وُلد الأنبا شنوده في شندويل بالقرب من أخميم في عام 49 للشهداء 333م وكان في صغره يرعى الغنم. ولما بلغ التاسعة أرسله والداه إلى خاله بيجول الذي كان يرأس أحد الأديرة في أتريب وبدأ يتعلم التعاليم الدينية واللغتين اليونانية والقبطية ثم تعلم الكتاب المقدس وتاريخ الآباء الرسل والقديسين، وكان على قدرٍ كافٍ من الذكاء في سرعة استيعابه إلى جانب أن غيرته الروحية وتشوقه للدراسة والتحصيل كانت سببًا في سرعة تحصيله الدراسى. و أمضى الراهب الصغير سنواته الأولى في الدير بين الدراسة وبين القيام بشتى الواجبات الدينية بحسب قوانين الدير. ثم تولى رياسة الدير الأبيض سنة 383م خلفًا لخاله بيجول الذي أنشأ الدير ودامت رياسة الأنبا شنوده للدير 66عامًا . وقد ازدهر الدير على يديه وتعددت مؤسساته وتضاعف عدد رهبانه حتى قفز من 30 إلى ما يقرب من 4000 من الاخوة والاخوات (اللواتى كن في مكان قريب وليس في نفس مكان الرهبان) الذين كانوا يمارسون حياة الشركة الرهبانية طبقًا لقوانين باخوميوس بعد أن أضيف إليها ما يقضى بالمزيد من العبادة والتقشف وهذا ما جعلها تتسم بالشدة. ويقول البروفيسور S. Emmel إذا كان الأنبا شنوده قد تلقى أي قدر من التدريب البلاغي الرسمي، سلسلة من الروايات القصيرة والغريبة إلى حد ما التي استخدمها أنبا شنوده ليصف بعبارات مستترة سلسلة من الأحداث في الدير الذي أثار أزمة روحية، وكُتبت هذه القصص والمقالات في حوالي عام 380، التي لم يعترف بها سوى شنوده في البداية، أدت في نهاية المطاف إلى فضح زعيم الدير آنذاك وظهور أنبا شنوده كخليفة محتمل (وهو ما أصبح عليه في الواقع بعد حوالي خمس سنوات، لذلك كانت كتاباته مصدرًا أساسيًا لعلماء اللغة القبطية، ويستشهدون بعباراته على صحة ما يقولون . ويمثل الأنبا شنوده بكتاباته وتعاليمه وميامره الرهبانية، علامة بارزة في تاريخ الرهبنة القبطية، ومصدرًا تاريخيًا مهمًا عن المجتمع المصري في القرنين الرابع والخامس بوجه عام، وعن الرهبنة القبطية بوجه خاص . وقد ترك الأنبا شنوده تسعة مجلدات من القوانين موجهة للرهبان، كان وحدة واحدة في اتحاد مكوّن من أجزاء ثلاثة، إذ يتألف هذا الاتحاد من أقاليم مستقلة ثلاثة إلى حد ما، يرأس كل منها أب أعلى أو أم متقدمة، وكان الدير المركزي، والدير الشمالي، شمالي دير الأنبا شنوده، أو الدير الشمالي. ثم دير الراهبات، هو الدير المركزي، بوصف موقعه في الوسط بين دير الأنبا بيجول ودير الراهبات في أتريب في الجنوب. وقيل أنه حينما تنيح الأنبا بيجول رئيس الدير الأحمر، جاء خليفته راهب اسمه إيبونة. واتجاه نحو الاهتمامات العالمية، وتشييد مشروعات معمارية لا ضرورة لها ، معارضًا استخدامه للأموال الرهبانية في مشاريع البناء، وأجور المهندسين وغيرهم من التجار، " . حيث ارتكب أحد الرهبان خطيئة معينة ولم يبلغ رئيس الدير عنها، مدفوعًا من الله، وفي النهاية، وكان قد سبق ذلك أنه كتب القانون الأول، كخطاب مفتوح موجه إلى رهبان الدير بوجه عام ولرئيس الدير بوجه خاص، الكتاب المقدس والحياة الديرية: أهم ما يميز الحياة الرهبانية في أديرة الأنبا شنوده رئيس المتوحدين، هو تلك المكانة الخاصة