إن موضوع حقوق الإنسان في الوطن العربي والعالم الإسلامي، وستحاول في هذه المقالة أن نتناول هذا الموضوع على ثلاثة صعد : الأول: صعيد الخطاب الرسمي العربي والإسلامي، الثاني : صعيد علاقة الدولة بالشعب، وبهذه الحقوق الثالث: صعيد الممارسة العملية. فإن هناك ثلاث مفارقات مترابطة تعكسها لغة الخطاب الرسمي وعلاقة الدولة بالشعب والممارسة العملية. 1- حقوق الانسان في الخطاب الرسمي تحدث لغة حقوق الإنسان والديمقراطية وإرادة الشعب. ويكفي أن نعود إلى الدساتير لترى كيف تنص على حقوق الإنسان. وستقدم بعض النماذج للتدليل ففي الأردن، ينص الدستور الأردن في الفصل الثاني على حقوق الأردنيين وواجباتهم، ففي المادة (٧) الحرية الشخصية مصونة وفي المادة (۸) لا يجوز أن يوقف أحد أو يحبس إلا وفق أحكام القانون وفي المادة (۱۰) للمساكن حرمة، فلا يجوز دخولها إلا في الأحوال المبينة في القانون وبالكيفية المنصوص عليها فيه . ولكل أردني أن يعرب عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير بشرط ألا يتجاوز حدود القانون (۲) الصحافة والطباعة حرتان ضمن حدود القانون (۳) لا يجوز تعطيل الصحف ولا إلغاء امتيارها إلا وفق أحكام القانون وتحدد المادة ١٦ في البنود (۱) و (۲) و (۳) الحق في الاجتماع وتأليف الجمعيات والأحزاب السياسية. وتعتبر المادة (۱۸) جميع المراسلات البريدية والبرقية والمخاطبات الهاتفية سرية، فلا تخضع للمراقبة أو التوقيف إلا الأحوال المعينة في القانون (۳). وكل الدساتير الأخرى من الكويت إلى المغرب. وهذا ما تكرسه أيضاً لغة الخطاب الرسمي في الإعلام الرسمي ومختلف المناسبات الداخلية والخارجية. وأنها تمثل الإرادة الشعبية، وتحترم حقوق الإنسان احتراماً كاملاً كل الحالات، حتى عندما لا يكون هناك دستور حال العربية السعودية، أو عندما يعلق الدستور هي ويعلن الأحكام العرفية أو عندما تعلق بلا إعلان وتسود الأحكام العرفية، فإن الذي يقرأ نصوص الدساتير، أو يسمع خطابات المناسبات ولغة الإعلام الرسمي، تحرص على احترام حقوق الإنسان، وتمنع انتهاكها بكل الوسائل. غير أن ما تنص عليه الدساتير، وما يقدمه الإعلام ولغة المناسبات لا يحفي الحقيقة المرة، ولا تطبقها - إن الفئات الحاكمة التي تصدر الدساتير وتطرحها أحياناً للاستفتاءات، وحيث لا ينص على ذلك تكون مؤسسات الرئاسة، ثانوياً إلى أبعد حد، ولكن معلبة سيطرة الحزب الحاكم، وتبعية المؤسسة التشريعية للمؤسسة الحاكمة، سواء كانت ملكية أو جهورية كما الحال هي ولهذا كله، فإن حق الانتخاب والتعبير عن إرادة الشعب يظل معدوماً أو مفيداً إلى أبعد الحدود، أو شكلياً لأنه لا يستطيع تغيير الحاكمين ٣- إن الظروف المتقلبة والمتفجرة التي تعيشها أقطار الوطن العربي والعالم الإسلامي، ووجود مخاطر خارجية وداخلية جعلت مؤسسات الجيش والأمن صاحبة سلطة كبيرة وذات الدور الأكبر في حياة البلاد السياسية والأمنية وقد قاد هذا مع حدوث الانقلابات أو من دونها، إلى تضخم مؤسستي الأمن والجيش، وإلى تحول المرجع الأمني إلى السلطة ذات القرار الحاسم، من خلال رئيس الدولة ومن الطبيعي أن يقود إلى تقزيم أدوار كل المؤسسات الأخرى. وقد غلب على حياة هذه البلدان العربية والإسلامية حكم الانقلابات والحكم العسكري، فلم تعرف الحياة الدستورية الديمقراطية الاستقرار وكانت الغلبة في معظم الأحيان للأحكام العرفية وحين كانت تلغى كانت المرحلة الانتقالية أشبه بمرحلة الأحكام العربية، ولذلك كله، وحين طرح شعار الاشتراكية، وتحققت بعض المكاتب للعمال وشرائح من الفلاحين والبرجوازية الصغيرة، حرم هؤلاء من حقوقهم السياسية بالمقابل،