2024/6/17] ⁦=⁠-⁠O⁩: ( ٢٠ ) أ - شخصية المسؤولية الجزائية في الشريعة الإسلامية شخصية المسؤولية الجزائية ، ولا يؤاخذ امرؤ بجريرة غيره، وهذا المبدأ الهام يستند إلى قول الله تعالى : ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى . (١٤٧) وفي حديث الرسول عليه السلام : ولا يؤخذ الرجل بجريرة أبيه ولا بجريرة أخيه (١٤٨) ، من دراسة مبادئ الشريعة الإسلامية وتتبع مختلف الأبحاث الفقهية التي تدور حول المسؤولية الجزائية ، أي مسؤولية الإنسان عن أفعاله ، نستطيع أن نستنتج بأن هذه المسؤولية ضرورة إجتماعية (١٠٠) تقضي بها الرغبة في الحفاظ على كيان الجماعة واستباب أمنها وحماية نظامها . تهديد أو افساد وذلك بانزال العقوبة اللازمة بمن يقترف أي من كل : جريمة تهدد أمن الجماعة أو تفسد النظام في المجتمع، ١٤٧) فاطر ۳۰ : ۱۸ . ١٤٨) انظر عبد القادر عودة : التشريع الجنائي الإسلامي ج ١ ص ٣٩٤ السابق ذكره . ١٥٠) انظر عبد القادر عودة : التشريع الجنائي الإسلامي ج ۱ ص ۲۸۹ ۱۱۰ 11:11 م، 2024/6/17] ⁦=⁠-⁠O⁩: ولهذا فالعقوبة قد تكون خفيفة وقد تصل إلى حد استصال المجرم بقتله أو بحبسه حتى ولكن على من تقع المسؤولية الجزائية؟ يتفق الفقهاء على أن أهلية تحمل المسؤولية الجزائية إنما تقع على ( المكلف) والمكلف في عرفهم هو الإنسان الذي يوجه إليه الأمر والنهي، خير ما نستشهد به عليها، من أقوال الفقهاء، قول الفقيه الأصولي أبي الحسن الآمدي (۱۰۱) التالي : و اتفق الفقهاء على أن شرط المكلف أن يكون عاقلاً فاهماً للتكليف، لأن التكليف خطاب، وخطاب من لا عقل له ولا فهم محال، كالجماد والبهيمة . دون تفاصيله من كونه أمراً أو نهياً ، ومقتضياً للثواب والعقاب، والصبي الذي لا يميز ، 11:11 م، 2024/6/17] ⁦=⁠-⁠O⁩: المجنون ، المغلوب على عقله حتى بيراً، وعن النائم حتى يستيقظ ، أو تخييره بين فعل والكف عنه (۱۰۳) وتسمى هذه الأحكام ( تكليفية) لأنها تتضمن الزام المكلف اتيان فعل، مثل قوله تعالى : هو إن الله يَأْمُرُكُمْ أَن تودوا الأمانات إلى أَهْلِهَا (١٠٠) أو الزامه الكف عن فعل كما في قوله تعالى : وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ) (١٠٠) أو تحرير المكلف في اتيان . مثل قوله تعالى : ﴿وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ) (١٠٦) . أو شرطاً له ، أو مانعاً منه ، وتسمى في قوله تعالى : هذه الأحكام ( وضعية ) ) لأنها وضعت أسباباً لمسيبيات ، أو شروطاً المشروطات ، ١٥٢) أخرجه أحمد في مسنده عن علي وعمر . (١٥٣) انظر الإحكام في أصول الأحكام للأمدي ج 1 ص ١٣٥ وما بعدها المستصفي للغزالي ج 1 من ٦٥ وما بعدها - أصول الفقه لعبد الوهاب خلاف من ٢٤- التشريع الجنائي الإسلامي العودة ج 1 ص ١٣ وما بعدها . (١٥٤) سورة النساء ٤ : ٥٨ ۱۰۰) سورة الإسراء ١٧ : ٣٣ ٥٦ المصورة المائدة ٠٢:٥ ١٥٧) سورة المجيدة ٥: ٣٨ . ١٥٨) سورة النور ٢٤ ١٣٠ 104) الخرجه الحمد في مسنده واليه عن واقع بن خديج ، والكثر بالتحدين أو يسكون التاء حمار النخل أو طلعه . 