جدًا التي كان يحتلها الكتاب المقدس في حيا ة الرهبان. وكان الأنبا شنوده في تعاليمه الروحية واللاهوتية يؤكد على الأهمية القصوى للكتاب المقدس في الحياة اليومية، فقد شكّل الكتاب المقّس بالنسبة له المصدر الرئيس الذي استقى منه هذه التعاليم. إذ كان يحتفظ برصيد وافر جدًا من نصوص العهدين القديم والجديد، الأمر الذي مكنه بأن يتجول بإنسيابية بين هذه النصوص، ويستدعي منها ما يعينه على تقديم التعاليم الروحية النقية لمنفعة الجميع، وترجمة كلماته إلى واقع . وكان على الراهب أن يحفظ ويردد أجزاء مختلفة من الكتاب المقدس، الحياة الروحية للراهب: كان أنبا شنوده كثيرًا ما يُحذِّر الرهبان من الاعتماد على ألقابهم الكنسية أو زيهم الكهنوتي لئلا يعتقدوا أنهم بذلك مبررين أمام الله. بل كان يحثهم على بذل أنفسهم وصنع الخير حتى يكونوا أهلاً لهذه الرتب الرفيعة، وكان دائمًا ما يؤكد على أن مجرد الحياة في الدير وارتداء الزي الرهباني أو الكهنوتي ليس كافيصا لخلاص النفس، وكان لا يكف عن أن يحذِّر من السعي وراء هذه الألقاب والرتب، وفي عظة له عن التوبة، يقول: "أمران أقولهما لكم: إن جميع الذين يفرح بهم في السماء من أجل توبتهم وهم على الأرض، لن يروا حزنًا ولا وجعًا في ذلك المكان، لن يروا فرحًا ولا راحة في ذلك المكان، فإلى متى تتكاسل أيها الإنسان؟ أطلبإليك إبك على نفسك ما دامت تُقبل الدموع، وبالأحرى إذا كنت عملت أعمالاً يحق عليها البكاء فابكِ على نفسك وحدك، " وحثهم على التوبة والبكاء على الخطية، وأن السماء تفرح بخاطىء واحد يتوب، وقد طوّب القديس أنبا شنوده من يبكي على خطاياه، ويتيقظ دومًا قبل إغلاق باب التوبة وسماع عدم المعرفة من الله. "إذا وُجِد أن أي شخص، من العاملين بالدياكونيا أو الذين في منزل البوابة أو أي شخص آخر بيننا، أو عقبات تعترض تفكير المستمعين، أو أي أمور علمانية أخرى عديمة القيمة من هذا النوع، فيجب أن يُعزلوا عن مكانهم في الوظيفة ورتبتهم، في رتبتهم التي دخلوا عليها الجماعة. الأنبا شنوده وقوانينه الرهبانية: حينما خرج الأنبا شنوده من المجمع وعاش كمتوحد بعد شجاره مع إيبونه، كان يرسل من محبسه في الجبل، إلى الرهبان والراهبات، رسائله الصغيرة التي جُمعت أغلبها تحت مسمى "القوانين". وصار أنبا شنوده زعيمًا للتجمع الرهباني، فقد كان اهتمامه بالتكوين الروحي السليم لرهبانه وراهباته، أهم ما يميز تجمعاته الرهبانية . جتى أن البعض أشار إلى أن الأنبا شنودة كان يتسم بالشدة في معاملة رهبانه وراهباته وأن قوانينه كانت تشبه قوانين العقوبات. لكن؛ لأنه كان مُحبًا للجميع وراعيًا أمينًا لكل أبنائه، وكان يسعى باستمرار لتسديد احتياجات الكل. في مجموعتين كبيرتين: كان تحمل عنوان القوانين Kanon، وكانت في كتب تسة، وقام بتجميعها الأنبا شنوده نفسه، جُمعت بعد نياحة الأنبا شنوده . وبالرغم من أن الأنبا شنوده كان يرأس اتحادًا مؤلفًا من جماعتين رجالاً ونساءًا، ومن أهم قوانينه الرهبانية: 1. الالتزام بالحضور للدير في مناسبات معينة: فرض القديس شنودة على الكثيرين من النساك المتوحدين بالمغائر والجبال المجاورة لديره، ثم يصرح لهم بعد ذلك بالدخول