شخص في أسماله البالية ولفت نظري وسام أخضر اللون يتدلى فوق صدره، قلت : لا… لا أعرفه… من يكون؟… قال : هذا سي شعبان ثري الحرب. قلت : لكن هيأته لا تدل على الثراء في شيء… قال : كان ثريا ثراء فاحشا ولكنه اليوم لا يملك قوت يومه فقد ضيع كل شيء. قلت : المفهوم من كلامك أنه أثري أثناء الحرب، وعليه فقد رجع إلى حالته السابقة… « كان هذا الرجل قبل الحرب العالمية الأخيرة تاجرا بسيطا خاملا ؛ يقضي كل نهاره وقسطا وافرا من ليله في متجره الصغير المنزوي في حي من الأحياء العربية. اندلعت الحرب العالمية الثانية ونشطت تجارة السوق السوداء التي فرضت دستورها على وانخرط شعبان في سلك هذه التجارة مدفوعا بوفرة الأرباح… وما كادت الحرب تضع أوزارها حتى وجد شعبان نفسه « سي شعبان » ووجد ثروته تضخمت فأصبحت تعد بالملايين. كما تغيّت هيأته وملابسه واحتلت سلسلة ذهبية سميكة صدره أما حجرته المتواضعة فأبدلت بفيلا أنيقة تكدس ومما يلفت نظر الزائر مقعد ضخم وثير احتل صدر حجرة وشاعت شهرة سي شعبان في البلاد وقصدته جيوش من المحتالين والمرتزقة من كل حدب إلى أن تبددت الثروة وبيعت الأملاك في الديون وانفرط عقد الصحب والخلان وذهب الجاه قلت : لعله لم يجد لهما شاريا يدفع فيهما فلسا واحدا. أرسل صديقي زفرة وقال : نعم.