الألفباء سبقني أخواي ديب وَهَيْكَل إلى الْمَدْرَسَةِ. وَتُرَتِّبُ ثِيابهما، وَتُزَوْدُ كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما بِحَمَالِهِ ، وتوصيهما أن يكونا قُدْوَةً لِغَيْرِهِما في الدَّرَاسَةِ وَحُسْنِ السلوك. كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ سَيَأْتي يَوْمٌ يَقولونَ لي فيه: أن أنْ تَذْهَبَ إِلَى الْمَدْرَسَةِ، وَكُنْتُ أَتَرَقَّبُ ذَلِكَ الْيَوْمَ بِشَيْءٍ مِنَ اللَّيْفَةِ وَالْقَلَقِ. فَقَدْ كانَ يَشُدُّنِي أَنْ يَكُونَ لِي حَمَالٌ أَضَعُ فِيهِ الْكُتُبَ وَالدَّفَائِرَ وَالْأَفلام، وأكون قادرًا على " تعليق الاسم - أَي عَلَى وَصْلِ الْحُرُوفِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ بِحَيْثُ تُشَكِّلُ كَلِمَاتٍ مَفْرُوءَةً. وَلَكِنَّني كُنتُ أخشى الانحباس الطويل ضِمْنَ جُدْرَانٍ أَرْبَعَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لَكَ الْحَقِّ في الخروج ساعَةَ تَشَاءُ، وَجَاءَ ذَلِكَ الْيَوْمُ، فَأَصْطحبني أخواي إلى الْمَدْرَسَةِ، وَقَدْ أَمْسَكَ كُلِّ مِنْهُمَا بِبَدٍ مِنْ يَدَيَّ وَهُمَا يُبالِغان في مُلاطفتي. وكُنتُ أمْشي بينهما ذاهِلًا عَنِ الْأَرْضِ تَحْتَ قَدَمَيْ وَمَزْهُوا بحمالي الجديد وَفِيهِ كُراس الألفباء الذي انحدر من أخي الأول إلى الثاني ثُمَّ إلي، وفي رأسي تدور أغرب التخيلات عن ذلك العالم السِّرِّي الَّذِي يَدْعُونَهُ الْمَدْرَسَة. وَعَمَّا يَنْتَظِرُني مِنْ مُفاجآت سارة وغير سارة.