تبليغ دين الله للآخرين. وهي تنقسم إلى قسمين رئيسين : ۱ - دعوة المسلمين : ويشمل ذلك مجموعة صور منها : دعوة من يتبركون بالقبور ويعظمونها إلى تعظيم الله وحده، وتبليغهم أن عملهم مخالف لحقيقة التوحيد القائم على تعظيم الله وحده وترك تعظیم غيره. دعوة أهل الفرق إلى العقيدة الصحيحة وترك البدع دعوة المتساهلين في أمور الدين إلى الالتزام بها ، كمن يتساهل بالصلاة ولا يقيم أركانها وواجباتها. ۲ - دعوة غير المسلمين : بأن يدعو الكفار إلى الدخول في دين الإسلام ويعرفهم بحقيقته ومحاسنه، ويدفع الشبهات التي اشتبهت عليهم بشأنه). ثانياً : فضل الدعوة إلى الله ومسؤوليتها. الدعوة إلى الله من أفضل الأعمال وأشرفها ، ولذا كانت وظيفة أفضل البشر الذين هم أنبياء الله ورسله والنصوص التي وردت في فضل الدعوة كثيرة، منها قوله تعالى : وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) خير لك من أن يكون لك حمر النعم) (۱) ، وقوله : (من دعا إلى هدى ؛ كان له من الأجر مثل أجور من تبعه ، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً. ومن دعا إلى ضلالة ؛ كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه ، والدعوة إلى الله مسؤولية عامة على جميع المسلمين، ومشتركة بين قياداته وأفراده، وهي ميدان فسيح يمكن لأي مسلم أن يفيد فيه حسب المجال الذي يتقنه، ج فيرشد الناس إلى طرق الخير والهداية ، قال تعالى : ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) (يوسف : ۱۰۸)، وقال : (بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار) (۳). ثالثاً : آداب الدعوة إلى الله. ملے إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾ (النحل : ١٢٥). يقول الشيخ السعدي الله في تفسير الآية : أي : ليكن دعاؤك للخلق مسلمهم وكافرهم - إلى سبيل ربك المستقيم المشتمل على العلم النافع والعمل ( بِالْحِكْمَةِ ) أي : كل أحد على حسب حاله وفهمه وقوله وانقياده. والبداءة بالأهم فالأهم، بالأقرب إلى الأذهان والفهم، وبما يكون قبوله أتم ، وبالرفق واللين ، وهو الأمر والنهي المقرون بالترغيب والترهيب، إما بما تشتمل عليه الأوامر من المصالح وتعدادها، والنواهي من المضار وتعدادها، وإهانة من لم يقم به ، وإما بذكر ما أعد الله للطائعين من الثواب العاجل والآجل، وما أعد للعاصين من العقاب العاجل والآجل. فيجادل بالتي هي أحسن، *** أولاً : أقسام وسائل الدعوة. وسائل الدعوة هي : الطرائق المشروعة التي يتوصل بها الداعية إلى تبليغ دعوته ، سواء كانت معنوية أو مادية. والصحيح أن وسائل الدعوة غير محصورة ، بل هي شاملة لكل ما يحقق غاية تبليغ الدعوة من الوسائل القديمة أو الحديثة (١) ، فكم من وسيلة ظهرت قام العلماء والدعاة باستخدامها ، وأما ما تم إنكاره من الوسائل ؛ فبسبب ما ظهر من مفسدته ، أو عدم مشروعيته. ويجب أن تكون الوسائل الدعوية مشروعة، ومعنى هذا أنه مهما ظهر من وسائل ، ومهما أمكن من ابتكار طرق في الوصول إلى المدعو ؛ وتنقسم وسائل الدعوة إلى أقسام متعددة، من أبرزها : تقسيمها إلى وسائل عادية معروفة ، لا تتغير بتغير الأزمان والأمصار. وإلى وسائل مبتكرة. وقد تكون الوسائل المبتكرة خادمة للوسائل العادية، فإن المحاضرة من الوسائل العادية، أما إذاعتها بالبالتوك فهي وسيلة مبتكرة، ويمكن إجمال مرجع هذه الوسائل في