3-المحددات المختلفة للإندماج الاجتماعي للشباب المعاق سمعيا : - 3– 1 المحددات الثقافية البيئية : المقصود منه تبني الفرد لقيم ومعايير المجتمع أو الجماعة التي تمكنه من الاندماج والقبول بين أفراده فالقيم والمعايير لها وظيفة التوجيه لسلوك الأفراد مع الأخذ بعين الاعتبار المكانة التي يحتلها الفرد داخل الجماعة تفاعلاته أو الوسائل التي يتهيأ بها من أجل المشاركة في مختلف النشاطات الاجتماعية، وذلك عبر أوساط ومؤسسات وبيئات من أهمها : الأسرة والمدرسة خاصة بالنسبة للمعاقين سمعيا المعروفين بالعزلة حيث يقضون فيها أغلب أوقاتهم وتعتبر أكثر البيئات تأثيرا فيهم وفي اندماجهم الاجتماعي وبالتالي في تحديد مستقبلهم الأسري والمهني . أما الأسر التي يكون بها أكثر من حالة إعاقة فإن وظيفة الأسرة تكون طبيعية وينمو الفرد مع أخوته في بيئة غنية بالمثيرات والنماذج ويكون هناك خصائص مشتركة بين الأخوة والأخوات، ولتحسين نظرة الأخوة والأخوات السامعين نحو المعوق والإعاقة يجب أن تعمل الأسرة على إجابة أسئلتهم حول الإعاقة بوقت مبكر وبصورة فورية وبأسلوب مناسب، ومن ثم يتوجهون توجه سلبي وتنمية المشاعر الإيجابية نحو المعوق من خلال التركيز على الجوانب الإيجابية عند الحديث عنه والتطرق لإنجازاته وقدراته والسلوكيات المناسبة التي يظهرها، فالمدرسة حسب دوركايم تقوم بدورين أساسين فهي من جهة تهدف إلى "التجانس " من خلال وجود أفرادا يتقاسمون نفس القيم والمعايير كونها مؤسسة للتنشئة الاجتماعية، تؤثر المدرسة أيضاً في تكيف الفرد الاجتماعي والنفسي فعندما تفكر في المدرسة نستعرض حياتنا الاجتماعية خلال الفترة التي قضيناها فيها يلاحظ أن العديد من الراشدين يوافقون أن أفضل أوقاتهم المحببة كانت فيها، يتأثر نضجهم الاجتماعي بسبب أنظمة المدارس الداخلية الصارمة التي تعمل على تقييدهم ضمن جماعات تلتزم بنظام محدد ويكون في أغلب الأحيان متعارضاً مع احتياجات الطلبة الفردية، في حين بعض الأعمال اليومية الخفيفة التي توكل للفرد في البيت أو في جو الأسرة لها أثر في حياته الشخصية وتطوير أدائه، كما أن فرص الفرد وخصوصيته وأنشطته وهواياته وميوله قد لا تظهر أثناء وجوده بمدرسة داخلية مقارنة بوجوده بين أهله وأخوته، بالإضافة إلى دور كل من الأسرة والمدرسة في تحقيق الاندماج الاجتماعي يوجد مؤسسات أخرى لا تقل أهمية نذكر منها النوادي الجمعيات الأحزاب السياسية، 3- 2المحددات السياسية و الإدارية : المقصود بها مجمل السياسات العامة والقوانين والتشريعات وبرامج التنمية التي تستهدف تحقيق الاندماج الاجتماعي لكل المواطنين مهما كانت صفاتهم وخلفياتهم ، والأمور السابقة الذكر لها واجهة إداربة ومؤسسات تعمل على تطبيقها وتجسيدها على أرض الواقع بآليات وممارسات ينبغي أن تبتعد عن التهميش والإقصاء خاصة مع الشرائح الضعيفة كالشباب والمعاقين والمسنين ، إذن الاندماج الإجتماعي يحمل صيغة سياسية أكثر منها عضوية أي أن المجتمعات الحديثة تتسم بدرجة عالية من التعقيد والتنوع وعدم التجانس وتهيمن عليها قيم المساواة، وإنما هو مشكلة الجميع – الدول والمجتمعات والمستبعدين - وليس أمامهم سوى مواجهة الاستبعاد وتعظيم الاندماج ، الحالة فإن الجمعيات النقابات والأحزاب الممثلة هي التي تخلق الاندماج الاجتماعي من خلال إضفاء الطابع المؤسسي تدريجيا على المطالب الاجتماعية بإيجاد حقوق اجتماعية، من هنا يظهر أهمية وضرورة تحقيق الأمان الاجتماعي لذوي الإعاقة بصفة عامة والإعاقة السمعية بصفة خاصة والذي يتحقق من خلال أوجه الحماية التي توفرها القوانين والتشريعات التي تضمن حقوق الاحتياجات الخاصة والعقوبات لمخالفيها وتنظم أوجه الرعاية الاجتماعية والتأهيلية لهم وأيضا جهود إدماجهم بالمجتمع . - 3-3 المحددات الفكرية والـتأهيلية :المقصود به القدرات العقلية والتحصيل الدراسي الأكاديمي وكذلك التأهيل والتكوين المهني: فمن الطبيعي أن تتأثر الجوانب