غير أنّ الرسل لم يكتفوا بإعلان البشارة في المجامع على مسامع اليهود، بل بدأوا شيئًا فشيئًا يعلنون تلك البشرى بكلّ جرأة، الأمر الّذي لم يتقبّله بسهولةٍ المسيحيّون المتحدّرون من أصلٍ يهوديّ. والدليل على ذلك ما ينقله إلينا سفر أعمال الرسل عن تعميد بطرس لكورنيليوس وسائر أفراد أسرته الوثنيّين في مدينة قيصريّة. أخذ بعض المؤمنين يخاصمونه ويلومونه على فعلته. عقب ذلك حصل جدالٌ طويلٌ وحادّ في مسألة دخول الوثنيّين كنف جماعة المؤمنين وفي الشروط اللازمة لقبولهم فيها: هل يجب عليهم أن يخضعوا أوّلاً لشريعة موسى وأن يعبروا بالديانة اليهوديّة ممرًّا لا مفرّ منه لبلوغ المسيح؟ وهكذا عُقد في مدينة أورشليم حوالى العام ٤٩ اجتماعٌ للرسل وللجماعة المسيحيّة في المدينة، عُرف في ما بعد باسم "مجمع أورشليم الرسوليّ". وبعد مناقشات طويلة حول هذا الأمر، اختلى الرسل وشيوخ الكنيسة، وقرّروا ألّا يُضيَّق على الذين يهتدون إلى الله من الوثنيّين، وأن لا يُلزَموا بوصايا شريعة موسى التي تقضي بالختان، والامتناع عن أكل بعض اللحوم لأنّهم كانوا يعتبرونها نجسة.