" الاتجاه التطوري من مورغان الى ليزلي هوايت حول الاقتصاد " سبق ان أوضحنا أن فكرة التطور هي واحدة من الافكار القلائل التي ظهرت في العصر الحديث وأثرت تأثيرا بالغا في كل أنماط الفكر الإنساني بحيث أصبحت هي الطابع المميز لكل من التفكير العلمي والفلسفي والأدبي والاجتماعي على السواء خلال فترة طويلة استمرت طوال القرن التاسع عشر وحتى أوائل القرن العشرين وفكرة التطور ليست فكرة حديثة بل أنها فكرة قديمة ترجع إلى أبعد من القرن التاسع عشر . وهذه الفكرة القت بظلالها على معظم النظريات التي كانت معروفة بحيث هدمت بكثير من النظريات والمعتقدات والفلسفات السباقة عليها . وقد لاقت هذه النظرية من الرواج ما جعلها سمــة فكرية ميزة لكل فكر في كل التخصصات بل وقد أصبحت هذه الفكرة أسلوبا ومنهجا يتبع ليس فقط في فهم الحياة والكون بل أيضاً في فهم الإنسان والمجتمع وتثل ذلك بوجه خاص في الكتابات الأنثروبولوجية والسوسيولوجية والاقتصادية والتاريخية والاقتصادية وفي النظرية السياسية ، اعتباره مدخلا عمد البعض اليه في تفسير ودراسة الحياة الاقتصادية والفكرة الأساسية في التطورية التي تهمنا هنا فتتعلق بفكرة التقدم التي يتفق معظم العلماء التطوريون على أنها الصفة الغالبة على الحضارة وان التدهور ليس الإحالة استثنائية عارضة مؤقتة و إن الحياة تسير بالضرورة نحو وتحقيق المزيد من التقدم والرقي فالنظم الاجتماعية والمجتمعات الانسانية ذاتها تقدمت أو هي تتقدم بالضرورة من حالة التأخر والبدائية إلى التحضر والتمدين مارة أثناء ذلك مراحل معينة تختلف من حيث عددها وخصائصها ومقوماتها . كما يتفق التطوريون أيضاً على أن المرحلة اللاحقة فيها تكون أعلى من السابقة وأكثر رقيا و تقدما كما أنها تهيئ الفرصة لقيام مرحلة أرقى منها هي ذاتها . لقد حاول علماء الطريقة في دراستهم للتنظيمات الاقتصادية تصنيف انماط اساليب المعيشة المختلفة وترتيبها في نسق واحد ينبع خطا تطوريا ويتجه من البساطة الى التعقيد وذلك تماشيا مع فكره التطور والتي رأى معتنقوها من دارسي الحياه الاقتصادية والاجتماعية، ومن الجدير بالملاحظة ان هذه المحاولات لم تستهدف في الواقع تفسير السلوك الاقتصادي من حيث بواعثه على المستوى الفردي او من حيث ارتباطها ببعض النظم بطريقه مباشره بل ان هذه التفسيرات التطورية تقول بشكل عام ان اقتصادا ما انما يأخذ صورته وشكله الذي هو عليه باعتباره مجرد مرحله في سلم تطوري طويل بدا بالجمع والالتقاط في الرعي وينتهي بمرحله زراعيه والصناعة والانتاج والصناعي الضخم. ومراجعه التفسيرات التطورية للحياة الاقتصادية يكشف ان هذه التفسيرات قديم وهو يستطيع ان يرى نمطين من انماط التفسير التطوري، فهنالك ذلك التفسير الذي يمثله مورجان وماركس وغيرهم ويعتمد على تناول التطور وسائل الانتاج ويجعل من الاقتصاد والتطور في المجال الاقتصادي- الانتاج- الاساس في تغير وتطور المجتمع ككل. ولعل الامر يقتضي بعض التفصيل في متابعه اتجاه التفسيري التطوري واتجاه وسائل الانتاج(الاول) واتجاه العلاقة بين الوحدة الانتاج ووحده الاستهلاك(الثاني) . مورجان يؤكد على العوامل التكنولوجية باعتبارها العامل الاساسي في حياه المجتمعات وما يلحق بها من تغيرات لعل هذا هو الذي جعلنا نقول ان كتابات مورجان كانت كتابات في الانثروبولوجيا الاقتصادية وان كان مورجان مهتما اساسا بتطور الثقافة والحضارة الإنسانية الا انه انطلق في