدد بهذا العقد وذلك تحت مراقبة الشخص العمومي و لحسابه" .مما سبق ذكره يمكن تعريف الصفقة العمومية على أنها عقود إدارية مكتوبة يتم إبرامها وفق الطرق التي تحددها النصوص التشريعية والتنظيمية المعمول بها، وهذه الطرق يقصد بها إتباع واحترام المبادئ التي تمكن الإدارة من تحقيق أحسن إنجاز سواء منالناحية الفنية أو المالية ابتغاءا للمصلحة العامة وحفاظا على المال العامالمطلب الثاني : معايير تحديد الصفقات العموميةالفرع الأول: المعيار الشكليأكده أهم التعديلات لهذا القانون وهو المرسوم الملغى 10-236 في المادة الرابعة منه أنها عقود مكتوبة وهو ما ذهب إليه المرسوم الرئاسي الجديد 15-247 من خلال الباب الأولبالقسم الأول المعنون بالتعريف ومجال التطبيق في المادة الثانية منه حيث عرف الصفقات العمومية على أنها الصفقات العمومية عقود مكتوبة في مفهوم التشريع المعمول به تبرم بمقابل مع متعاملين اقتصاديين وفق الشروط المنصوص عليها في هذا المرسوم لتلبية حاجات المصلحة المتعاقدة في مجال الأشغال واللوازم والخدمات والدارسات "2.ما يمكن ملاحظته أن المشرع الجزائري قد اعتمد تسمية المتعامل الاقتصادي معالمصلحة المتعاقدة إلى جانب التسمية القديمة المتعامل المتعاقد".وتبرم الصفقات العمومية قبل الشروع في تنفيذها كأصل عام، ويظهر لنا نص المادة الثانية من المرسوم الرئاسي رقم 15-247، أن المشرع قد ركز على مبدأ الشكلية، أي أن الصفقة العمومية عبارة عن عقود مكتوبة، ولعل السبب الوجيه فياشتراط الكتابة والتأكيد عليها في القانون الجزائري، يعود لسببين رئيسيين :-1 - أن الصفقات العمومية هي أداة لتنفيذ مخططات التنمية الوطنية والمحلية وأداة لتنفيذمختلف البرامج الاستثمارية لذا وجب إن تكون مكتوبة . فالمبالغ الضخمة التي تصرف بعنوان الصفقات العمومية الجهاز مركزي أو مرفقي أو محلي أو هيئة وطنية مستقلة تتحمل أعبائها الخزينة العامة ولذلك وجب أن تكون مكتوبة .الفرع الثاني المعيار الموضوعيلم يعرفها المشرع الجزائري في المرسوم الرئاسي الجديد 15-247، إلا أنه وفي المادة 29 فقرة 3 و 4 حدد الهدف منها ومجالها وهي عناصر مهمة في التعريف تهدف الصفقة العمومية للأشغال إلى إنجاز منشأة أو أشغال بناء أو هندسة مدنية من طرف مقاول، في ظل احترام الحاجات التي تحددها المصلحة المتعاقدة صاحبة المشروع، وتعتبر المنشأة مجموعة من أشغال البناء أو الهندسة المدنية التي تستوفي نتيجتها وظيفة اقتصادية أو تقنية تشمل الصفقة العمومية للأشغال بناء أو تجديد أو صيانة أو تأهيل أو تهيئة أو ترميم أو إصلاح أو تدعيم أو هدم منشأة أو جزء منها، بما في ذلك التجهيزات المرتبطة بها الضرورية لاستغلالها ،