التحصيلية للأصم وبخاصة في مجالات القراءة. والحساب وذلك بسبب اعتماد هذه الجوانب التحصيلية اعتماداً أساسياً على النمو اللغوي، وحيث أن الدراسات - كما ذكرنا سابقاً - أشارت بشكل عام إلى أن الأفراد المعوقين سمعياً ليس لديهم تدن في القدرات العقلية مقارنة بأقرانهم السامعين، - عدم ملاءمة المناهج الدراسية لهم حيث أنها مصممة بالأصل للأفراد السامعين. - انخفاض الدافعية للتعلم في الغالب لديهم نتيجة ظروفهم النفسية الناجمة عن وجود الإعاقة السمعية. إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة أنهم لا يستطيعون تحصيل مستويات عليا من التحصيل الأكاديمي فإذا أتيحت لهم الفرص المناسبة من برامج تربوية مركزة وطرائق تدريس فعالة فإنهم يستطيعون الحصول على درجات عليا مشابهة لأقرانهم السامعين. وفيما يخص التأهيل المهني فسنتطرق إليه بتفصيل عند الحديث على عوامل الاندماج المهني . والسبب في ذلك معاناتهم من فقدان حاسة مهمة جداً وهي حاسة السمع والتي تعتبر من القنوات الرئيسة لاكتساب اللغة، وعدم تفاعلهم مع المدخلات المساعدة على اكتساب اللغة وغياب التغذية الراجعة (Fead back) وتدني قدراتهم ودافعيتهم، وتنصف بالتركيز على الجوانب الحسية الملموسة مقارنة بلغة السامعين، كما أن لديهم أخطاء في الكلام وعدم إتساق في نبرات الصوت. وهذه "الإعاقة قد تسبب فقدان الثقة بالنفس وعدم تقبل الذات نتيجة للإحساس بالخوف من المستقبل والشعور بالإحباط، وأن ما يظهره المعوقين سمعياً من اضطرابات في السلوك النفسي والاجتماعي مثل: عدم التكيف والعزلة الاجتماعية ناتج عن عدم إمكانيته التواصل مع الآخرين، في حين أن الطفل العادي عندما يلتحق بالمدرسة يكون مزوداً بعدد من المفردات اللغوية التي اكتسبها من خلال تفاعله مع بيئته الأولى - الأسرة - قبل دخوله المدرسة، أشارت الدراسات التي أجريت على الأطفال المعوقين سمعياً إلى أن (10- 20 منهم أقل نضجاً من النواحي النفسية والاجتماعية مقارنة بأقرانهم السامعين وتظهر الدراسات أن الفرد المعوق سمعياً، ويتميزون بثقتهم العالية بأنفسهم وتقديرهم لذواتهم ولديهم سيطرة على حياتهم الخاصة، فالأهل الذين يشعرون بالحرج أو الخجل من جراء إعاقة ولدهم لا يساعدونه بل يوصلون له مشاعرهم السلبية التي تنعكس آثارها سلبا على مفهومه عن ذاته، ودرس فتحي (1998) مشكلات اندماج المعاق سمعيا بأسرته وكيفية التغلب عليها، عدم وعي الأسرة بالمعلومات الخاصة بالإعاقة السمعية والمعاق سمعيا. تدني مستوى الخدمات المقدمة للأسرة لمساعدتها على التواصل مع الطفل. وخاصة علاقات التعاون المتبادلة هذا البعد يتضمن أو يعتبر بمثابة المقياس لجملة من المفاهيم كمفهوم الشبكة الاجتماعية ومفهوم السند والدعامة الاجتماعية ، أي شبكة العلاقات والتفاعلات الاجتماعية بين الأفراد كنوعية العلاقات الأسرية الأشخاص الذين يتلاقون بصفة متكررة وكل ما يشكل منبع أو مصدر للسند الاجتماعي، وضعف مستوى قدراته وأنماط تنشئته الأسرية يقود إلى عدم بلوغه مستوى النضج الاجتماعي المناسب لعمره الزمني ولا يستثنى من ذلك الأفراد المعوقون سمعياً. تعتبر اللغة الوسيلة الأولى في التواصل لذلك يعاني المعاقون سمعياً من مشكلات تكيفية في نموهم الاجتماعي وذلك بسبب النقص الواضح في قدراتهم اللغوية، لذا يبدو الفرد الأصم وكأنه يعيش في عزلة مع الأفراد العاديين الذين لا يستطيعون فهمه، وهم مجتمع الأكثرية الذي لا يستطيع أن يعبر بلغة الإشارة أو بلغة الأصابع، ولهذا السبب يميل المعاقون سمعياً إلى تكوين النوادي والتجمعات الخاصة بهم، بسبب تعرض الكثير منهم المواقف الإحباط التي تترتب على نتائج التفاعل الاجتماعي بين الأفراد العاديين والصم، حيث أن الأفراد المعوقين سمعياً يحاولون تجنب المواقف التي تؤدي إلى التفاعل الاجتماعي مع مجموعة من الأفراد، لذلك فهم يميلون إلى العزلة كذلك يعانون من بطء في النضج الاجتماعي مقارنة بأقرانهم السامعين،