أعتقد أنّ أوّل موضوع لا بد لي أن أطرحه حول موضوع المعلّم هو توجيه الشكر إلى مجتمع المعلّمين، هؤلاء الجنودِ المجهولين للنظام الإسلامي والإسلام والمسلمين، المنهمكين بالعمل والمجاهَدة بصمت في أطراف البلاد وأقاصي نقاطها، ويعملون رغم الصعاب والمشكلات الكثيرة. في الواقع إنّ مجتمع المعلّمين هم من يربّون أبناء الشعب ويعدّونهم لمستقبل مشرق. وهو أمر لا يختص باليوم فقط. كان المعلمون قد اجتازوا اختبارات مختلفة برؤوس مرفوعة. قدّم معلمو البلاد قرابة خمسة آلاف شهيد. لقد قدم معلمو البلاد أربعة آلاف وتسعمئة ونيفاً من الشهداء. هناك نحو 36 ألف تلميذ التحق معظمهم بالجبهة متأثرين بأنفاس المعلمين الدافئة واستشهدوا. قد يكون هؤلاء التلاميذ تأثروا بأسرهم ومساجدهم وأصدقائهم، ولكن معظم هؤلاء التلاميذ والثانويين الشباب أو أكثرهم الذين ذهبوا إلى الجبهة تأثروا بالأنفاس الدافئة لهؤلاء المعلمين.في رأيي إن العمل الذي حمله المعلم على عاتقه - المعلم الملتزم - هو أهم عمل في البلاد، أي التربية لأبناء البلاد وأطفالها وتعليمهم، وهو ما يعني بناء مستقبل البلاد. المعلّم هو في الواقع المعمار لمستقبل البلاد. إنكم اليوم تبنون غد البلاد. ستقدّمون أعظم خدمة إلى البلاد إذا استطعتم تربية إنسان واعٍ وعالم ومن أهل الفكر ومتفكّر وذي منطقٍ وإيمانٍ وإرادة ومتشرّع ومتمسّك بالأخلاق الإسلاميّة والالتزامات الوطنيّة. فحقاً لا توجد أيّ خدمة قابلة للمقارنة مع هذه. إنّ قضية تعليم يافعينا هذه تنال مُعامِلاً [مرتفعاً] وتغدو ذات أهمية مضاعفة نظراً إلى ذكاء اليافع الإيراني. لو كنا مقابل مجتمع الشباب واليافعين ذوي مستوى متوسط من الناحية الذهنية، [لكن] الآن بما أننا نقابل فئة من الشباب الأذكياء الذين يتمتعون بذكاء أعلى من المتوسط ​​العالمي، أي هذا الشاب الذكي الذي أثبت ذكائه في الأولمبياد والمسابقات العالمية وكل شيء، وإذا لم نوصله إلى الموقع اللائق، فسيكون ذلك جفاء له حقاً. إنها مكانة مهمة للغاية وسامية ورفيعة جداً، والمسؤولية مرتفعة بهذا القدر نفسه، فالمسؤولية عالية أيضاً. لأننا تحدثنا كثيراً عن هذه القضية - تحدثت والجميع كذلك – سوف أعرض بعض العناوين الموجزة.أحدها: فليعدّ المعلّمُ التلميذَ مثل ابنه. ما أمانيكم التي ترغبون فيها لأبنائكم وبناتكم؟ ألا ترغبون في أن يكون [الواحد منهم] سعيداً ومرفوع الرأس؟ ألا ترغبون في أن يكون عاقلاً ومتعلّماً؟ ألا تريدون أن يكون سلوكه مدعاة للاحترام في المجتمعات والعائلات؟ ماذا يريد الإنسان لابنه؟ ابتغوا هذه الأمور نفسها للتلميذ لديكم. لكن خلال كل درس - قلت مرات كثيرة: أحياناً، يقول معلم الرياضيات أو الفيزياء، كلمة واحدة لها تأثير أكبر في هذا الشاب أكثر من ساعة خطاب لي أنا العبدَ مثلاً عندما أعظ! بكلمة واحدة، لقد شاهدنا ذلك – ربّوا في هذا التلميذ الإيمانَ والصلاح والمؤهلات الإنسانية عبر السلوك والمعاملة والكلام. هذا هو التوقع الأول الذي يتوقعه المرء من المعلمين. بالطبع هذا غير المسألة «التربوية» التي سأتحدث عنها لاحقاً. تلك الأمور التربوية قضية منفصلة ومستقلة. بعض الأشخاص يخلطون هذه الأمور معاً. ثمة من أرادوا تعطيل «التربوية»، وكانوا يقولون «إن المعلم يجب أن يعمد إلى التربية أيضاً في الوقت الذي يعلّم فيه»، إذ يمكن أيضاً التربية بالمعنى الحقيقي أثناء التعليم، لكن «التربوية» مكانها محفوظ أيضاً.