العصر الجاهلي العصر الجاهلي هو العصر الذي سبق ظهور الإسلام، وسُمي بهذا الاسم لجهل من عاشوا في تلك الحقبة بالأمور الدينية، وليس المقصود بالمسمى الناحية الفكرية والحضارية، فقد تميز العرب آنذاك بالفطنة، وظهرت العديد من القصائد العظيمة التي صورت البيئة الجاهلية بالتفصيل، مما أذهل العالم بمدى التقدم اللغوي آنذاك،كان العصر الجاهلي عصرا فقيرا فكريا و ثقافيا إذا ما قورن بعصور اليونان و الرومان و الفرس و الهنود حيث العلوم و الفلسفات و الآداب و لم يميز الحياة العقلية الجاهلية سوى اللغة و الشعر و الأمثال و القصص كما كانت لهم معرفة بالأنساب و السماء و معرفة بشيء من الطب الذي توارثوه - و لكن من الخطأ الكبير أن نسمي هذه المعارف البسيطة علوما لأن الظروف التي عاشها العرب لا تسمح بوجود علم منظم و لا علماء يدونون قواعده و يوضحون مناهجه إذ أن وسائل العلم غير متوفرة و كذا وسائل العيش و لذلك فإن الكثير منهم لا يجدون ما يمكنهم من التفرغ للعلم.و كذلك لا أثر للمذاهب الفكرية عندهم و إن كل ما كان في هذا المجال مجرد خطرات و نظرات وردت في أشعارهم كقول زهير :- وفي الأخير ما سنتطرق في بحثنا هذا إلى الحديث عن مظاهر الحياة العقلية في العصر الجاهليالباب الاول :اللغة العربية في العصر الجاهلي وأنّ لغتنا الجميلة كانت تشغل بال كثير من المفكرين والشعراء والخطباء, وينظمون دررها, ويغترفون من نبع معانيها الثرّ أجمل القصائد, وأعذب الألحان. ومن يراجع معجم مفرداتها في ذلك العصر , يجدهُ من أغنى المعاجم من حيث وفرة الكلمات وكثرة التشابيه , وتعدد الاسماء للمسمى الواحد . ومن حسن الحظ أن يحفظ لنا التاريخ شيئاً غير يسير من آداب تلك الفترة وأشعارها , وقد ذهب بعض الرواة إلى أنها قصائد كُتبت في القباطيّ بماء الذهب وعُلّقت على أستار الكعبة . بالإضافةً إلى العديد من أشعارهم وخطبهم, وأمثالهم,وبرغم وفرة ما وصل الينا من أدب الجاهليين وشعرهم , وخاصةً القديمة منها , ويقول أبو عمرو بن العلاء : " ما انتهى اليكم مما قالته العرب إلا أقلّه , ولو جاءكم وافراً , لجاءكم علمٌ وشعرٌ كثير " .ويقدّر الباحثون عمر الأدب المدوّن الذي وصل الينا من الجاهليين بقرنين من الزمان قبل الإسلام . ولعلّ من الدليل على شيوع الكتابة في العصر الجاهلي , إننا نجد شعراءهم يصفون الأطلال كثيراً بنقوش الكتابة , فها هو المرقَّش في فاتحة قصيدةٍ له يقول : الدار قفر والرسوم كما رَقَّشَ في ظَهرِ الأديمِ قَلَم ويقول لبيد في مطلع معلقته : فمدافع الريان عري رسمها خلقاً كما ضَمِنَ الوُحيَّ سِلامُها كما كانوا يكتبون في عسب النخل , ويستمر لبيد في معلقته فيقول: الباب الثاني :الشعر________________________________________ فقد كان ديوان العلم، يأخذون به، ويوثّقون فيه، لما فيه من وقع وتأثير في نفوس القبائل الأخرى، لترتقي منزلة الشاعر من لسان القبيلة إلى حكيمها، فيرضون بما يرضى، ويحكمون بما يحكم، كالشاعر عمر بن كلثوم، والحارث بن حلزة اليشكري. لم تستمر هذه المكانة العظيمة للشاعر، إذ تغيّرت بتغيّر العلاقات الاقتصادية والاجتماعية، لا سيّما بعد نشأة الطبقات الثريّة في المجتمع القبلي وبدا بتغيير مساره من وظيفة قبليّة تهدف إلى حماية العشيرة والدفاع عنها وذكر خصالها الحميدة إلى صنعة من خلالها يسعى الشاعر فيها وراع المال والسلطة والجاه، مُتنقّلاً بين البلاد.