إن ظهور مهنة المراجعة مرتبط بظهور الحاجة إلى طرف مستقل عن الإدارة يتمتع بالكفاءة المهنية لمراقبة أداءها وضمان حقوق أصحاب رؤوس الأموال وحماية الممتلكات، وفي سياق ممارسة هذه المهنة يجب على المراجع احترام واتباع منهجية وتنفيذ اجراءات منظمة، من خلال جمع وتقييم الأدلة بشكل موضوعي، قصد إبداء رأيه عن مدى صحة ومصداقية المعلومات الواردة في القوائم المالية، ولكن خطوات العمل التي يختارها ويتبعها المراجع أصبحت مشكلة جوهرية في الاختلاف بين ممارسي المهنة، فظهرت الحاجة إلى مبادئ رئيسية تحكم هذه الممارسة في شكل معايير خاصة تنظم وتوحد عمل مهنة المراجعة ليس على الصعيد المحلي فقط بل على الصعيد الدولي.ومن هنا سعت الهيئات الدولية إلى تقليل التفاوت في الأداء بين ممارسي مهنة التدقيق في معظم دول العالم للاقتراب من الموضوعية قدر الإمكان، وفي مقدمتها الاتحاد الدولي للمحاسبين(IFAC) ممثلا بلجنة المراجعة الدولية واللجان الأخرى المنبثقة عنه، والذي عمل على تطوير ورفع كفاءة المستوى الفني والثقافي لممارسي مهنة المراجعة، وكذا الاهتمام بتوحيد ممارسات هذه المهنة في كافة أنحاء العالم من خلال إصدار معايير المراجعة الدولية (ISA)، وترجع الأهمية التي أوليت لهذه المعايير إلى الحاجة الملحة والمستمرة من قبل ممارسي المهنة لمعايير الأداء التي تغطي كافة الجوانب المختلفة للعمل المهني، وكذا لكونها تمثل أنماطا لما يجب أن يكون عليه الأداء الفعلي لممارسة المهنة، وهو الأمر الذي جعل مكاتب المراجعة العالمية تلتزم العمل بهذه المعايير، وخاصة لكونها تخضع للتعديل المستمر بهدف السعي وراء مواكبة التغيرات والتطورات الاقتصادية.فالتزام المراجع بمعايير العمل الميداني عامل مهم في تحديد مسؤوليته الجنائية والمدنية والتأديبية التي تنص عليها القواعد والقوانين التنظيمية، لهذا فإن تحقيق المراجع لأهدافه المهنية لن يكون في حالة إخفاقه في القيام بواجباته مما يتحتم عليه الحرص المستمر على تجنب هذا الفشل، إلا أن الواقع العملي أثبت العديد من الحالات التي اتضح فيها تقصير المراجع. ولعل اهمها تاريخيا قضية انرون ومكتب المحاسبة العالمي أرث اندرسون ورغم والتي تُعد مثالاً يتداوله المهتمين بمجال المحاسبة والمراجعة عند التطرق لمثل هذه القضايا، حيث تعتبر هذه الفضيحة المتشعبة والمعقدة في تفصيلها من حيث تفسير مسببات فشل نظام الحوكمة في أكثر الدول تقدما في هذا المجال أمر مفصلياً في إعادة النظر في العديد من الانظمة ولعل اهمها العلاقة بين المراجع والعملاء،