عندما نرى المصلين يقفون بانتظام حول الكعبة الشريفة نرى في هذا المشهد العظيم الترابط بين المسلمين ، مجتمعين من جميع الأجناس في مكة المكرمة ، فهي قِبلة القلوب التي تتجه إليها دون عناء، وقبلة الأبدان التي تتجه إليها في كل أذان، وقبلة الأرواح التي تجوع لتجد لذة الإيمان، وقبلة كل مهموم غلبه همه ليرى معالم الفرج فيها، وقبلة كل ضائق صدره ليرى العدل فيها، وقبلة كل مذنب ظالم لنفسه ليرى أثر التوبة فيها. في مكة تجد كل شيء مختلف، فيها القلبُ منشرحٌ فلا يسكنه هم ولا يأس، فيها أبواب متفتحة إلى كل ما هو جميل ومشرق مطمئن، ناصعٌ لا يوازيه شيء في النقاء، طاهرٌ لا يشوبه شيء من النجس، صافٍ لا يعكره شيء من الخبث، يألف الناس وتألفه لا يحمل مثقال ذرة من الخُبث، فالتواضع هو عَلَم يحلق في سماء كل من سكنها ورأى جبالها الشمّاء.