2024/6/17] ⁦=⁠-⁠O⁩: القواعد الأصولية من الوجهة الجزائية يمكن القول أن قاعدة ( قانونية الجرائم والعقوبات ) قد عرفها الفقهاء المسلمون بعد أن قسموا الأحكام الشرعية إلى أحكام تكليفية وأحكام وضعية ، ولهذا وضعوا قواعد أساسية هامة في علم الأصول ) أهمها ، من الناحية الجزائية القاعدتان التاليتان : القاعدة الأولى : (لا) حكم لأفعال العقلاء قبل ورود النص) أي أن أفعال المكلف المسؤول لا يمكن وصفها بأنها محرمة ما لم يرد نص تحريمها ، ولا حرج على المكلف أن يفعلها أو يتركها حتى يرد نص على تحريمها . القاعدة الثانية : (الأصل في الأشياء الإباحة ) ، أي أن كل فعل أو ترك لفعل مباح أصلاً، فإذا لم يرد نص يحرم الفعل أو الترك، فلا مسؤولية ولا عقاب على فاعل أو ممتنع . ولما كانت الأفعال المحرمة لا تعتبر جريمة في الشريعة بتحريمها وإنما بتقرير عقوبة عليها ، سواء كانت العقوبة حداً أو تعزيراً، فإن المعنى الذي يُستخلص من كل هذا، مصادر القاعدتين الأصوليتين هاتان القاعدتان اللتان نقطعان بأن : ( لا جريمة ولا عقوبة بلا نص في الشريعة والقاعدة الأولى يقول بها غيرهم وهم الذين يرون أن الاباحة تستدعي مبيعاً ، والمبيح هو الله تعالى إذا خير بين الفعل وتركه بخطابه ، ولا حرج في اتيانها أو تركها حتى ينص على وقد كان هذا الخلاف سبباً في وضع هاتين القاعدتين الأصوليتين ومن شاء المزيد من البحث الليرجع إلى الإحكام في أصول الأحكام للآمدي ج ۱ ص ۱۲۰ وما بعدها وإلى المستعلمي للغزالي ج ١ ص ٦٣ وما بعدها ، وإلى فواتح الرحموت في شرح مسلم الثبوت لابن عبد الشكور ج 1 ص ٤٩ ، وإلى الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم ج ١ ص ٥٢ وما بعدها . وانظر عودة ج 1 ص ۱۱۸ 11:12 م، ولا إلى مبادئ العدالة والإحسان التي تقوم عليها ! الشريعة الإسلامية فحسب، إنما تستندان إلى نصوص خاصة صريحة، وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حتى تبعث رسولاً (١٦٢) وقوله عزّ من قائل : ﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثُ فِي أمِهَا رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا . (١٦٣) . لقلا يَكُونَ للنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ . (١٦٤) . فهذه النصوص قاطعة في أن لا جريمة إلا بعد بيان ، ولا عقوبة إلا بعد انذار ، وهي نصوص قرآنية مدونة ، ۲۰ ) ب ضمان كرامة الإنسان . إن الدول الحديثة التي يسود فيها القانون، يكون القضاء فيها مكفولاً الجميع الناس، وإذا أتهم إنسان بجريمة ما يعد بريئاً إلى أن يثبت اقترافه لها بعد محاكمة عادلة تتوافر له فيها كل الضمانات للدفاع عن نفسه، كما لا يمكن أن يتعرض إنسان فيها لأي تعذيب من أي نوع كان ، أو هيئة معاملة منافية لكرامته كإنسان . إن الفقرة (ب) من المادة العشرين من مشروع حقوق الإنسان في الإسلام تنص على أن كل نص أو تدبير يتم بمقتضاه في أي دولة عمل من الأعمال السابق ١٦١) انظر كتاب عودة ج ۱ ص ۱۱۶ . ١٦٢) سورة الاسراء ۱۷ : ١٥ ١٦٤) سورة النساء ٤ : ١٦٥ ١٦٥) انظر تاريخ إعلان حقوق الإنسان تأليف الكبير بابيه ترجمة محمد منصور القاهرة ١٩٥٠ 11:12 م، 2024/6/17] ⁦=⁠-⁠O⁩: تعدادها خارجاً عن الحدود التي تنص القوانين عليها، الشرع الإلهي ولا تقره مبادئ الإسلام. أ لكل إنسان الحق في الاعتراف له بشخصيته الشرعية من حيث أهليته للالزام والالتزام . ب لكل إنسان