يعيش العالم في حالة سباق مع الزمن حرية ضد الجريمة المنظمة، والتعاون الدولي الـوثيق في تبادل المعلومات، حيث يقدر خبراء في التمويل والاستثمار انه اذا تمكن تجار المخدرات من إعادة استثمار اموالهم في تجارة مشروعة وهو ما يطلق عليه (غسيل او تبييض الاموال) فإنهم سياخذون حصة اكبر من الاعمال التجارية بمرور الزمن، ويمكن ان تنمو هذه الاعمال الى 1500 مليار دولار في خلال عشر سنوات او ما يعادل قيمة الذهب في العالم حاليا! الاغرب من ذلك كله ان التقديرات الامريكية الرسمية تشير الى ان الاموال القذرة الناتجة عن تجارة المخدرات والتي يجري غسلها سنويا بالولايات المتحدة فقط تقدر بـ ٨٠مليار دولار وتبلغ أرباحها السنوية ١٥ مليارا!! تطورت جريمة غسيل الأموال الناتجة عن الاتجار بالمخدرات تطوراً هائلاً، ووصلت الأموال المتحصلة من هذه التجارة غير المشروعة ارقاماً خيالية، مما حدا بعصابات التهريب والترويج إلى ابتكار اساليب جديدة وطرق مختلفة لإخفاء المصدر غير المشروع لتلك الأموال. مستغلة بذلك سرعة الاتصال بين دول العالم وسهولة الانتقال وسرية المعاملات التجارية وغالباً ما يتم التخلص من الاموال القذرة خلال عمليات البيع والشراء للاصول والعقارات والاشياء الثمينة، ظهر مفهوم غسيل الاموال لأول مرة في الولايات المتحدة عندما لجات عمليات المافيا ومنذ مطلع القرن الحالي الى استثمار إيراداتها الضخمة من العمليات غير المشروعة وفي مقدمتها المخدرات . انشطة اقتصادية مختلفة بهدف إخفاء مصدرها وإعطائها الصبغة القانونية، وكانت الولايات المتحدة ويسبب ضخامة عمليات عصابات المافيا فيها تمال حتى عدة سنوات مضت اكبر مركز لغسيل الأموال غير المشروعة في العالم. غير انها نجحت في تضييق الخناق على هذه الانشطة من خلال سلسلة من القوانين والتشريعات التي تجرم عمليات الغسيل وتحول دون استخدام النظام المصرفي في تلك الانشطة ونجم عن ذلك تدفق ما يصل الى عشرات المليارات من الدولارات سنوياً من الولايات المتحدة الى الخارج . وبصفة خاصة الى اوربا لغسلها قبل إعادتها نظيفة الى الولايات المتحدة. - وطبقاً لتقرير اعده الكونجرس الامريكي اصبح المهربون وبشكل متزايد يتجنبون التشريعات المصرفية الامريكية . ومن ملامح التشريعات الامريكية الجديدة بشأن مكافحة غسيل الاموال القذرة انها تتطابق مع قانون (السرية المصرفية) وتضمنت هذه التشريعات عدة نقاط اهمها: - الالتزام بنادي التعامل تجارياً مع من المشتبه في تجارتهم بالمخدرات أو غسل الاموال أو المجرمين. - الاعتراف من جانب البنك وموظفيه ومديريه وعماله انه سيتعرض لغرامة مالية ضخمة اذا خرق قوانين السرية المصرفية او قانون غسيل الاموال القذرة. البنك وذلك بتحديد الهوية الحقيقية لمودع أو المقترض. عن اعماله، ولم تكتف الولايات المتحدة بهذه القوانين فقط لمواجهة غسيل الأموال بل إنها اوجبت عدة نقاط يجب التحقق الدقيق منها قبل فتح الحسابات الجديدة بطاقة الائتمان، - ضرورة الحصول على معلومات عن العميل تشمل الاسم بالكامل والعنوان والهوية الضريبية وتاريخ الميلاد ورقم هاتف المنزل والعمل والمرجع البنكي. - التوثق من صحة هذه المعلومات عبر مراجعتها مع طرف ثالث. اما بالنسبة للحسابات التجارية فاوجب القانون اختبار وتوثيق المعلومات الخاصة بهوية صاحب العمل التجاري والتوقيع، أوربا وغسيل الأموال نتيجة للضغوط الامريكية لسن قوانين لمكافحة ظاهرة غسيل اموال المخدارت تشجعت أوربا وسنت تشريعات صارمة ولكن تولت بعض عمليات غسيل الأموال إلى انشطة ومناطق غير تقليدية وأصبحت دول أوربا الشرقية تشكل