دور العظمة أبو يعقوب يوسف وصفه المراكشي بأنه كان أبيض ، حسن الحديث ، أعرف الناس كيف تكلمت العرب ، وأحفظهم لأيامها ومآثرها وجميع أخبارها في الجاهلية والاسلام . وكان إلى ذلك يتقن علوم اللغة ويعنى بدراسة الفلسفة والطب ، حتى اجتمع له من كتب الفلسفة قريب مما اجتمع للحكم الأموي (12) ، وكان أبو يعقوب عاملا على اشبيلية في عهد أبيه . وتلقب بالأمير في البداية ولم يتخذ لقلب الخلافة إلا بعد أربع سنوات من توليته ، حتى إنه عين ولده يعقوب وزيراً له في أواخر أيامه . أعماله في المغرب (ثورة غمارة) لم تكد تمضي سنة على توليته حتى نهض بغمارة ثائر صنهاجي يدعى مرزدغ ، فاستولى على تازا وضرب السكة باسمه ، وبايعته قبائل غمارة وأوربة وصنهاجة ، غير أن جيش الموحدين قضى على حركة هذا الثائر الذي حمل رأسه إلى أبي يعقوب . فانصرف إلى الجهاد بالأندلس وإخضاع ثورة قامت بافريقية . ومن أعماله المهمة بالمغرب في ميدان العمران ، في الأندلس : فكرة ضم المقاطعات المسيحية وكاتبوه في عهد أبي يعقوب سنة 578 من أجل الدخول في دعوتهم ، وتهدد حيناً ثم هلك أثناء بعض غزواته ، فخلفه ولده علي الذي انتهز فرصة وفاة أبي يعقوب فاستولى على بجاية سنة 581 وأميرها يومئذ أبو الربيع حفيد عبد المومن ثم ضم إليه الجزائر ومليانة ومازوتة وقلعة بني حماد ، وعجز عن فتح قسنطينة ، فوجه إليه المنصور أسطولا بقيادة محمد بن ابراهيم وجيشاً بقيادة أبي زيد ابن أبي حفص الذي انهزم أمام ابن غانية ومن تابعه من العرب والبربر والغز، ثم که عليه الموحدون فقتلوه ، وكان التحالف بين قراقوش والعرب وبني غانية سنة 580 دفعا لتوسع الموحدين شرقا (24) فقد كان بنو هلال يقطنون في ناحية الطائف بشبه الجزيرة العربية ، كما كان بنو سليم باحواز المدينة المنورة ثم انتقل الفريقان إلى البحرين وعمان ودخل قسم منهما في دعوة الفاطميين فنقلهم هؤلاء إلى شرقي النيل. ولما ساءت العلاقة بين المعز بن باديس الصنهاجي والمستنصر الفاطمي ، وتنصل المعز من دعوة العبيديين سنة 443 أشار اليازوري الوزير على الخليفة الفاطمي أن يسرح العرب إلى افريقية حتى يقضوا على الصنهاجيين ويحلوا محلهم في الدعوة للعبيديين. وعمل المستنصر باشارة وزيره، ولما كان هؤلاء العرب قد أعجبوا بخصب افريقية وخيراتها، فقد تسلطوا على المدن والقرى يخربون الزرع والمباني ويسبون النساء والذرية، ونزل بنو سليم بليبيا، وانضم إليهم بنو جشم ولما دخل ابن غانية افريقية، أما بنو سليم فقد لزموا الطاعة وفي سنة 584 نقل المنصور بني جشم وهلال إلى المغرب ، فكثر بهم العرب هناك ، وكذا الخلط أقرباءهم ، ولكل من هذه القبائل فروع من أشهرها بنو سفيان الذين كانت لهم الرياسة على جشم وكان ضمن هذه القبائل المرحلة عدد قليل من بني معقل لا يتجاوز المائتين فنزلوا فيما بين ملوية وتافيلالت ثم السوس ، حتى إن أخصب أراضي البادية على المحيط الأطلسي هي الان بأيدي أعقابهم . ولا . ثورة بعض الأمراء خلال مقام يعقوب المنصور بافريقية ثار بالأندلس سليمان بن عبد المومن عامل مرسية ، في تادلا ، فتلقاه عمر قرب مكناس ، فاعتقله ، ثم توجه نحو سلا فلقيه عمه سليمان أبو الربيع فاعتقله ثم أمر بقتلهما . في سنة 583 افتتح صلاح الدين بيت المقدس وقرر متابعة الحرب ضد الصليبيين حتى يطردهم من سواحل الشام، وكان أسطوله أضعف من أن يجابه قوات الصليبيين الذين كانوا يستعينون بأساطيل جنوة والبندقية، فأرسل مبعوثاً إلى المنصور الموحدي يستنجد بأسطوله، وكان المبعوث عبد الرحمن بن منقذ الذي كان من البيوتات الكبرى بالشام وأحد الذين أبلوا في حرب الصليبيين بلاء حسنا وقد جيوش المرينيين عن مراكش ، ثم خرج ادريس أبو دبوس (من سلالة عبد المومن) عن طاعة المرتضى وهو قائده على الجيش .