حقه في الاستقلال بحياته الخاصة في سكنه وأسرته وماله واتصالاته الاجتماعية، ولا يجوز التجسس عليه أو الاساءة إلى سمعته، ويجب على الدولة حمايته من كل تدخل تعسفي . ۲۱) أ- الشخصية كلمة محدثة لما يميز إنساناً بعينه عن بقية الناس وشخصية أي إنسان - كما يقول علماء القانون المحدثون تبدأ بتمام ولادته حياً ولا تنتهي إلا بموته ، على أنه قد يكتسب حقوقاً وهو جنين في بطن أمه كما أن حقوقاً أخرى قد تنشأ بموته، وتتكفل ببيان أحكام الشخصية القانونية للإنسان النصوص دينية كانت أم وضعية . والمقصود من الشخصية الشرعية الواردة في هذه الفقرة الأهلية المدنية للإلزام والالتزام، وتتكفل بيان شروط الأهلية وأحكامها المختلفة وما يطرأ عليها من قيود الأحكام الشرعية أو 11:13 م، 2024/6/17] ⁦=⁠-⁠O⁩: ٢ - حقه في مسكن يختص به دون سواه . حقه في الاتصال بمن شاء والامتناع عن الاتصال بمن لا يرغب الاتصال به ويجب أن يكون التمتع بهذه الحقوق والإنسان واثق من أن أحداً، فرداً عادياً كان أو موظفاً لا يتجسس عليه أو يراقبه أو يسيء إلى سمعته أو يؤذي مكانته في قومه . وقد أوجبت الفقرة نفسها على الدولة حماية حقوق الإنسان الملمع إليها، وحماية 11:13 م، شب الإنسان في حياته البدائية ، فرداً من عشيرة دأبها التنقل من أرض إلى أرض ومن مكان إلى آخر ، طلباً للماء والكلأ ، فاعتاد كثرة التنقل ثم استمرأه في سبيل العيش وسعياً وراء الرزق . ﴾ (١٦٦) . ثم نزل قوله سبحانه وتعالى : ﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا . (١٦٧) بصيغة الاستفهام داعياً البشر إلى التنقل في البلاد ليزدادوا إيماناً بالله واعتباراً بالأقوام التي كفرت فأبادها الله سبحانه . فالإنسان إذن نشأ على حب التنقل طلباً للرزق ، أكبر إفتئات على حقه هذا . والعالم المتمدن اليوم يقر للإنسان الحق المذكور وهو يعترف به في المواثيق الدولية التي ارتضاها، وبهذا أخذ المشروع الإسلامي. إن سعة الأرض واختلاف أقاليمها وفقدان الأمن في كثير من بواديها وقفارها ، إلى جانب قسوة العوامل الطبيعية في أحيان كثيرة ، كل هذا جعل المألوف لدى القبائل والشعوب استضافة الضال والغريب والجائع والخائف، كما أن الهرب من العسف والاضطهاد والفرار من الظلم والعدوان طبيعة في الإنسان ، مما يحمله على اللجوء إلى ۱۲۲ 2024/6/17] ⁦=⁠-⁠O⁩: مكان آمن أو إلى من يستطيع أن يحميه ويدافع عنه ، وفي التاريخ الإسلامي مثل رائع لمبدأ الاستجارة، فبعد أن أذن الله سبحانه وتعالى للرسول عليه الصلاة والسلام بقتال المشركين نزل قوله تعالى : ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَاجِرُهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ ﴾ (١٦٩) يقر الأخذ بمبدأ الاستجارة، أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ . (۱۷۰) . فإذا كان من حق كل إنسان مضطهد أو مظلوم أن يستجير بمن يحميه فيأمن على حياته في كنفه ، المادة الثانية والعشرون أ لكل إنسان حرية التنقل واختيار محل إقامته داخل بلاده أو خارجها مع ۲۲ ) أ- تنص هذه الفقرة على حق كل إنسان في التنقل بين البلاد وحقه في الإقامة في أي محل يريد سواء أكان هذا المحل داخل وطنه أم كان في بلد أجنبي ، العامة أو ضرورات الأمن. ١٦٨) انظر في نشوء مبدأ الاستجارة وتطوره كتابنا الموجز في المبادئ العامة في قانون العقوبات السابق ذكره . (١٦٩) التوبة ٠٦:٩ ۱۷۰) من روائع أبحاث الفقهاء المسلمين ما ذكروه عن المشرك المستجير بمسلم كم يحق له أن يبقى في دار الإسلام آمناً ؟ فقد حدد بعضهم إقامته بأربعة أشهر وقال آخرون بل يبقى آمناً الله سنة كاملة - انظر ( مختصر تفسیر ابن کثير المحمد على الصابوني ( ط ۷ بیروت ۱٤۰۲ - ۱۹۸۲ 11:14 م، 2024/6/17] ⁦=⁠-⁠O⁩: ( ۲۲ ) ب قد يكون الإنسان في بلد يحكمه مستبد أو طاغية عرضة لظلم أو اضطهاد، أما إذا كان ترك البلد ميسوراً له فما عليه إلا أن يغادره إلى بلد يحمي فيه نفسه مما يناله لو بقي في بلده، والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه العزيز خطاباً للمضطهدين : . لهذا تنص الفقرة (ب) من المادة الثانية والعشرين على أن المضطهد إذا ما لجأ إلى بلد آخر فعلى الدولة في هذا البلد أن تحمي اللاجئ إليها حتى يبلغ مأمنه . وجرت الدول المعاصرة على تنظيم اللجوء إليها بنصوص واضحة وشروط معينة وإقامة محددة ، جاعلة الفصل فيما يثور من مشاكل حول لجوء شخص معين إليها بيد سلطة لها حق القضاء أو الفصل في الموضوع. 11:14 م، 2024/6/17] ⁦=⁠-⁠O⁩: تمهيد ۱۰ - حقوق وواجبات أثناء الحرب إن مبادئ الإسلام واضحة أشد الوضوح فيما يتعلق بالحرب، لقد أنشأ لها الإسلام من الآداب والتقاليد ما لم يسبق للبشرية أن عرفت مثله قبل الإسلام ولا تقيدت بنظائره أمة في جميع العصور والأزمان، فقد أوجب الإسلام على القادة والجنود المتحاربين الالتزام بما يتفق مع الشهامة والنبل والامتناع عن كل ما يشين كرامة الإنسان . لقد أوجب الإسلام على المتحاريين عموماً أن لا يبدأوا حرباً بالقدر وأن يجتنبوا الفتك بالأعداء غيلة، وأن لا يقتلوا امرأة ولا صبياً ولا شيخاً عاجزاً ولا مقعداً إلا رجلاً فقد حدث يوم غزوة أحد أن تراجع المسلمون فمثل المشركون بقتلاهم فغضب النبي عينا رأى عمه حمزة بين القتلى الممثل بهم فقال : الثن أظغرني الله بهم الأمثلن بضعفي ما بها مثلوا بنا ، فانزل الله سبحانه وتعالى قوله : وإن عاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ به، بووت ١٤٠٢هـ. 11:14 م، 2024/6/17] ⁦=⁠-⁠O⁩: المادة الثالثة والعشرون في حالة الحرب لا يجوز قتل الأطفال والنساء والشيوخ والمنقطعين للعبادة ممن لا مشاركة لهم في القتال، ولا يقطع الشجر ولا تنهب الأموال ولا تخرب المنشآت المدنية ولا يمثل بالقتيل. وللجريح الحق في أن يداوى وللأسير أن يطعم ويؤوى . ولما حضرته الوفاة أوصى قائلاً : و انفذوا بعث أسامة ، (١٧) وبعدما بايع المسلمون أبا بكر الصديق بالخلافة سارع إلى إنفاذ الجيش الذي ولى الرسول قيادته إلى أسامة ، ثم ذكر ما أوصى خليفة رسول الله الجيش قائلاً : - لا تغدروا ولا تمثلوا - لا تقتلوا طفلاً صغيراً ، ولا امرأة ، - ولا تقطعوا شجرة مثمرة ، - ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيراً إلا المأكلة ، ١٧٦) أخرجه البخاري في الأدب عن أبي هريرة . (۱۷۸) أخرجه الطبراني في الكبير عن أبي عزيز . ۱۷۹) انظر تهذيب سيرة ابن هشام تحقيق عبد السلام هارون من ٣١٥ مصر ١٤٠٨ ١٢٦ ها