تحليله مركزا على التكنولوجيا واساليب الانتاج وما ارتبط بها من نظم اجتماعيه مختلفة وهو بهذا يختلف عن زميله التطوري السير ادوارد تايلر في محاولته وصف تطور الثقافة حيث ركز الاخير في تحليله للثقافة البدائية على التطور في العقيدة، وعموما فقد كان بروز الجانب الاقتصادي وخاصه الجانب التكنولوجي وتركيز على وسائل الانتاج عند مورجان هو الاساس الذي انطلقنا منه اعتبار معالجه مورجان معالجه في الانثروبولوجيا الاقتصادية خاصه وان مفهوم التكنولوجيا نفسه قد ظل ملتبسا لفتره طويله مع مفهوم الظاهرة الاقتصادية ولم يكن ثمة تمييز واضح بينهما. يرى مورجان ان الانسان كان في بداية حياته اشبه بالحيوان يعيش معتمدا على قواه البدنية واسنانه مثل سائر الحيوانات الاخرى الا انه استطاع بما حبيت والطبيعة به من امكانيه مبادله الاخرين الافكار والخواطر عن طريق اللغة بجانب امكانيه انتقال هذه الافكار والخواطر من جيل الى جيل بحيث تتراكم معرفه الجيل الحالي نتيجة لخبرات الاجيال السابقة مجتمعه، كل هذا اتاح للإنسان التقدم من مرحله الى اخرى، ولقد كانت الادوات والأسلحة المختلفة التي اخترعها على مر الزمان هي وسائل رئيسيه التي تساعده على زياده سيطرته على الطبيعة والارتقاء بنفسه وبعباره اخرى يرى مورجان ان التقدم التكنولوجي يؤدي الى حدوث تغيرات جوهريه في النظم الاجتماعية السائدة مثل العائلة ونظام الملكية والحكومية، اي ان مورجان يبدا نظريته للتسليم بان سياده الوسائل والاساليب الفنية التي يسيطر بها الانسان على بيئته خاصه التي يسيطر بها على مصادر العيش والقود ثم اتساع نطاق هذه المصادر تؤدي الى تقدم الثقافة فهنالك اذآ علاقه وثيقه بين اتساع وزياده موارد الرزق والعيش من ناحيه والتقدم الثقافي من ناحيه اخرى الى ذلك كان مورجان يرى ان التقدم التكنولوجي يصاحبه بالضرورة تغير في النظم الاجتماعية ومن هنا كان الانتقال من مرحله الاعتماد على الثمار البريه الى الزراعة يصاحبه ويترتب عليه حدوث تغيرات اساسيه في شكل المجتمع نفسه وقد تغير المجتمع البشري من النظام القبلي الى النظام المجتمع المتمدين. وهكذا فان مورجان قد تصاعد في تفسيره بحيث نجده ينطلق من متابعه التطور في الآلات والاساليب الفنية المستخدمة في الانتاج عبر العصور ليحدد شكل المجتمع وتطور نظمه المختلفة معتمدا على التطورات التي وقعت في ميدان التكنولوجية الانتاج. فمورجان يحاول في الواقع ان يقول ابعد من مجرد وصف الحياه الاقتصادية فهو يقول في الواقع ان التطور التكنولوجي هو العامل المتحكم والمسيطر على شكل الحياة الاجتماعية والتطور الاجتماعي، فمرجان يرى ان الانسان يحيا عن طريق استغلال مصادر الطبيعة المستخدمة في دنك آلات وادوات ووسائل فنيه معينه تمكنه من ذلك وتعينه على استغلال الامثل لها. فبالنسبة للإنسان عامه بالرغم ان كل سلاله بشريه لا تعرف بالضبط ما تفعله او تعلمه السلالات الاخرى، عاش فيها الانسان في شكل جماعات صغيره وذلك في مساحات محدودة من الارض، المرحلة الثانية: المرحلة الثالثة: المرحلة الرابعة: المرحلة الخامسة : ولا زالت تفتقر الى هذا التحليل ورغم ان مرجان يكتفي في هذا الصدد بقوله للتدليل على صحه رؤيته هذه ان هذا التشكل ضروري حتمي ويخضع للمنطق الطبيعي الانساني الضرورية لقواه ، واستخدمت النار لإزالة الاحواش وظهرت كذلك أولى الحيوانات المغزلية كالخنزير والدجاج والبط والاوز وقبل كل شيء الكلب ،