ثلاثة أقسام رئيسة ؛ هي : الدعوة بالقول والكتابة، والدعوة بالعمل، القول هو الأصل في وسائل الدعوة إلى الله تعالى، منها : اللقاءات العامة : كإقامة المحاضرات والندوات والمناقشات، والدروس في المساجد والجامعات، اللقاءات الخاصة : كالدروس الخاصة بطلاب العلم. الكتابة : ويشمل ذلك : الرسالة ، والنشرة، وغيرها. التبليغ بالقول عبر وسائل الإعلام الحديثة ؛ المسموعة، والمرئية، والمقروءة. التبليغ عبر وسائل الاتصال المباشرة، كالهاتف والبرامج التابعة له. أما ما يختص بالدعوة في الخارج من وسيلة التبليغ بالقول والكتابة ؛ ما يلي : ۱ - البعثات الدعوية : تنقسم هذه البعثات من جهة زمن وجودها بالخارج إلى بعثات مقيمة ، وبعثات مؤقتة، وبعثات غير رسمية. ۲ - قيام المبتعثين للدراسة بمسؤولية الدعوة : من المهم للمبتعث أن يقوم بما أوجب الله عليه من تبليغ دين الله بالتي هي أحسن ؛ حسب قدرته وعلمه ، ولذلك فوائد متعددة، ووجدانياً للعيش في البيئات غير الإسلامية، ومن جهة أخرى فإنه يزيد تفاعله وسط الطلبة وفي المعاهد والجامعات الأجنبية، ويؤهله للقاء عدد أو على الأقل يزيل سوء الفهم الناتج عن الدعاية المضادة للإسلام. - إنشاء وسائل إعلام باللغات المحلية : وهذه لها تأثير كبير في نفس المدعو ؛ لأنها تكسر الحاجز المتوقع بينه وبين من يقوم بدعوته. - عمل مواقع تفاعلية على شبكة الإنترنت ؛ يكون من مهمتها التفاعل مع الجمهور الخارجي المدعو. ه - استقدام المدعو : وذلك بعمل دعوات لاستضافة المدعو، وعمل لقاءات له مع الدعاة، والقيام بجولات على بعض المراكز الإسلامية المتخصصة، ويُعد الحج من وسائل الاستقدام الدائمة للمدعوين المسلمين ؛ إذ يمكن استغلال هذا التجمع الضخم لكل هؤلاء المسلمين من كل أنحاء العالم ؛ بالتثقيف، والتوعية بالعقيدة الصحيحة، ٦ - مضاعفة جهود السفارات والقنصليات الإسلامية بالخارج : حيث يمكن أن تقوم هذه المؤسسات الدبلوماسية بأعمال كبيرة في التعريف بالإسلام وقضاياه، فضلاً عن تسهيل عمل الدعاة داخل البلد الأجنبي، وإمدادهم بالتقارير اللازمة التي تعينهم على فهم طبيعة البلد التي يعملون فيها، وبيان المحظورات في ذلك. - إنشاء المراكز الإسلامية، وزيادة الأعمال الإنتاجية للمراكز الحالية. - تأهيل أفراد الأقليات للعمل الدعوي الفردي، من خلال دورات تثقيفية وتعليمية، والانخراط في المجتمع. - المناظرات : وهي من وسائل المقارعة المباشرة، وقد تبين من خلال كثير من المناقشات مع المدعوين ؛ ولكنها تحتاج إلى نوعية خاصة من الدعاة. ۱۰ - استخدام الوسائل التعليمية المتقدمة : وذلك للمحافظة على أبناء الأقلية المسلمة في الخارج ؛ لكي لا يؤدي الاندماج إلى تمييع العقيدة لديهم أو الانحلال عنها، الإسلامية الراعية. القسم الثاني : التبليغ بالعمل : التبليغ بالعمل هو : كل فعل يؤدي إلى إقامة المعروف وإزالة المنكر، ونصرة الحق وإظهاره. والأصل في ذلك قوله : (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه ، وبناء الجامعات والمعاهد والمدارس الإسلامية، وبناء المستشفيات والمصحات ودور الرعاية الاجتماعية، وطبع الكتب الإسلامية وتوزيعها، واختيار الرجل الصالح للعمل في هذه المجالات، وهذا في الحقيقة يعتبر دعوة إلى الله تعالى. كما أن التبليغ بالعمل يكون بإزالة المنكر كما نص عليه الحديث الشريف. ما يختص بالدعوة في الخارج