إلى الشركة متى ثبتت مقدرتهم على معيشة النسك الطاهرة، ويسمح للراهب منهم بالإقامة في غرفة خاصة. وكان يتعهدهم بنفسه جميعاً ويحتم عليهم التخلي عن كل ما يملكون. كما أن جميعهم في الزي والأكل سواء، وبذلك انعدمت أية فوارق اجتماعية بينهم . ولذلك وضع الأنبا شنوده قوانينه لتنظيم الحياة الرهبانية وتأمين مسيرتها من أي انحراف، وهناك إشارة لمثل هذه المخالفات، وهي عدم الطاعة من قِبل رئيسة إحدى التجمعات الرهبانية وتدعى الأم "تاخوم" والتي تجاهلت وجود الأب الشيخ الذى كان يقيم هناك لرعاية شؤون الراهبات واحتياجاتهم وقيادتهم الروحية وممارسة الأسرار. وقد أرسل لها الأنبا شنوده الرسالة رقم 7 والتي قال فيها: "عندما لا تُظهر الإيغوماني (الأم الرئيسة) طاعة للأب الشيخ المنوط به أعمال كثيرة هناك ستوجد راهبات ليس لديهن نية للخضوع والطاعة لك" . كان الدير الذي ينتمي إليه الأنبا شنوده، يرأس كل منها أب أعلى أو أم متقدمة إذا كان الدير للراهبات. المساواة بين الرجال زالنساء. ولذلك كانت القوانين المطبقة في أديرة الرجال هي ذاتها المطبقة في أديرة النساء، 3. التعهد الرهباني: كان الأنبا شنوده يرى أن مجرد التحاق أي شخص بسلك الرهبنة وحياته في الدير وسط الرهبان ليس بالضرورة سببا كافيًا لخلاصه، وليس ضمانًا لدخوله الملكوت، بل عليه أن يسلك حسب قوانين الرهبنة، فالحياة في الدير بدون توبة لا تختلف إذًا عن الحياة خارجه، قائلاً: "لعلك تعتقد أن كل المجتمعين في كل الأديرة على منهاج حياتك الرهبانية سوف يخلصون جميعًا، لذلك جعل الأنبا شنوده تعهدًا على الموجودين بالدير بضرورة السير بقوانينه. عند قبوله شكل الرهبنة عن كل ما يملك، ولا يُقبل إلا إذا تاب. وتشهد علّي الكلمة التي قلتها بفمي ألا أنجس جسدي بأي طريقة كانت، فسوف أعاين ملكوت السموات ولا أدخلها، ويُهلك الله، نفسي وجسدي في جهنم النار؛ - الطاعة: فكان مفروضًا على كل راهب، ومن الكتاب الأول منها، سواء كان خبزًا أو خمرًا أو أي ممتلكات أخرى من الهيكل، سواء كان في الهيكل أو مخزنه خارجًا ولم توضع في الداخل بعد. سواء كان كتابًا أو ثيابًا أو حذاءًا أو مئزرًا أو زنارًا أو أي سلعة أخرى؛ سواء كان من عائلته بحسب الجسد أو من غرباء، ويأكله سرًا من دون أن يكون قد أعطي له بواسطة أبينا أو بواسطة من عيّنه أبونا ليعطيه. . 4. العمل للراهب: ولم يجعل عمل الراهب مقتصرًا على النواحي الروحية فقط كالصلاة والصوم وقراءة الكتاب المقدس باستمرار، ولكن جعل الراهب يستغل وقت فراغه في شيء مفيد، ولكن انتشرت حرف ومهن مختلفة بينهم، وكان العمل بالنسبة للراهب هو أولاً، شغل لوقت الفراغ حتى تخف محاربة الراهب، وخدمة المحتاجين الذين يفدون للدير. بعد اتمام واجباته الروحية، نظام الصلاة: يعود إلى قلايته ويبقى مدة يناقش نفسه، فيما سمعه، وفي الصباح يتلو صلواته الخاصة من مزامير وطلبات خاصة. أما في ليلة الأحد، 5. التعليم: أن يحضر كل منهم إلى مكان متسع بالدير لسماع الخُطب التي كان يلقيها عليهم، وقد وجدت الكنيسة مشقة كبيرة في مقاومة أفكارهم، خاصة مع تأييد السلطة الحاكمة مشقة كبيرة في بعض الأحيان لهؤلاء الهراطقة وحمايتها لهم.