ووضع الَّسمكتَيْن الّطائرتَين بين شريحتَي سمكة الّدولفين، وأعاد سّكينه إلى غمدها؛ أخذ يشّق طريقه إلى مقَّدم القارب، وعندماعادإلىمقَّدمالقاربوضعشريحتَيالَّسمكةعلى الخشب والَّسمكتَيْن الّطائرتَيْن بجانبهما، ُعَّدَل الخيط على كتَفيْه في موضٍع جديد، وأمسك به مَّرة أخرى بيده اليسرى وهو ُمستنٌِد إلى حافّة القارب، ثّم انحنى على جانب القارب، وغسَل الَّسمكتَيْن الطائرتَيْن في البحر، وصارليدهلمعاٌنفوسفورٌّي منجّراءسلخهجلدالَّسمكة، وحَّك جانَب يِدِه بخشب المركب، فتساقَطْتُجزيئاٌتفوسفوريٌّةمنها، الّتيار ببطٍء إلى مؤَّخر المركب. َعلَّي أْن أنتهي من أكل سمكة الّدولفين هذه، واللَّيليزدادبرودةطوالالوقت، وقطَع رأسها. وقال: -«ماأطيَبأْكَلسمكةالّدولفينوهيمطبوخة!وما أتعسهامنسمكٍةوهينيِّئة!سوفلاأُبِحُربقارٍبمّرًة أُخرى أبًدا بلا ِمْلٍح أَْو ليموٍن حامض». وتركتهيجَُّفَطوالاليومفيتحَّولإلىملٍح، ولا أشعر بالغثيان». كانت الّسماء تتلبّد بالغيوم من جهة الَّشرق، وراحت النُّجوم الّتي يعرفها تختفيٍواحدًة تلو الأُخرى، وخفتت الّريح. ولكْن فََجِّهز الّشراع الآن لتنال قسًطا من النَّوم-أيُّهاالّشيخ-مادامتالَّسمكةهادئًةومّطردة الحركة». أمسَكالخيَطبيدهاليمنىَفيإحكاٍم، ثّماستندبفخذه الأيمن على يده اليمنى، واتَّكأ بكِّل ثقله على خشب ُمقَّدم القارب، ثّم حّوَل الخيط قليًلا إلى الأسفل على كتَفيْه، ووضَع يده اليسرى عليه، وفّكَر: «تستطيع يدي اليمنى أن تُمِسك بالخيط مادام ملفوفًا حولها، وحتّى لو أنام عشرين دقيقة أو نصف ساعة، ونام. لم يحلم بالأُسود، ولكنَّه بدًلا من ذلك حلم بمجموعٍة من أسماِك خنزير البحر وهي تنتشر لثّمانية أو عشرة أميال في موسم تكاثرها، الفجوة نفسها الّتي أحدثتها في الماء عندما قفَز ْت منه. ثّمحلمبأنَّهفيالقرية، نائًمافيفراشه، وهبّْتريٌحشماليٌّة فشع َر ببر ٍد قارس، وقد تخ ّدر ْت ذراعه اليمنى؛ وبعدذلكراحيحلمبالّشاطئالأصفرالّطويل، وأنَّه لبث يترقَّب وصول مزيٍد من الأسود، وكان سعيًدا. كانالقمرقدارتفعفيكبدالَّسماءمنذُمَّدة، والقاربيسير في نفق من الغيوم. وأخيرا، عثرْتيُدهاليسرىعلىالخيط، ًً َ ظهره ويده اليسرى، فرآهاوالخيطينسابمنهابخّفة، وفيتلكاللَّحظة، قفزِت الَّسمكُة ُمحِدثًةانفجاًراهائًلافيالمحيط، ثّمسقوًطاثقيًلا، ثّم وثبَ ْت مَّرة تلو الأخرى، والّشيخيزيدمنالّضغط على الخيط حتّى يقترب من نقطة الانقطاع مّرًة بعد أُخرى، فسقط على ُمقَّدم القارب، وفّكَر: «هذا ما ُكنّا ننتظره، وعلينا الآن أن نواجهه». وقالفينفسه:«اجعلالَّسمكَةتدفعثمَنالخيط، تدفع ثمنه». وفّكَرالّشيخ:«لوكانالَّصبُّي ُهنالبلّللَّفاتالخيط، نَعْم، لو كان الَّصبُّي هنا». وامتَّدالخيطخارًجاوخارًجاوخارًجا، وسيجعُل الّشيخ الَّسمكَة تدفع مقابًلا باهًظا لكِّل بوصٍة من الخيط. ثّم نهض على ُركبتَيْه، ولكْن ببطٍء أكبر، وتراجَع إلى الخلف حيث يستطيعأنيتحَّسَسبقدمهلّفاتالخيطالّتيلميُكنفي استطاعته أن يراها، كانت لاتزال وفرٌة من الخيط، وعلى الَّسمكة الآن أن تتحَّمل الِعبَء النّاتج من احتكاك كِّل ذلك وفّكَر:«نعم، ِالآنبعدأنقَفزِتالّسمكُةأكثرمناثنتي عشرة مَّرًة، وملأت الجيوب الُممتَّدة على طول َظهرها بالهواء، فإنَّها لا تستطيع الغوص إلى الأسفل لتموت في الأعماق، وسرعان ما ستبدأ بالَّدوران، جعلها يائسة، إنَّه أمٌر غريب». وقال: -«منالأفضلأنتكونأنَت-أيُّهاالّشيخ-بلاخوف، فأنَتلاتزالتُمِسكبها،