السيرة الذاتية لـ هدى شعرواي وساهمت في الثورة التي خلّصت مصر من الاستعمار وغيّرت من حياة المرأة المصريّة، فهي ابنة محمد سلطان باشا رئيس مجلس النواب الأول في عهد الخديوي توفيق، دعمت هذه الاتهامات الخدمات التي قدّمتها بريطانيا إليه بعد الاحتلال مقابل مواقفه، تذكر الشعرواي في مذكّراتها أنّها عانت من التفرقة بين الجنسين بدايةً في سنٍ مبكّرة إثر التمييز الذي كان يناله أخوها الذي كان يصغرها بعشرة أعوام لمجرّد أنّه ذكر، كما ذكرت أنّه إلى جانب التعليم المدرسي فهي تلقّت التعليم الأساسي بالفرنسيّة ولُقّنت القرآن والبيانو واللغة التركيّة والعربيّة وفنون الخط وغيرها من قبل نخبة مدرسين كحصيلة ثانويّة للاهتمام الذي ناله أخاها الصغير فهي دروسٌ مخصصةٌ له لكنّها أصرّت على حضورها فأصبحت بسن التاسعة فقط تتقن أكثر من لغتين وتعزف البيانو تحفظ القرآن وجميعها إنجازات غير مسبوقة بالنسبة لأنثى في زمنها. توفّي والدها في سنٍ مبكرة لذا عاشت مع والدتها وزوجة والدها الأخرى حيث كان ابن عمّتها علي الشعراوي وصيًا عليها والموكّل بأملاك والدها المتوفي ومن هنا بدأت تزداد لديها النزعة النسويّة لكثر ما واجهته من التفرقة بين الجنسين كان أبرزها الاتفاق على زواجها دون علمها من ابن عمتها الوصي عليها والذي يكبرها بما يصل أربعين عامًا وهي في الثالثة عشرة من عمرها فقط. تأثرت بوالدتها وكانت على علاقة وطيدة مع أخيها “خطاب” الذي وجدت فيه مأوى من ذكوريّة المجتمع لا سيما وأنّها تزوجت في سنٍ مبكرة من ابن عمتها علي الشعراوي وحملت لقبه بعد أن كان لقبها “سلطان”، لكنّ الزواج لم يتمّ إلّا عندما حصل على الطلاق من زوجته الأولى برغم وجود ثلاث بنات من ذلك الزواج، وبعد طلاق علي الذي يكبر هدى بأربعين عامًا حصل بين الزوجان حديثا العهد انفصال بعد عامٍ واحد دون طلاق نتيجة عودة زوجها إلى زوجته الأولى. توفي زوجها عام 1920 وبقيت أرملةً حتّى وفاتها وعلى قدرٍ كبيرٍ من الثراء، كما اتهمت بالازدواجيّة تجاه تعاملها مع قضيّة عشيقة ابنها، حيث رفضت النسويّة والناشطة في حقوق المرأة هدى شعرواي بشكل قاطع زواج ابنها من الفنانة التي أحبها بشدّة وهي المغنية فاطمة سري، كما رفضت بشدّة الاعتراف بالمولودة التي نتجت عن علاقة الاثنان بزواجٍ عرفي، وبعد محاكم عديدة بين الطرفين اعترفت هدى بحفيدتها بعد إقرار المحكمة بأن المولودة هي ابنة ابنها محمد باشا. من النقاط السوداء في مسيرتها النضاليّة رفضها القاطع للمرأة التي أحبها ابنها لمجرّد أنّها فنانة ولكون العلاقة بينهما كانت غير شرعيّة في البداية، ولم تعترف بحفيدتها التي نتجت عن العلاقة إلّا بعد قرار من المحكمة. السبب في ذلك الأعمال الخيريّة وعملها النضالي الذي أبعد الأذهان عن ثرائها الفاحش. كانت أوّل امرأة مصريّة تسافر بلا محرم إلى أوروبا ونزعت الحجاب أمام الجماهير ويُقال أنّها داسته بأقدامها. أي بعد حوالي أسبوعين من صدور قرار تقسيم فلسطين من قبل الأمم المتحدة، جرّاء نوبةٍ قلبية تعرّضت لها أثناء كتابتها لبيان استنكار لهذا القرار طالبت فيه الدول العربيّة بأن تتحد في وجهه. بعد وفاتها برزت ثمرة أعمالها بشكل أكبر فمثلًا تحققّت للمرأة نسبة لا تقلّ عن 25% من المعاقد في البرلمان المصري، كما تمّ الجمع بين الجنسين في صفوف المدارس الابتدائيّة والإعداديّة، هناك قابلت العديد من الناشطات وقيادات فرنسيات نسويّات يعملن لتحرير المرأة ما شجعها أن تحذو حذوهم بعد العودة إلى بلادها فكان إصدارها لمجلّة “الإجيبسيان” باللغة الفرنسيّة أول أعمالها النسويّ. بعد زواجها بعامٍ واحدٍ انفصلت عن زوجها دون طلاق بعد أن عاد إلى زوجته الأولى، أمّا هي فعادت لتعيش مع والدتها في بيت العائلة حيث تمتّعت بهامش حريّة أكبر أكملت خلالها دراستها ووسّعت دائرة معارفها ممن ساهم معها