توقفت الحافلة في الطريق الرابطة بين فاس ومراكش عند علامة القصيبة، على حافة منعرج جانبي صاعد في الأطلس المتوسط. ونزلنا وأنزل المشحم متاعنا، وعبرنا الطريق وجلست أمي جنب العلامة، وأجلست نعيمة في حجرها وفاتحة بجانبها، وخالي الأصغر ينقل المتاع ويضعه أمامها. كنا عائدين من سفرة أخرى إلى بلدة أمي، التي كانت تعود منها مثقلة بطناجر النحاس والجفان، وقصع الطين ومجامر الطين، وتقول عنها حين تكون على سجيتها: أشتري ما ينفعني، وعند الحاجة يحمر وجهي. لأنها كانت مقتنعة بأنها تسكن في الثلث الخالي، ولكنها عندما تغضب كانت تلعن رأيها وتقول: النساء تشتري الذهب وأنا أشتري الشقف. فأوقفها خالي واتجه نحوها وأمي توصيه: رها قل له أنا صهر السی أحمد بوزيد. السی - لن يركب سواي، أريد أن أذهب إلى القصيبة لأخبر صهري أحمد بوزيد بوصولنا،