نقطة أخرى هي تشجيع التلاميذ على الحضور في المراكز التي تبث البركة والنورانية، وقد ثبت بالتجربة أن الشاب الذي يتردد إلى المسجد وتربطه علاقة به يصل خيره إلى المجتمع، ذلك لا يعني أن الإنسان الشاب أو غير الشاب «المسجدي» لا ينحرف. لكن هذه الأرضية أرضية قيّمة للغاية.إحدى النقاط حول سلوك المعلم هي الاهتمام بحضور التلميذ إلى المدرسة، فقد ألحقت مسألة كورونا هذه وهذا التعليم الافتراضي والتعليم من بُعد الضرر حقاً، أي تسببت في اختلال العمل التعليمي في البلاد. من الممكن أن نقول إنه يمكن تدريس الدروس عبر الفضاء المجازي والاتصال بالفيديو وما شابه، لكن الطالب والتلميذ - بصرف النظر عن التعلم والاستماع للدرس - يحتاج إلى الحضور في الفضاء التعليمي. يحتاج أن يكون حاضراً بين مَن هم في عمره وزملائه أقرانه، ينبغي بذل السعي من أجل حضور التلميذ إلى المدرسة، فالمدرسة لها موضوعيتها. حسناً قلنا إن كورونا ألحقت ضرراً، وهذه الفتن وأعمال الشغب وما إلى ذلك تلحق ضرراً أيضاً. فمع حالات فقدان الأمن هذه التي يحدثونها في الشارع وما إلى ذلك، تكون إحدى الضربات التي يوجهونها إلى البلاد أنهم يجعلون المدارس غير آمنة. أو هذه القضايا المتعلقة بالتسمم ونحوها، فهذه حقيقةً ضربة موجهة إلى أساس العمل في البلد وأساس التربية والتعليم،من الأمور المتوقعة من المعلمين الأعزاء والمحترمين أن عليكم إحياء الشعور بالهوية الإيرانية والإسلامية والشخصية الوطنية في أطفال هذا البلد. وكذلك قضيّة الانتماء الوطني، لا بدّ أن يتعلّق بها [التلميذ] وهذه أمور ضروريّة وأساسيّة. معرفة الهويّة الوطنيّة والشخصيّة لدى التلميذ. يجب أن يكون [التلميذ] فخوراً بكونه إيرانياً. وطبعاً هذا يبعث على المفخرة. وليس حصراً أن نقول: «افخروا»، فلا يكون ذلك بالتوصية. طبعاً سوف أتحدث لاحقاً عن موضوع الكتب المدرسية. عندما تتمظهر لليافع والشاب المفاخر الوطنية والسوابق الثقافية والعزة التاريخية ينشأ فيه الشعور بالعزة. ويرسلون فيلماً عنه إلى هنا ويبثونه هنا في تلفزيوننا. ليس لديهم أبطال ولا شخصيات بالمستوى المعتدّ به [لكن] يصنعون ذلك؛ فن صناعة الأفلام. لدينا هذا الكم كله من الماضي التاريخي المليء بالملحمة والشجاعة والمليء بالصفات الإنسانية والاجتماعية السامية، قلت إن هناك بعض النقاط المتوقعة من المعلمين. نتوقع أن يشعر المعلم بالمسؤولية، لكن يجب في المقابل أن يُشعر بالمسؤولية تجاه المعلم أيضاً. عندما يكون لدى النظام توقعات من مجتمع المعلمين، يجب أن يشعر بالمسؤولية تجاه هذا المجتمع أيضاً. وهذا الشعور بالمسؤولية هو في الأبعاد كافة لا مسألة المعيشة فقط. تُعدّ مسألة معيشة المعلمين أمراً مهماً للغاية لكن لا ينحصر الأمر فيها، فهناك مسألة التدريب على الخبرة، وهذه الأمور نفسها التي قالها المشرف المحترم في كلمته والتي يجب أن نفعلها أو نروم إلى فعلها بحق المعلمين، فهذه بين الواجبات، أي تُعدّ هذه الشعور بمسؤولية النظام تجاه المعلم [مثل] التدريب ضمن الخدمة والاهتمام بجامعة «فرهنكَيان». وعموماً مؤسسات إعداد المعلمين مهمة جداً، ومن الضروري جداً الاهتمام بها. سأعرض أيضاً بضع كلمات في مجال الأصل لمسألة التربية والتعليم. ثمة موضوع حول موقع التربية والتعليم في النظام الإداري للبلاد. أيُّ موقع للتربية والتعليم في إدارة البلاد أساساً؟ علينا أولاً أن نُفَهِّم هذا لبعضهم. في رأيي - أنا العبدَ - ثمة بعض من لا يزالون عاجزين عن إدراك دور التربية والتعليم في التقدُّم الشامل للبلاد. في السابق هناك خطأ إستراتيجي بين بعض المسؤولين، ألا وهو النظرة المستصغِرة لهذه المؤسسة المصيريَّة. لم يتعرَّف بعض المسؤولين إلى القيمة والعظمة وأبعاد التأثير لهذه المؤسسة المصيرية، ونظر بعضهم إليها على أنها مزعجة أو مجموعة مُستهلِكة. أقول هذه [الأمور] لأنَّني سمعت كلاماً من الأشخاص ذاتهم. كانوا يقولون لي - أنا العبدَ -: افترضوا مثلاً أنَّ المقدار الفلاني من ميزانية البلاد يُنفق على التربية والتعليم، فما نتيجته؟ نتيجته «التعهيد»[2]، أي كانوا ينظرون إلى [مؤسسة] التربية والتعليم على أنَّها مزاحمة، ومن ثَمَّ من الواضح كيف ستكون نتيجتها (النظرة).في رأيي - أنا العبدَ - إنَّ تجاوز العقبات الشاقّة للتطور – نحن نسعى خلف التقدم الشامل للبلاد، ويوجد في هذه المسيرة عقبات صعبة – غير ممكن دون مساعدة التربية والتعليم. يسمع المرء اليوم من أفواه الخبراء والمتخصصين في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بل حتى السياسية أنه حينما يُبحَث حول المشكلات الأساسية والعقد الصعبة للبلاد يبحثون عن علاج المسألة في المدرسة. فمثلاً لو كنّا قد اعتنينا قبل عشرين عاماً أو خمسة وعشرين بالمدرسة، هذه النظرة صحيحة بالكامل. حل المسألة يكون في إصلاح المدرسة، والتخطيط الصحيح للمدرسة وللشباب واليافعين. الطبيعي أنَّه يتعيَّن أن تكون النظرة إلى التربية والتعليم على هذا النحو. فثمة أمل أن يُخطَّط على هذا الأساس، فكما قلت: هو عمل سيُنجَز، أي ما مِنْ أمر مُحال لدينا. كلها [أمور] يمكن تحقيقها. غاية الأمر أنَّه أولاً يجب أن تكون النظرة صائبة، مسألتنا الأولى هي إدراك الأهمية لمؤسسة التربية والتعليم المصيرية. على الجميع أن يعلموا هذا: الناس كما التربية والتعليم نفسها وبالطبع مسؤولي البلاد، أي صناع القرار ومتّخذي القرارات في السلطة التشريعية وعموماً في السلطة التنفيذية. عليهم أن يعلموا كم هي كبيرة أهمية هذه المؤسسة! ألا وهي موضوع ثبات الإدارة. نحن نعاني في مؤسسة بهذه العظمة والأهمية من فقدان الثبات. ويبدأ بعمل ما، ويُترك غير مُكتمل بذهابه، قدّموا إليّ تقريراً هنا – بالطبع يمكنني أنا العبدَ أن أدرك ذلك، أي عشر سنوات، خمسة وزراء وأربعة مشرفين على التربية والتعليم! هذا أمر غريب وعجيب للغاية. كالخارجية أو الجهاد الزراعي، يبقى وزير في حكومتين سبعة أعوام إلى ثمانية، وأحياناً أكثر، فلمَ يوجد مثل هذا الغياب للاستقرار على صعيد الإدارة في التربية والتعليم؟ التفتوا؛ إنَّ النشاطات كافة ذات المردود المتأخِّر تحتاج إلى ثبات في الإدارة، هذه [أمور] تحتاج إلى ثبات في الإدارة. يتغير معه أيضاً كثيرون آخرون: يتغير المعاونون، يتغير المديرون، يتغير المديرون المتوسطون. حتى إنني سمعت أنه أحياناً يتغير مثلاً إلى مستوى مدير المدرسة بتناوب الوزراء! هذه أيضاً نقطة. خاصة في التربية والتعليم نفسها، أن يفكروا في هذا. بالطبع، وعلى هذا المجلس الأعلى أن يفكر في الأمر، وأيضاً على المديرين التنفيذيين للتربية والتعليم أن يفكروا. ما الذي نحتاج إليه في البلاد، لكن ماذا عن القوى العاملة؟ أليست بحاجة؟ فبمقدار الحاجة نفسها إلى الطاقات التي أداتها الفكر هناك حاجة أيضاً على مستوى البلاد وفي القطاعات كافة إلى السواعد التي أداتها العمل، فكيف نُنَظِّم هذا؟ فكما نحن بحاجة إلى البرمجيات نحنُ بحاجة إلى المعدَّات.الآن، هل نسبة هذه [المناهج] التعليمية العامة السائدة في ثانوياتنا إلى نسبة التعليم المهني والحرفي متعادلة؟ لَكَم أوصيت - أنا العبدَ - في المراحل السابقة بشأن التدريبات المهنية والحرفية![4] حسناً، لكن يجب أنْ تكون النسبة متعادلة. وعليه، يتعين على التربية والتعليم أن تفكر في هذه [المسائل] أو هذا المسار الحالي لثانوياتنا. أي المسار الموجود الآن هو ممرٌّ من الابتدائية والثانوية نحو الجامعة، فهل هذا ضروري؟ هل حقّاً يتعيّن على الجميع أن يأتوا على هذا المنوال ويعبُروا ويذهبوا نحو الجامعة؟ هل هذا ضروري؟ أساساً هل يعود هذا بفائدة على البلاد؟ قلتُ قبل بضعة أيام من الآن في حشد من العمال الأعزاء الذين كانوا هنا[5] - أظن أنِّي قلته هناك – إنَّنا نحوّل عدداً كبيراً من حاملي شهادة الثانوية إلى حائزي إجازات أو ماجستير متعطلين عن العمل وساخطين ومعترضين. كذلك لهم الحق، ينبغي حقيقةً التفكير في هؤلاء ولحاظ أمرهم. وشباننا هؤلاء، فهل توزيعهم في الفروع التعليمية المختلفة توزيع صحيح؟ هذه أمور مهمة. في زمن ما، قبل بضع سنوات، كان يقول أحد الأصدقاء، الذي كان [يعمل] في مجالات التعليم هذه وما إلى ذلك: بناء إلى نسبة عدد السكان لدينا في بلادنا مهندسون أكثر من أمريكا! ما الأمر الذي يعمل عليه أولئك أكثر؟ [يعملون] على العلوم الإنسانية، لماذا؟ لأنّ ما يُدير العالم هو العلوم الإنسانية والسياسة والإدارة. هذه هي الأمور [التي تتعلق] بالمجتمع. فهم يركزون أكثر عليها. أو مثلاً ماذا نريد أن نفعل بشأن العلوم الإنسانية. لا، يجب لحاظ هذا، يجب أن يكون هذا ضمن أكثر الهواجس لدى مسؤولي التربية والتعليم أساسيّةً.نقطة أخرى هي قضية التحوُّل في التربية والتعليم، وقضية «وثيقة التحوُّل» هذه[6] التي جرى في نهاية المطاف وبعد مدة طويلة إعدادها وتحضيرها مع تأخير. حول وثيقة التحوُّل، صحيح أنَّ «وثيقة التحوُّل» قد أُعِدَّت، وهي أيضاً وثيقة جيدة، لكنها ليست آية قرآنية. لكن يتعين على الخبراء تحديثها وتكميلها. لم تُنظَّم إلى الآن هذه الخريطة، وكذلك هذا هو ما قدّموه من تقرير. لم تُعد خريطة الطريق من أجل تنفيذ «وثيقة التحول». ومن أجل هذا أيضاً، لا أثر للوثيقة على أرض [الواقع في] المدرسة. هذا لأنَّه لم تُحضَّر خريطة الطريق. إذن، النقطة التالية حول «وثيقة التحوُّل» هي أنّه ينبغي إعداد خريطة طريق لها والتخطيط من أجلها.