عندما أعلنت بريطانيا عام 1968 نيتها سحب قواعدها من شرق السويس، أصبح لزاماً على الإمارات أن تخطو خطوة تغير بها وجه التاريخ بالمنطقة، ولاسيما أن منطقة الخليج العربي تُعَدّ لقمة سائغة للطامعين. قام الشيخ زايد مع أخيه الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم دبي آنذاك ببادرة كان لها عظيم الأثر فيما جاء بعدها من أحداث؛ فكانت اتفاقية السميح التي وقّعا عليها في الـ 18 من فبراير عام 1968، التي فتحت الباب لخطوات كبيرة تلتها؛ فَجَرتْ مباحثات الاتحاد التساعي بين الإمارات السبع وبين شقيقتيها: البحرين، وآلت الأمور في النهاية إلى قيام اتحاد الإمارات باسم "دولة الإمارات العربية المتحدة" بعد أن أعلنت البحرين وقطر استقلالهما. قام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة في الثاني من ديسمبر عام 1971، وانتخب الشيخ زايد بإجماع حكام الإمارات أول رئيس للدولة الفتية لمدة خمس سنوات، وجَدَّد له المجلس الأعلى ثقته فيه بانتخابه عدة مرات، وهو الوالد الحاني على أبناء أمته، وانتخب الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم نائباً له. أخذ الشيخ زايد يتابع شؤون دولته الوليدة الآخذة في النمو، ووزّع عوائد الثروة النفطية على جميع القطاعات بالدولة، ولاسيما التي كانت بحاجة إلى التطوير. وحافظ على سمعة دولته بين أخواتها العربيات وبين دول العالم بفضل نظرته المستقبلية وأفقه الواسع، بل زادت سمعة الدولة بفضل الأمن والاستقرار اللذين حظيت بهما. واتفق حكام الإمارات أعضاء المجلس الأعلى على وضع دستور اتحادي مؤقت من أجل حكم فعّال ونظام تُحدّد فيه سلطات المؤسسات الاتحادية في دولة تأخذ بأساليب الإدارة الحديثة، وتسعى في الوقت نفسه إلى المحافظة على الشكل التقليدي الذي يتصف بصفة الديمقراطية المباشرة. مجلس التعاون الخليجي وطموح أكبر: طالما تمثّلت رؤية الشيخ زايد في توحيد جميع دول الخليج، التي تجمعها عوامل مشتركة؛ والتقارب الأسري الذي يجمع بين شعوب المنطقة؛ إذ كانت لديه - رحمه الله - قناعة عميقة بفوائد الاتحاد الجمة للإمارات السبع، وأسفرت رؤيته ورؤية إخوانه في دول الخليج العربية الست عن تكوين تجمع إقليمي وسياسي رسمي؛ إذ وقّع رؤساء هذه الدول: (البحرين والكويت، والسعودية والإمارات) وثيقة تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية بتاريخ 25 مايو1981 في قمتهم الأولى بأبوظبي. الشيخ زايد وتطوير القطاع الصناعي والبنى التحتيـة: أدرك الشيخ زايد – طيب الله ثراه-أن النفط مصدر محدود وناضب؛ فغدت لديه رؤية واضحة في تطوير القطاع الصناعي بدولة الإمارات، وتركّز اهتمامه في تطوير قطاع التصنيع، الذي شهد نهضة كبيرة في عهده، كان من أهم أولويات الشيخ زايد تطوير البنية التحتية للدولة؛ فأدرك منذ بدايات سني حكمه أهمية إنشاء الطرق الحديثة، وتأسيس إعلام وطني لربط جميع الإمارات السبع، وبالفعل أثبتت الأيام بعد نظرته وسعة أفقه، وشبكات الخطوط الهاتفية المتطورة التي أبرزت دولة الإمارات ودورها المهم في العالم الصناعي الحديث، واحتلالها مكانة مرموقة بين أكثر دول العالم الصناعية تقدماً. الموافق 2/11/ 2004 م تاريخ لا يُنسى، فقدت دولة الإمارات العربية المتحدة فيه قائدها وباني اتحادها بعد مسيرة عطاء طويلة استمرت قرابة أربعة عقود، نعت الدول العربية والأجنبية المغفور له -بإذن الله -الشيخ زايداً، وحزن لفقده كثير من شعوب العالم، وأصدر رؤساء الحكومات الدولية رسائل رثاء مليئة بعبارات الأسى لشخص يكنّ له كل العالم التقدير والاحترام، واعتبر الكثير رحيله خسارة كبيرة نظراً لإنجازاته التي لا يمكن حصرها. كان عزاء أهل الإمارات في أبناء زايد الذين تعلّموا وترعرعوا بالقرب من والدهم الذي يعتبر أعظم مدرسة في القيادة والحكم العادل؛ فكان الشيخ خليفة بن زايد خيرَ خَلَفٍ لخير سَلَفٍ،