في الحركة النسويّة التي كانت أبرز روادها. عادت بعد سبع سنواتٍ وتحديدًا عام 1900 إلى زوجها لكنّها أبت أن تنهي مسيرتها التحرّرية، بدايةً غيّرت مع صديقاتها سيطرة المؤسسات الدينيّة على الأعمال الخيريّة والاجتماعية، حمل عام 1909 الكثير من المرّات الأولى لهدى التي ساعدت بإنشاء إحدى أوائل الجمعيات الفكريّة في القاهرة والتي ألقت في حفل افتتاحها محاضرةً أثارت الجدل تناولت فيه بجرأة موضوع الحجاب والفرق بين المرأة الأوروبية والعربيّة وأنّها من أنصار التفسير الأكثر ليبيراليّة للإسلام، للأسف لم يكن الاجتماع لنساء الطبقات الرفيعة أو الوسطى خيارًا متاحًا في العلن على الرغم من المحاولات السابقة لتأمين أماكن اجتماع محدّدة خاصّة بهنّ، أخرجت هدى النشاط النسوي من السريّة إلى العلن رويدًا رويدًا من خلال نشر آرائها كمقالات أو كتب مع غيرها من النسويّات في الصحف والمجلات الرائدة سعيًا منها لإثبات أنّ الأدوار الاجتماعيّة التي تميّز الرجل عن المرأة هي من صنع المجتمع ويتدّخل الدين فيها لصالح الرجل، حثّت من خلالها المرأة في أي مكان على أن تطالب بحقّها في التعليم والعمل وأن تتواجد بشكل عام خارج نطاق الأسرة، علنًا تحدّثت هدى للمرأة الأولى وهي في سنّ الأربعين عام 1918 ذلك بعد أعوامٍ طويلة من التنسيق والتنظيم والنقاشات والاجتماعات والزيارات الدولية بين النسويّات الرائدات، تأثّرت هدى بأفكار زوجها الثوريّة لا سيما بعد مشاركته بتأسيس حزب الوفد القومي، وكانا من أنصار قضية الاستقلال المصري عن بريطانيا لذا ساهمت بحشد المناضلات وتقدّمت أكبر ثورة نسائيّة مناهضة لبريطانيا مطالبةً بالاستقلال ذلك عام 1919، وقامت السيدات القياديات ممن شاركن في المظاهرة بتأسيس لجنة الوفد المركزيّة للسيدات في العام التالي واُنتخبت الشعرواي رئيسةً لها فطالبت مترأسةً هذه اللجنة من رئيس الوزراء البريطاني عام 1920 بتحرير المناضلين المعتقلين أولهم سعد زغلول ووقف الاستبداد البريطاني ضد الشعب المصري. ترأست الوفد النسائي الذي اتجه لمقابلة سعد زغلول بعد إطلاق سراحه وإعادته لمصر عام 1921، وقامت قبل لقائها به بنزع الحجاب عن رأسها مع زميلتها سيزا نبراوي أمام حشدٍ كبير يستقبل زغلول، بعد الاستقلال واجه الاتحاد نكسةً كبيرة لأنّ دستور البلاد الجديد لم ينصف المرأة ولم يذكر حتّى دورها النضالي في وصول مصر للاستقلال، استغلّت القضيّة الفلسطينيّة لتفرض نفسها في الساحة السياسيّة ساعدها على ذلك ترأسها الاتحاد النسائي حيث اقترحت الضغط على بريطانيا لرفض التقسيم وغيرها من المواقف التي جعلت منها رائدةً في المجال السياسي بالنسبة للنساء، وانتقلت تلك العدوى التحررّية إلى كافة الدول العربيّة وتوسّع نطاق الحركة النسويّة استنادًا على حركة نسويّات مصر ذات الأربعة والعشرون عامًا. قابلت العديد من كبار رجال السياسة أمثال موسوليني عام 1923، كما كانت عضوًا مؤسسًا في الاتحاد النسائي العربي وترأسته عام 1935 واستمرّت لأكثر من عشرين عامًا عقدت فيه “المؤتمر العام النسائي” عام 1944 والذي نتج عنه بيانٌ يحوي قرارات اتخذتها لجنة المؤتمر لصالح القضيّة النسويّة كمنع تعدد الزوجات وتقييد حقّ الطلاق وغيرها، كما استمرّت بإصدار صحيفة الإجيبسيان ومجلّة المرأة المصريّة وشاركت بعدّة مؤتمرات تخصّ المرأة أو السياسة كمؤتمر باريس عام 1926، كتاب “السلام العالمي ونصيب المرأة في تحقيقه” عام 1938. أسست جمعية لرعاية الأطفال عام 1907. خصّصت أوّل قاعة للمحاضرات النسوية في الجامعة المصرية عام 1908. قادت مظاهرات النساء في ثورة عام 1919. ترأست الوفد النسائي الذي اتجه لمقابلة سعد زغلول بعد إطلاق سراحه وإعادته لمصر عام 1921. عضو مُؤسِّس للاتحاد النسائي المصري ورئيسته من عام 1923 حتّى عام 1947. شاركت في مؤتمر باريس عام 1926.