النقطة الثالثة أنّ خطّة المسار هذه لا بدّ أن تحظى بدعم الحكومة و«مجلس الشورى»، وأن يُساعد على إنجازها. فإذا جلسوا في التربية والتعليم وتباحثوا مع أصحاب الرأي وتشاركوا الأفكار، ثمّ بدأت المشكلات تتوالى عند وضعهم الموازنة، وبدأ خلق المشكلات في الحكومة وتوجيه الانتقادات في المجلس، فإنّها لن تبلغ أيّ مبلغ. لا بدّ للحكومة و«مجلس الشورى» أن يقدّما الدعم.الأمر الآخر هو ألّا ينشؤوا بديلاً ومنافساً لـ«وثيقة التحوّل». فلا ينبغي أن تظهر من زاوية أخرى وثيقة ثانية من أجل التحوّل فتجعل الجميع في حيرة من أمرهم: ماذا نفعل وماذا لا.كذلك في خطّة المسار هذه التي أشرت إليها لا بدّ أن تتوفّر مؤشرات قابلة للقياس. حسناً، لكن قد لا يكون قياس المؤشّر الكمي متاحاً في بعض الحالات وتكون الكيفيّة نفسها قابلة للقياس، حسناً، وقد قال جنابه[8] أيضاً، إن شاء الله! سيكون جيّداً [لو] تحقق هذا وتقدّمت الأمور، هذه أيضاً نقطة بشأن التربية والتعليم.الموضوع المهمّ الآخر في قضايا التربية التعليم هو جذب المعلمين، هناك كثيرون من المعلّمين في أنحاء العالم الذين يبذلون من أنفسهم، نحن على علم واطّلاع، لكن نحن على علم بهذا النقص أيضاً. إننا نعاني من النقص، وهذا سببه أيضاً أنّه لم يجرِ توقّعه في السابق. لاحظوا! هذا أحد النماذج على قولي: «الأعمال الطويلة الأمد»، حتى عندما كان من المقرر تأسيس جامعة «فرهنكَيان»، كان بعض الأشخاص يقولون: لا طائل من هذه الجامعة ولا يمكنها تحقيق أيّ إنجاز. حسناً، سيبقى قليلاً أيضاً حتى لو تضاعفت إمكانات جامعة «فرهنكَيان». نحن نحتاج إلى أن تتضاعف إمكاناتها وبناها التحتيّة وتجري مساعدتها بصورة حقيقية. هذا هو الحلّ: لا بدّ أن نستثمر. أي لا بدّ للجميع أن يقبلوا الحاجة إلى المعلّم – فهذا الاستثمار ضروري ويحتاج إلى بذل الجهود. لا بدّ من تعزيز الأجهزة الخاصّة بتربية المعلّمين، تجب تقوية بناهم التحتيّة ومضاعفة إمكاناتهم كذلك. وإضافة إلى هذا الأمر، لا بدّ من رصد جدارة المعلّم على المستوى الاحترافي وكذلك كفاءته على المستوى العام طوال الخدمة، السبيل إلى ذلك ألّا نخفض معايير التوظيف. حسناً، هناك بعض الصعوبات، والاختيار ضمن إطار الضوابط صعب بعض الشيء، [لكن] فليمنعوا أن تؤدي هذه الصعوبة إلى تخفيض المعايير.لا بدّ من الاستفادة أيضاً من المعلّمين المجرّبين المؤمنين القدامى أيضاً. هل هذه مزحة؟ التحق برحمة الباري المتعالي في عمر التسعين ونيّف، ولعلّه لم يتركها حتى آخر العمر أيضاً. هؤلاء ذوو قيمة كبيرة.هناك موضوعٌ آخر مهمٌّ أيضاً، حسناً، جرى تقديم كثير من التوصيات خلال هذه الأعوام في هذا المجال، وكان لها تأثيراتها أيضاً، وجرى إنجاز أعمال جيّدة في الكتب كذلك. لكن ما يتوقّعه المرء من الكتاب الدراسي هو وجوب أن يكون هذا الكتاب مليئاً بالأمور المحفّزة للجيل الشاب، أي لا بدّ أن يثير الكتاب الدراسي الحماسة لدى جيل الشباب عندما يقرؤونه. فلا بدّ أن يكون نوع الكتاب على نحو يثير الحماسة لدى التلميذ. كما سبق أن قلت، ففي كتب العلوم