من خلال دراسة التنظيم الإداري التقليدي يظهر لنا وجود طريقتين الأولى تتمثل في المركزية الإدارية و التي تعرف على أنها جمع كل مظاهر الوظائف الإدارية في يد الإدارة المركزية و إما انها تمارسها بنفسها (المركزية المطلقة ) أو عن طريق موظفين خاضعين لها (عدم التركيز الإداري) و الثانية هي اللامركزية الإدارية و التي تتمثل في توزيع الوظيفة الإدارية بين الإدارة المركزية و هيئات إدارية مستقلة إقليمية أو مرفقية تتمتع بالشخصية المعنوية . إن ما يميز النظام المركزي هو تنظيمه السلمي و الرقابة الرئاسية التي يفرضها الرئيس على مرؤوسيه و التي تمثل القاعدة أما ما يميز اللامركزية الإدارية فهو إستقلالية الإدارة المحلية أو المرفقية التي تتمتع بالشخصية المعنوية لكن استقلالية نسبية بحيث قد يسمح المشرع للإدارة المركزية مراقبة الإدارة المحلية و هذا ما يسمى بالرقابة الوصائية و ما يميز هذا النوع من الرقابة على الرقابة الرئاسية هو أنه لا رقابة إلا إذا سمح بها نص قانوني . إن تسمية السلطة الإدارية المستقلة في شقها الأول على أنها سلطة إدارية قد يوحي لنا أنها تدخل ضمن إحدى الطريقتين السابقتين إلا ان إضافة كلمة "مستقلة " أدخل مفهوم جديد في التنظيم الإداري إذ أن القاعدة أن الإدارة غير مستقلة لخضوعها دائما إما للرقابة الرئاسية أو الرقابة الوصائية . إن إضفاء الإستقلالية على هيأة إدارية يمس بمبدأ وحدة الإدارة الذي يسمح لها بتنظيم و تنسيق عملها إن حداثة هذا المفهوم و التناقض الذي أحدثته على مفهوم الإدارة و التنظيم الإداري يقتضي شرح المقصود بالإستقلالية و مداها . 1/المقصود بإستقلالية السلطات الإدارية المستقلة إن أول ظهور لخاصية الإستقلالية في التنظيم الإداري كان بظهور النظام اللامركزي و التي تجسدت في الواقع بإنشاء إدارات محلية و مرفقية و منحها الشخصية المعنوية إلا أنه رغم تمتعا بهذه الخاصية إلا أنها لم تكن مستقلة تماما كون أنها كانت تخضع للرقابة الوصائية و هذا ما يقتضي منا الإجابة عن السؤال : هل أن إستقلالية السلطات الإدارية المستقلة تتحقق بتمتعها بالشخصية المعنوية ؟