يُعدّ الذكر أساس كل مقام روحي، وركيزة بناء السالك نحو معرفة الله، فمن دونه لا يُمكن الوصول إلى مراتب اليقظة والتوحيد والمعارف والأحوال الروحية. يشبه الذكر أساس البناء، فكما لا يُقام بناء بلا أساس، لا تُبنى القلوب إلا به. الغفلة هي نوم القلب أو موته، والذكر وحده يُوقظ القلب من غفلته، مُحققاً غاية خلق الإنسان وهي عبادته –معرفة الله- كما في قوله تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}. امتثال الصوفية لأمر الله بالإكثار من ذكره جعلهم كالملائكة، حيث غابت الدنيا عن قلوبهم، وتواجدوا مع ربهم. يُذكر الله في جميع الأحوال، مُحققاً انشراح الصدر واطمئنان القلب وسمو الروح. العارف من داوم على الذكر، وأعرض عن متع الدنيا. تُطلق كلمة "الذكر" في القرآن والسنة على معانٍ متعددة: القرآن، صلاة الجمعة، العلم، والتسبيح والتهليل، والصلاة على النبي، وغيرها. يُؤكد القرآن والسنة على فضل الذكر، فالله تعالى معه من ذكره، والذكر يُعتبر من أفضل الأعمال وأزكاها. الذكر يُصحّ في جميع الأحوال، حتى للجنب وغيره، وهو صقل للقلوب ومفتاح النفحات الإلهية. الغفلة سبب الهم والحزن، بينما الذكر مفتاح السرور. العديد من الأحاديث النبوية الشريفة تُبرز فضل مجالس الذكر، والذاكرين، وأن من جالسهم ينال من فضل الله. أجمع العلماء على جواز الذكر بالقلب واللسان في جميع الأحوال. لم يُحدد لله تعالى حدّ للذكر، و لم يُعذر أحد في تركه إلا لعذرٍ شرعي، بل أمر بذكره في جميع الأحوال.