هدفًا مغريا بصورة متزايدة لمرتكبي غسيل الأموال وامام هذا التحايل لم تجد بريطانيا مفراً من ان تدخل تعديلات على قانون (السرية المصرفية) الذي كان قائماً، كما تبنت اخيراً تشريعات الاتحاد الأوربي الخاصة بغسيل الاموال، ولا ينطبق ذلك فقط على المؤسسات المعيبة ولكن على كل الاعمال التجارية التي تتعامل في الصفقات النقدية، وتقوم السلطات البريطانية المختصة بتسجيل الصفقات المشبوهة وتحفظها في سجلات الشرطة البريطانية التي تقوم لاحقا بإبلاغ السلطات القانونية مجال الاختصاص. - وزيادة على ذلك، وبناء على هذا القانون الجديد اصبحت حيازة أو استخدام او امتلاك الاموال المتحصلة من تجارة المخدرات خرقاً جنائياً . كما القى القانون كذلك اجراء الحفاظ على (سرية حسابات العملاء) في عملية تدقيق الحسابات واصبح المحاسبون ملزمين قانونياً بالابلاغ عن اية صفقات مشبوهة أثناء عمليات تدقيق الحسابات. كذلك فقد كانت المانيا مركزا مهما لهذه العمليات في الماضي حيث كان من السهل تحويل الأموال القذرة لأموال نظيفة من خلال البنوك وشركات التامين لم يعد ضخ مثل هذه الاموال المغسولة في الاقتصاد، وكانت سويسرا تسير على نفس المنوال نظراً لانها تعد مركزاً مصرفياً ومالياً عالمياً رئيسياً فقد كانت بمثابة الحلقة الضعيفة في عمليات مكافحة غسيل اموال المخدرات نظراً لتمسكها ولعقود طويلة بالسرية المصرفية. لكن الموقف الان ان المانيا شرعت في تطبيق قانون يلزم البنوك بتسجيل كافة التفاصيل بما في ذلك هوية كل عميل يودع أكثر من ٢٠ الف مارك (نحو 13 الف دولار في حسابه، أما في سويسرا فقد أصدرت قانوناً عام 1990م يحظر غسيل الأموال وفي مطلع العام الماضي وفي أول خطوة للحد من السرية المطلقة في المصارف وافق البرلمان السويسري على قانون يخول لرؤساء البنوك ابلاغ السلطات عن اية عمليات مشبوهة، وعلى الرغم من جدية هذه القوانين وسريان مفعولها الا ان البنوك السويسرية تواجه مشكلة الايداعات الضخمة التي تلقتها في السنوات السابقة لتطبيق هذه القوانين وهل يا ترى ستراجعها من جديد ام انها ستكون مستثناة من تطبيق القانون وبعد مناقشات لهذه التساؤلات سعى المصرفيون السويسريون الى التقليل من شأن كشف حسابات هذه الاموال نظرا لان التعليمات الصادرة الى البنوك الخاصة بمكافحة عمليات غسيل الاموال تتعلق بالسحوبات والتحويلات وحركة الأموال السائلة غير انها لا تتعامل مع حسابات قديمة. يبدو أن غاسلي الأموال القذرة لن يتوقفوا عن مهمتهم التي تدر الأرباح السريعة الفلكية. وبالتالي قد يجدون من الحلقات الضعيفة في مصارف العالم الثالث جسورًا مناسبة لعبور اموال المخدرات والقرصنة. اساليب ملتوية يشير الخبراء الى أن الأسواق المالية من الدولية حلت مكان البنوك كاحد المنافذ الرئيسية لعمليات غسيل الاموال، ويقول روان سورث ديفز وهو مفتش تحقيقات سابق في دائرة المباحث البريطانية سكوتلانديارد ان اسواق العقود الآجلة في جميع انحاء العالم تستخدم في غسيل الاموال بسبب ضخامة عملياتها ونموها السريع وسهولة تحريك الأموال بها. - كما اتجهت عصابات التهريب والاتجار في المخدرات الى النشطة غير تقليدية لتنظيف الاموال غير المشروعة فقد دفع إغراء الأموال السهلة عددًا من تجار الذهب والمجوهرات لمزاولة عمليات تنظف الأموال من خلال كتابة فواتير لمشتريات وهمية من الذهب او المعادن النفيسة الاخرى ثم تحويل أموال المخدرات بعد إعطائها صورة مدفوعات مشروعة الى حسابات مصرفية في كولومبيا ومراكز المخدرات الأخرى، وذلك مقابل عودة نسبتها ١٠٪؜ من قيمة هذه العمليات. الخبراء يؤكدون