يَسْتَمِعْنَ إِلَى الْموسيقى الَّتِي كَانَ يَعْزِفُها الْجَوْقُ وَهُوَ يُغَنِّي، وَكانَ الْجَمِيعُ يُوَقِّعونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى رُكَبِهِمْ وَقَدِ أَشْتَدَّ بِهِمُ التَّأَثُرُ. وَقَدْ سَطَعَ الْمَنْزِلُ كُلُّهُ بِالْأَنْوَارِ، وَأَقْبَلَ كُلُّ موسيقيٍّ بِوَجْهِهِ عَلَى الْمُوسيقيّ الَّذِي بِجانِبِهِ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ هَذَا أَيْضاً بِنَفْسٍ الْحَرَكَةِ، وَيَنْصَرِفُ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى الْمُوسِيقِيِّ الَّذِي عَلَى جَانِبِهِ الْآخَرِ. بَعْدَ ذَلِكَ تُصَفُ الْمَوائِدُ وَيَنْقَلِبُ الْمَنْزِلُ كُلُّهُ إلى قاعَةِ لِلْأَكْلِ، وَيُقْبِلُ النَّادِلُونَ بِتِلْكَ الْأَطْباقِ الْكَبِيرَةِ الْمَلأى بِقِطَعِ اللُّحْمِ وَالدَّجاج، يُنْشِدُونَ وَيُغَنّونَ إِلَى أَنْ يَصِلُّوا إِلَى بَيْتِ الْعَروسِ، حَيْثُ يَسْتَقْبِلُهُمْ فَوْجٌ مِنَ النِّساءِ بِالزَّغاريد والأهازيج فَيُحيطُ بِهِمُ الْمُحْتَفِلُونَ، وَقَدِ أَزْدادَتْ أَصْواتُهُمُ ارْتفاعاً ثُمَّ يَعودونَ جَميعُهُمْ وَمَعَهُمُ الْعَرُوسُ إلى بَيْتِ زَوْجِهَا فِي مَوْكِبٍ بَهِيجٍ، وَيُطَافُ بها داخِلَ الْمَنْزِلِ وَقَدْ أُثْقَلَتْ بِالذَّهَبِ وَالْجَواهِرِ النَّفِيسَةِ. 4 - وَيَسْتَمِرُّ هَذا كُلُّهُ إِلى الصَّباحِ، فَيَنْصَرِفُ النّاسُ إِلى النَّوْمِ،