الإنسانيّة بطريقة، وفي كتب اختصاص العلوم الطبيعية بطريقة مختلفة. لكن يُمكن لها أن تُدرج، سواء أكانت المفاهيم الإسلاميّة أم المفاخر الإسلاميّة والإيرانيّة. فليجرِ التعريف بالمفاخر الإيرانيّة في الكتب العلميّة. كنا يوماً ما روّاد العلم في أرجاء العالم. لقد سمعت من أشخاص مطّلعين قولهم إنّه حتى الأعوام السابقة – عشرة أعوام أو عشرين أو ثلاثين على سبيل المثال، ولا أقدر على التحديد بدقّة – كان كتاب القانون لابن سينا مطروحاً في المراكز العلميّة المهمّة في أوروبا وجرت ترجمته. كان القانون الذي دوّنه ابن سينا بالعربيّة لم يُترجم بعد إلى الفارسيّة، تكبّد مترجمٌ[9] مميّزٌ للغاية العناء وتمّت ترجمة القانون ترجمة مميّزة جدّاً للحقّ والإنصاف، وأنا أملك نسخة منها. إنّ الأمر على هذا النحو، لقد أنجز الإيرانيّون أعمالاً عظيمة خلال التاريخ العلمي للعالم،طبعاً، حسناً، إنّهم يقولون إنّ العصر تبدّل ويتبدّل – أوافق على هذا الأمر أيضاً - ومقصود بعض الأشخاص من تغيرات العصر هو تغيير الأسس، لكن الأسس لا تتغيّر. وذاك [الأساس] لا يتغيّر. إحداها هذه: أساليب ارتداء الأزياء والدراسة وتأليف الكتب وتدوين المقالات وإنشاد الأشعار. هذه الأمور تتغيّر. دوّنوا الكتب بأساليب جديدة.هناك موضوعٌ آخر – أشرت إليه سابقاً – هو «التعهيد». سلمت أيديهم! إنّها فكرة جيّدة للقضاء على البلاد. شأن التربية والتعليم شأنٌ حكومي ولا يمكن لأي نظام أن يستبعد هذا الشأن، ولا يمكن فصله عن النظام. هناك استثناءات في بعض الحالات مثل هذه المدارس «الخاصّة» كما هو مصطلح، الموجودة اليوم في البلاد. إنّ عمل التربية والتعليم وإدارة التربية والتعليم [عملٌ حكومي]، وهذا ما صرّح به دستورنا بكلّ صراحة. لا معنى لقضيّة تسليم الأمور للخارج، وبالطبع هاتان النقطتان مهمّتان أيضاً. إحداهما مسألة المدارس الحكومية. تقوية هذه المدارس مهمّة. يجب ألا يكون الأمر كذلك. المعلّمون والمربّون الجيّدون والمربّون التربويّون الجيّدون والمعلّمون الملتزمون والأجواء التعليمية المقبولة لا بدّ أن تكون حاضرة في المدارس الحكومية. هذا في ما يخصّ الموضوع الأول. هذا انعدام تامّ للعدالة، إذاً، إحدى القضايا أنّه لا بدّ أن تتمتّع المدرسة الحكوميّة بالتعليم الجيّد والمعلّم الجيّد والأجواء التعليميّة الجيّدة.النقطة الثانية هي المدارس غير الحكوميّة. لكن يجب أيضاً الإشراف على مجموع المدارس غير الحكوميّة أيضاً. لقد قلت إنّ هذا لا يعني تجاهل إبداعاتها والأعمال الجديدة التي تقدمها بعض هذه المدارس، ليس هذا المقصود.القضيّة الأخرى والمهمّة جدّاً هي الشؤون التربويّة. تناهى إلى سمعي أنّه جرى ويجري في لجنة التربية والتعليم إيلاء اهتمام خاص بقضيّة الأمور التربويّة – هذه طبعاً قضيّة مغتنمة ولا بدّ أن نشكرهم – لكن لا بدّ أن تُشاهد هذه البرامج التربويّة في المدرسة. وقد تكون في بعض الأماكن والمدارس. يجب أن تمتدّ الشؤون التربويّة داخل المدارس. لقد أطلعوني في إحدى التقارير على نسبة مئويّة مرتفعة لكنني لن أذكرها لأنني لست مطّلعاً بدقّة على هذا. على أيّ حال، ليس لدى كثير من المدارس معاون تربوي.