يعد الأدب لونا من ألوان الفنون الجميلة التي لم يستغن عنها الإنسان قط، فهو يعبر عمن يحب الجمال ويستمتع به، ومن يذكر الماضي ويحلم بالمستقبل، وهو متعة جدية جمالية وجديته تتصل بعمق نظرته، وتضمنه صورًا من صور المعرفة النسبية التي تبقى على مر العصور، وتتصل كذلك بما يبعثه من السرور النفسي والراحة والاطمئنان في نفس القارئ أو المستمع ؛ وروعة الخيال، وتدفق العواطف وموسيقى اللغة والإيقاع، يقول الشيخ علي الطنطاوي في كتابه فكر ومباحث : "لنأخذ المواصلات مثلا . لا شك في أن العلم قد سهلها وهونها وقرب البعيد، فقد كان الحاج إلى بيت الله ينفق شهرين من عمره في الطريق يحمل آلامًا وتعرض له مخاوف، ولكنه يحس بمئات العواطف، ثم يعود إلى بلده يروي حديثها، فتكون له مادة لا تفنى، ويأخذ منها دروسًا لا تنسى، أما الآن فليس يحتاج إلا الصعود إلى الطائرة والنزول منها بعد ساعات، فهو قد ربح الوقت لكنه خسر الشعور ومع ذلك فلا بد من القول : إن العالم المعاصر - وإن تغير نمط سلوكه وتبدلت منطلقاته بطغيان الآلة والانفتاح على العالم - قد أدرك أن هناك حاجة ملحة إلى إحداث التوازن بين ماديات العصر وآلاته ونمطه السريع وطبيعته المختلفة من جهة، فسعى إلى توظيف كل هذه المستجدات العلمية والتقنية وبالأخص وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، وسخر العلوم والتقنية في خدمة الأدب، واتجه بالأدب من منطلقاته القديمة إلى منطلقات من الاحتراف وصناعة الأدب وتسويقه، كما خرج العالم بالأدب من نطاقه وتحافظ من خلاله على هويتها وتراثها، وهو وسيلة مهمة للتعريف بالأمة وإشهارها وبث قيمها وأفكارها في ظل تسابق الأمم على إثبات الجدارة والتميز في شتى مناحي الحياة، ولذلك تجد الأمة المتحضرة تحرص على دراسة آدابها والعناية بها، ويُنشأ الأجيال منذ الصغر في البيوت والمدارس والملتقيات الاجتماعية على دراسة نصوصها الأدبية، وحفظ روائعها،