من هذه الوسيلة : ۱ - التعاون على أعمال الخير : يعتبر الأمر بالمعروف وتطبيقه، والتعاون على البر والتقوى ؛ من بناء مساجد وجامعات ونحو ذلك ؛ من الأمور التي يمكن استعمالها في الخارج، مع مراعاة أنظمة البلد وأعرافه. وللمجتمعات المسلمة وبعض الدول الإسلامية جهود مشكورة في هذا الجانب. فيجب مراعاة تطبيقه حتى لا يؤدي إلى ضرر أكبر، وذلك لأن قوانين هذه الدول قد تبيح ما هو ممنوع شرعاً في الإسلام، ومناقشة المدعو فيما يفعل ، وبيان أوجه الضرر فيها، إذ إن بعض المجتمعات قد تربت على الحرية الشخصية ، دون اعتبار لما تقتضيه الفطرة السوية ، لذا يجب أن يكون التعامل مع هذه القضية بحكمة وبصيرة. القسم الثالث : التبليغ بالسيرة الحسنة : من وسائل تبليغ الدعوة إلى الله، وجذب الناس إلى الإسلام : التبليغ بالسيرة الطيبة للداعي، وأفعاله الحميدة، وأخلاقه الكريمة، والتزامه بالإسلام ظاهراً وباطناً، مما يجعله قدوةً طيبةً وأسوةً حسنةً لغيره ؛ لأن التأثير بالأفعال والسلوك أبلغ من التأثير بالكلام وحده. ما يختص بالدعوة في الخارج من هذه الوسيلة : تعد هذه الوسيلة من أهم الوسائل التي ثبت نجاحها في دعوة غير المسلمين، لأن البرهان العملي أكثر تأثيراً في النفس من التنظير القولي ، فكأن الداعية يقول : هذا تأثير معتقدي علي ؛ ولهذا لما سُئلت أم المؤمنين عائشة عن خلق النبي ﷺ قالت : فإن خلق نبي الله كان قرآناً) (۱) ، فالداعية في هذه الحالة يطبق أحكام الدين للدعوة - بصفة عامة - ضوابط لا بد للداعية من الالتزام بها ؛ كالإخلاص والعلم الشرعي وغيرها. وقد لا تكون كذلك، فقبل أن يبدأ الداعية في العمل في بلد ما ؛ ينبغي اطلاعه على القوانين الخاصة المتعلقة بالعمل، ومعرفة ما هو مسموح به، وما هو محظور. بمعنى أنه يسع الداعية احترام هذه العادات. أما إذا كانت هذه العادات تتعارض مع الدين الإسلامي ؛ فإنها تكون موضوعاً لدعوته ؛ لتصحيح تلك المفاهيم، - مراعاة ثقافة المدعو : وهو جزء من دراسة المدعو، فقد يكون المدعو عنده حساسية من الحديث في أمور معينة، - لغة الدعوة : إن مما يؤثر في المدعو تأثيراً بليغاً ؛ اللغة التي يستعملها الداعية، فإذا كان يستعمل اللغة المحلية ؛ فلا شك أن تأثيره سيكون كبيراً، لكن ليحذر أن يستعملها وهو لا يجيدها ، لا سيما إذا كان في حوار مباشر مع وإلا فيفضل الاستعانة بمترجم مأمون. ه - أدبيات الدعوة : يجب على الداعية اجتناب التعبيرات التي لا يستسيغها أهل البلد، واستخدام الأساليب والصيغ الأكثر ملاءمة، وهذا يختلف بحسب كل بلد. جهود حكومة المملكة العربية السعودية الدعوية في الخارج لحكومة المملكة العربية السعودية جهود دعوية في الداخل والخارج، فإننا سنقف مع بعض الجهود الدعوية لحكومتنا بالخارج، سواء في دعوة غير المسلمين، أو في دعوة المسلمين، ويمكن بيان ذلك فيما يأتي : والعناية بها، ونشرها ، فقد أولى الكتب عناية فائقة، ومن نماذج ذلك ؛ ما تقوم به الجامعة الإسلامية بالمدينة من جهود كبيرة في إقامة الدورات التعليمية والتثقيفية ، فقد بلغ عدد الدورات التي أقامتها الجامعة الإسلامية في الفترة من ١٤٠٣ إلى ١٤١٩هـ : ٣٣٦٩٨ دورة شملت العديد من البلاد الإسلامية وغير الإسلامية. ثالثاً : إنشاء كليات ومعاهد تعليمية خارج المملكة. قامت المملكة بإنشاء عدد كبير من المعاهد والكليات العلمية الشرعية ، منها :