الأغراض الشعر الجاهلي :من الأغراض الشعرية التي نُظمت في القصائد الجاهلية ما يأتي: وقد طغى هذا الغرض على الشعر، فأصبح الشّعراء يُصدّرون قصائدهم بالمقدّمة الطللية الغزلية لما فيها من تنشيط لمشاعر الشاعر، ومن أجمل مطالع القصائد الغزلية -----قول المُثقّب العبدي: أفاطِمُ قبْلَ بَينِكِ مَتَّعـيني ومَنْعُكِ مَا سَألتُ كأن تَبِيني --- فَلَا تَعِدِي مَواعِدَ كاذباتٍ تَمرُّ بِهَا رِيَاحُ الصَّيفِ دُونِي فَإنِّي لَوْ تُخَالِفُني شِمَالِي خِلاَفَكِ مَا وَصَلْتُ بِهَا يميْنِي --- إذاً لَقَطَعْتُهَا ولَقُلْتُ بِيْني كَذَلكَ أجْتَوِي مَنْ يَجْتويني الحماسة والفخر: الحماسة هي الشجاعة والقوة والبأس، حيث كان العرب يتباهون دوماً بالشجاعة والقوة، وهذا النوع من الشعر يحتّل الصدارة في الأغراض الشعرية لهذا العصر، فالفخر هو الاعتزار بالفضائل الحميدة التي يتحلى بها الشاعر أو تتحلى بها القبيلة التي يفخر بها، ومن الصفات التي يفتخر فيها الشعراء هي الشجاعة، والكرم، ومساعدة المحتاج. أما الحماسة فهي الافتخار بالبسالة في المعارك والانتصار في الحروب، ولكن ليس كل فخر حماسة، فنجد الحماسة في معلقة عمرو بن كلثوم التي تفيض بالحماسة، ومنها قوله: متى نَنْقُلْ إلى قوم رحـانا يكونوا في اللقاء لها طَـحينا --يكونُ ثِفالُهَا شَرْقِيَّ نَجْـد وَلَهْوَتُها قُضَاعَة أَجْمَعِينَاالرثاء:وهي القصائد التي تنظم في الميت، ومنه قولها: يا عَينِ ما لَكِ لا تَبكينَ تَسكابا؟ إذْ رابَ دهرٌ وكانَ الدّهرُ ريَّابا -- فابْكي أخاكِ لأيْتامٍ وأرْمَلَة وابكي أخاكِ إذا جاورتِ أجناباَ ---وابكي أخاكِ لخيلٍ كالقطا عُصباً فقدْنَ لَّما ثوى سيباً وانهاباَ الوصف: تميز شعراء هذا العصر بوصفهم الدقيق لكل ما يحيط حولهم من طبيعة ممثلةً بنباتاتها وحيواناتها أو حتّى ظواهرها من طقس وكواكب وما إلى ذلك، ونباتاتها وحيواناتها. وقد برع الشاعر الجاهلي في وصف فرسه وإعداده للصيد، فلما علا مَتْنَتَيْهِ الغُـلامُ وسَكَّن من آلهِ أن يُطـَارا وسُرِّ كالأجْدلِ الفَارسـ ـيِّ في إثْرِ سِرْبٍ أَجَدَّ النَّفَارا فَصادَ لَنَا أَكحَلَ المُقْلَتَيْـ ـن فَحْلاً وأُخْرى مَهَاةً نَوارَا المدح: يعتبر المدح من أهم الأغراض الشعرية التي نظم فيها الشعراء، فنجد الشاعر يسعى إلى قول الشعر الذي يتضمن موضوعات الشكر والثناء، وقد يكون المديح وسيلة للكسب الماديّ لا أكثر. ومن الصفات التي يُمْدَحُ بها الممدوح هي: الكرم، والشجاعة، ومساعدة المحتاج،کأنّي إذ نَزلتُ علیالمُعلّی نَزلتُ علی البَواذِخِ مِن شَمام فما مَلِکُ العراق علیالمُعلّی بِمُقتدر ٍ، ولا مَلِکُ الشآم أقرَّ حَشا امرِئ القیس بن حُجرٍ بنُو تَیمٍمَصابیحُ الظَّلام الهجاء: يعتبر الهجاء عكس المدح، فينسب إليه الشاعر صفاتٍ كالجبن، والبخل، والغدر. ومن الكرم. يؤثّر الهجاء سلباً في الأشخاص والقبائل على حد سواء،لَيَأتِيَنّـكَ منِّي مَنْـطِقٌ قَـذعٌ باقٍ كما دَنَّسَ القَبْـطِيَّة الوَدكُ فاردُدْ يَسَاراً ولا تَعْنُفْ عَلَيْهِ وَلاَ تَمْعَكْ بِعِرْضِكَ إن الغَادِرَ المعِكُ الحكمة: وهي قول ينتج عن تجربة وخبرة بالأمور ومجرياتها، ولا يقول الحكمة إلا من وَسَمته الأيام. كما أنّها ليست غرضاً مخصوصاً لذاته، إنّما هي من الأغراض التي تأتي في منتصف القصيدة الشعرية، وقد اشتهر العديد من الشعراء بالحكم البليغة، كزهير بن أبي سلمى قال: ومَنْ هَابَ أسْبَابَ المَنَايَا يَنَلْنَهُ ولَوْ رامَ أَسْبَابَ السمَاَءِ بِسُلَّمِ خصائص الشعر الجاهلي تُقسم الخصائص الشعرية إلى نوعين: الخصائص اللفظية : وتمتاز بما يأتي: • الخلو من الأخطاء اللغوية والألفاظ الأعجمية؛ بسبب انغلاق المجتمع العربي على نفسه وخلوّه من غير العرب.