لقد كانت حياة موسى بن جعفر عليه السلام المليئة بالأحداث؛ حياةً مليئةً بالمفاجآت والحماسة. نحن اليوم ننظر فنظن أنّ موسى بن جعفر عليه السلام هو مجرّد شخص مظلوم، فيأتي عمّال الخليفة إليه ويأخذونه إلى بغداد أو إلى الكوفة أو إلى البصرة، بل كانت عبارة عن جهادٍ طويلٍ ومواجهة منظّمة فقد كان لموسى بن جعفر أتباعٌ في جميع أرجاء العالم الإسلامي يحبّونه. يقول لهارون بشأن موسى بن جعفر عليه السلام هذه الجملة: "خليفتان يجيء إليهما الخراج". بل يوجد خليفتان أحدهما أنت والآخر موسى بن جعفر عليه السلام . وقد أراد بهذا الخبث السعاية في الإمام، لقد كان لموسى بن جعفر عليه السلام روابط وعلاقات ممتدّة عبر جميع مناطق العالم الإسلامي، غاية الأمر أنّ هذه العلاقات لم تصل إلى حيث يتمكّن موسى بن جعفر عليه السلام من القيام بحركةٍ عسكريةٍ علنيّة. فباعتقادي لا يوجد عصر من بعد عصر الإمام السجّاد عليه السلام بشدّة وصعوبة عصر موسى بن جعفر عليه السلام . فموسى بن جعفر عليه السلام صار إماماً عام 148 بعد وفاة أبيه الإمام الصادق عليه السلام . في هذا المقطع الزماني الممتدّ لـ 35 سنة - من العام 148 للهجرة إلى 183 - وهو مرحلة إمامة الإمام أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام. وفي هذا العام كانت أوضاع بني العبّاس قد استتبّت، بعد فراغهم من الصراعات والخلافات والحروب الّتي كانت دائرة فيما بينهم في بداية حكمهم. ولقد قضوا على التهديد الكبير لخلافتهم والّذي كان يجيء من شخصيات وجيهة كبني الحسن - محمّد بن عبد الله بن الحسن وإبراهيم بن عبد الله بن الحسن وبقية أولاد الإمام الحسن الّذين كانوا من أشدّ الناس عداءً ونقمةً على بني العبّاس - حيث قتل العبّاسيّون عدداً كبيراً من رؤسائهم ووجهائهم. وتبيّن هذا الأمر بعد فتح الأسطوانات عند موت المنصور العبّاسي. وبعد أن فرغ من كلّ هؤلاء وصل الأمر إلى الإمام الصادق عليه السلام ،