هذا الحديثُ العَظيمُ قاعدةٌ مِن قواعدِ الإسلامِ،  حتَّى قِيلَ فيه: إنَّه ثُلثُ العِلمِ،  حيثُ قال فيه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «الأعمالُ بِالنِّيَّةِ»،  فلا تصِحُّ جَميعُ العِباداتِ الشَّرعيَّةِ إلَّا بوُجودِ النِّيَّةِ فيها،  فإنَّما يَعودُ على المسلمِ مِن عَملِه ما قصَدَه منه،  وهذا الحُكمُ عامٌّ في جَميعِ الأعمالِ مِنَ العباداتِ والمعاملاتِ والأعمالِ العاديَّةِ،  فمَنْ قصَدَ بعَملِه مَنفعةً دُنيويَّةً لم يَنلْ إلَّا تلكَ المَنفعةَ ولو كان عِبادةً،  فَلا ثَوابَ له عليها،  ومَن قصَدَ بعَملِه التَّقرُّبَ إلى اللهِ تعالَى وابتغاءَ مَرضاتِه،  نالَ مِن عَملِه المَثوبةَ والأجرَ ولو كان عمَلًا عاديًّا،  ثُمَّ ضرَبَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الأمثلةَ العمليَّةَ لِبيانِ تَأثيرِ النِّيَّاتِ في الأعمالِ فبيَّنَ أنَّ مَن قصَدَ بِهجرتِه امتثالَ أمْرِ ربِّهِ،  وأنَّ مَن قصَدَ بِهِجرتِه مَنفعةً دُنيويَّةً وغرَضًا شخصيًّا،  «فهِجرتُه إلى ما هاجَرَ إليه»،  فلا يَنالُ مِن هِجرتِه إلَّا تلك المنفعةَ الَّتي نَواها،  ولا نَصيبَ له مِنَ الأجرِ والثَّوابِ.