• الخلوّ من الزخارف اللفظيّة، والمحسّنات البديعية، والصنعة المبالغ بها.• الإيجاز ووضوح الفكرة. الخصائص المعنوية: وتتلخّص بما يأتي: • الصدق في المشاعر والشفافيّة في التعبير. لا وحدة القصيدة • يصف الطبيعة بدقة متناهية.• واقعيته، وبساطة التعبير والوضوح وعدم المغالاة.أساليب الشعر الجاهلي :عندما نستعرض الشعر الجاهلي نجده متشابهاً في أسلوبه، فالقصيدة الجاهلية تبدأ بالوقوف على الأطلال وذكر الأحبة كما نجد ذلك عند امرىء القيس في قوله: قِفَا نَبْكِ من ذكرى حبيبٍ ومنزلِ بِسَقْطِ اللَّوَى بين الدَّخُولِ فَحَوْمَلوينتقل الشاعر الجاهلي إلى وصف الطريق الذي يقطعه بما فيه من وحش، ثم يصف ناقته، وبعد ذلك يصل إلى غرضه من مدح أو غيره، وهذا هو المنهج والأسلوب الذي ينتهجه الجاهليون في معظم قصائدهم ولا يشذ عن ذلك إلا القليل من الشعراء.وإذا أردنا أن نقف على أسلوب الشعر الجاهلي : فلابد لنا من النظر في الألفاظ والتراكيب التي يتكون منها ذلك الشعر.فألفاظ الشعر الجاهلي قوية صلبة في مواقف الحروب والحماسة والمدح والفخر، لينة في مواقف الغزل، فمعظم شعر النابغة الذبياني وعنترة العبسي وعمرو بن كلثوم من النوع الذي يتصف بقوة الألفاظ. ----وهناك نوع من الألفاظ يتصف بالعذوبة؛ لأنه خفيف على السمع ومن ذلك قول امرىء القيس:ومعظم ألفاظ الشعر الجاهلي يختارها الشاعر استجابة لطبعه دون انتقاء وفحص، أما الشعر فالغريب فيه أقل،ويغلب على الألفاظ الجاهلية أداء المعنى الحقيقي أما الألفاظ التي تعبر عن المعاني المجازية فهي قليلة. والتراكيب التي تنتظم فيها الألفاظ تراكيب محكمة البناء متينة النسج متراصة الألفاظ، وخير شاهد على ذلك شعر النابغة الذبياني، وشعر زهير ابن أبي سلمى.شعر المعلقات :الشعر الجاهلي من أشهر الشعر الجاهلي المعلّقات، أو ما وصلنا من شعرهم، قيل إنّها سُمّيت بالمعلّقات لأنها كُتبت بماء الذهب وعُلّقت على جدار الكعبة،• آذَنَتنَـا بِبَينهـا أَسـمَــاءُ - الحارث بن حلزة.• عَفَتِ الدِّيَارُ مَحَلُّهَا فَمُقَامُهَـا - لبيد بن ربيعة.• يا دارمية بالعلياء والسند - النابغة الذبياني. شعراء العصر الجاهليمن أشهر شعراء العصر الجاهلي نذكر ما يأتي: • عمرو بن كلثوم.الباب الثالث : النثر والحكم، والوصايا.النثر في العصر الجاهيلي:هو عكس الشعر أي أنّه الكلام الذي لا يعتمد على وزن أو قافية وكان نتاجه عند العرب قليلاً؛ لأنه لا يقوم على نسق موسيقي معين كالشعر ممّا يصعّب حفظه ويعسّره، لأنّهم اهتموا آنذاك بنبوغ الشعراء الذين برعوا في مدح قومهم وهجاء أعدائهم.تعريف الخطابة: هي أقدم الفنون الأدبية، تمتاز بالإمتاع والإقناع نظراً إلى كون الخطبة موجهة إلى الجماهير وتخاطبهم، وهي قطعة نثرية قد تطول أو تقصر حسب الحاجة إليها ويختلف مضمونها فمنها الخطب الدينية، والاجتماعية، يقوم بإلقائها شخصٌ يسمّى الخطيب.• الاجزاء:مقدمة، والسهولة، والوضوح،تعريف القصص:القصة عبارة عن سرد نثريّ لأحداث واقعيّة أو خياليّة ضمن ترتيب معيّن، يقوم بسرد أحداثها وخلقها شخص يسمّى القاصّ.• العناصر: الأحداث، والأشخاص، والحبكة، والتشويق، والخبر،• الخصائص: امتازت القصص في العصر الجاهلي بالمتعة والتشويق، وصدق التعبير، يعتمد على مناسبة أو واقعة قيلت فيها، له دلالات معنويّة وفكريّة،