يُعَدّ الحديث عن السيميولوجيا كعلم حديثًا متشعّبًا وطويلًا من حيث مفهومه، ونشأته، وتاريخه، واهتماماته، وروضاده، نظرًا لارتباطها بالعديد من المجالات والموضوعات. رغم وجود اتفاق على أنّ السيميولوجيا هي العلم الذي يبحث في أنظمة العلامات، سواء كانت لغوية أو أيقونية أو حركية، فهي تبحث في العلامات التي تنشأ في حضن المجتمع، وحيث يتجلى المعنى من خلال العلامات، ما يجعل تعريفها صعبًا، إلا أنّ مجالها واسع جدًّا. يتباين الرأي حول تسميتها بمصطلح جامع مانع، لكن الاتفاق يكمن في اهتمامها بدراسة العلامات. نظراً لتعدد توجهات هذا العلم وخلفياته وحقوله المعرفية وتداخلها، يصعب إدراك مفاهيمه وتعمّق إشكاليّاته. تأسّست السيميولوجيا العامة على مرجعيتين: فلسفية، تتعلق بجهود الفلاسفة والمفكرين حول الدليل واللغة، كجهود "شارل ساندرس بيرس" وأتباعه؛ ولسانية، تتعلق بوصف بنية اللغات اللفظية وغير اللفظية، كجهود "دي سوسير" وأتباعه. يستخدم مصطلح "السيميولوجيا" أو "السيمائية" على نطاق واسع ليشمل كل ما يمكن أن يؤخذ علامة، كالصور، والأصوات، والنكهات، والروائح، وغيرها، ويقوم الإنسان بتفسيرها بربطها بالنظم الاجتماعية والثقافية. يُعَدّ المصطلح في أي علم نواة مركزية لامتداد الإشعاع المعرفي وترسيخ الاستقطاب الفكري، فهو قناة الاتصال بين مجالات العلوم الإنسانية، وصورة مكثفة لعلاقة عضوية بين العقل واللغة. يتطلب فهم مصطلح ما البحث عن أصله، وتكوينه، ومعناه، فعدم معرفة مصطلحات علم ما يؤدي إلى عدم فهم علاقاته، بينما فهمها يساعد على تطوير العلم. هناك علاقة بين المصطلح والعلم، وهي علاقة الدالّ بالمدلول، ويكتسب المصطلح السيميائي أهمية العلم نفسه وصعوبته. يشترك جذر كلمة "سيمياء" مع العديد من اللغات السامية، والأوروبية، وأصوات هذا الجذر ومكوّناته الدلالية متماثلة إلى حد كبير. ترجع الدراسات اللغوية مصطلح "السيميولوجيا" إلى أصله اليوناني "Sémiotique"، المتكوّن من جزئين: "Sémion" (العلامة)، و"Logos" (الخطاب، أي العلم). تُستخدم كلمة "logie" في العديد من الكلمات التي تشير إلى علوم مختلفة. كان "علم السيم" يُطلق على ما هو غير حقيقي من السحر، بينما "سيميا" عربي معرّب أصله "سيم يه" اسم لله. وورد في مختار الصحاح "وسَمَ" بضمّ العالمة، جعل على الشاة، و"سام" هو أحد أبناء نوح، وأبو العرب. وذُكر أيضًا "وَسَم" فيه الخليل، أي أرسله، والسوم في المبايعة. وورد في معجم اللغة العربية المعاصرة "وَسَمَة" مفردة، جمعها وسَمات، مصدر وسم، علامة، وأُشير إلى وسم المرأة أو الدابة، أي جعل لها علامة تعرف بها. وَسَمَ الإنسان ميزه، ووسّمه بطابعه، وأعطاه وسامًا، واتسم الشخص بكذا، أي جعل لنفسه علامة أو صفة. السّيمة هي العلامة أو الهيئة، وصورة من صور الكي لتمييز الإبل.