مقدمة : تفرض سلطنة عمان بعض الشروط والمتطلبات على العماني للزواج من أجنبية لكل مواطن عماني وكل مواطنة عمانية ترغب في الزواج من أجنبي وذلك لتجنب عقوبة الزواج بدون تصريح في سلطنة عمان وتطبق العقوبة على كل من يخالف أحكام القرار الصادر من وزارة الداخلية لكل مواطن تراوده الرغبة في الزواج من خارج السلطنة، ويقضي القانون بتشكيل اللجنة التي تختص بدراسة طلبات الزواج من الخارج من عضوين من وزارة الداخلية ويشترط أن يكون أحدهما رئيسا للجنة المشكلة، ويكون العضو الآخر من وزارة التنمية الاجتماعية، وينضم إليهم عضو من الشرطة العمانية السلطانية، ومن المهم أن ننوه أن هذه اللجنة تصدر توصياتها إلى وزير الداخلية كي يتخذ القرار اللازم في إصدار تصريح الزواج.كيفية وشروط زواج العُمانيين من أجانبما هي أحكام زواج العُمانيين من أجانب؟الزواج آية من آيات الله في الكون لقوله تعالى: ” وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ”وروي عن الرسول صلى الله عليه وسلم ” يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة؛ فعليه بالصوم،ويعد الاختيار قبل الزواج عاملًا مهمًا لبناء الأسرة، ولنسبها، وارتفاع الأسعار ، والمغالاة في المهور ، يتحتم على الشاب أن ينتظر فترة طويلة من أجل توفير المهر ومستلزمات الزواج أو أن يكبل نفسه بديون بنكية؛ ومع كل هذه الظروف قد يلجأ الشاب العماني للزواج من الخارج لتقليل تلك النفقات الباهضة ، أو قد يكون الوضع الصحي والاجتماعي عائقًا في الزواج من عمانية .ومنذ فجر النهضة بقيادة مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم أولت الحكومة اهتماما خاصا بالشباب، وفي كل ما من شأنه تعزيز الطاقات الشبابية المختزلة، ومن ذلك سن القوانين والتشريعات التي تنظم الحياة المدنية، كتنظيم زواج العمانيين من أجانب، حيث لم يُترك الباب على الغارب بل وُضعت شروط وقيود لذلك ، من أجل الحد من ظاهرة تفشي العنوسة في المجتمع العماني والمحافظة على الهوية العمانية من حيث العادات والتقاليد والتركيبة السكانية .وبموجب المرسوم السلطاني (٥٨/٩٣) تم إصدار تفويض لوزير الداخلية بإصدار أحكام تنظيم زواج العمانيين من أجانب ، وإعمالًا للمرسوم السلطاني أصدرت وزارة الداخلية قرارها الوزاري رقم (٩٢/١٩٩٣) بإصدار تنظيم زواج العمانيين من أجانب.واشترط القرار الوزاري على الراغب بالزواج من الخارج أن يتقدم بطلبه لدى وزارة الداخلية وذلك للحصول على التصريح الذي يجيز له الزواج من أجنبية ،شريطة أن تتوفر فيه الشروط الآتية :1- أن تكون هناك أسباب اجتماعية أو صحية تدعو إلى الزواج.2- أن يكون طالب الزواج من غير عمانية قادرًا ماليًا على تكاليف الزواج و توفير المسكن المناسب وإعالة الأسرة.3- ألا يكون متزوجًا بعمانية ما لم تكن غير قادرة على القيام بواجباتها الزوجية.ويقصد بالأسباب الاجتماعية هي تلك التي تتعلق بالنسب والحسب واللون ومكانة أسرة الشاب اجتماعيًا، أما الصحية فهي التي تتعلق بسلامة وصحة المتقدم للزواج والتي في بعض الأحيان لا يجد من يتقبل العيش معه مما يضطر في الزواج من أجنبية.كما أن المطلق يجوز له الزواج من أجنبية طبقا للشرط الثالث ، وكذلك من لديه زوجة عمانية عاجزة عن القيام بالواجبات الزوجية .وتتشكل لجنة في دراسة الطلبات المقدمة للزواج من الخارج تتكون من:- عضوين من وزارة الداخلية يكون أحدهما رئيسا للجنة.- عضو من وزارة التنمية الاجتماعية.- عضو من شرطة عمان السلطانية .وترفع اللجنة توصياتها إلى وزير الداخلية لإصدار القرار المناسبويجوز للعمانيين الزواج من أجانب بعد موافقة وزير الداخلية في الحالات الآتية :- إذا كان المرشح أو المرشحة للزواج ينتمي بجنسية إلى إحدى دول مجلس التعاون .- إذا كان المرشح أو المرشحة للزواج بعماني قد وُلد في عمان من أم عمانية وحافظ على إقامته مدة ثمانية عشر عاما.ويجوز بقرار من وزير الداخلية التصريح بالزواج من أجانب وذلك في الحالات الآتية:1- إذا كان طالب الزواج من القاطنين في المناطق الحدودية ويرغب في الزواج من مواطني المناطق في الدول الأخرى .3- إذا توفرت لدى طالب الزواج ظروف يقدر الوزير معها ملاءمة التصريح له بالزواج ومن ذلك الإقامة الطويلة في الخارج.العقوبات:-مع عدم المساس بأية عقوبة أشد يعاقب كل من يخالف أحكام هذا القرار بالعقوبات الآتية:- :1- غرامة لا تزيد على ألفي ريال عماني.2- الحرمان من تولي الوظائف العامة.3- الحرمان من إدخال الزوجة أو الزوج .المرسوم الجديد يشمل النساء والرجالزواج العمانيين من أجانب من دون تصريح يشمل النساء والرجال، حيث توثق عقود الزواج لدى الكاتب بالعدل، كما توثق المحررات التي تثبت زواج العمانيين من أجانب التي تمت داخل السلطنة سواء قبل العمل بهذا المرسوم أو بعده، وكذلك الأمر في عقود الزواج التي تم تحريرها خارج السلطنة فتوثق سواء كانت قبل العمل بالمرسوم أو بعده، مع مراعاة التصديق على هذه المحررات من الجهات المختصة في الدولة الأجنبية ووزارة الخارجية العمانية، تمهيداً لتوثيقها أمام الكاتب بالعدل في السلطنة".كثرة الزواج من أجانب قد يخل بالنسيج الاجتماعي"المرسوم الجديد لا شك له آثار اجتماعية، لأن الزواج هو أساس المجتمع، لا سيما وأن هناك مؤثرات أخرى اقتصادية وصحية واجتماعية ستؤدي إلى زيادة نسب الزواج من أجنبيات، ثم قد تتحول هذه الموجة إلى ثقافة مجتمعية، وسيؤثر حتماً على نسب العنوسة في البلد، خصوصاً مع قلة الإقبال الخارجي على الزواج من العمانيات ومصادمة ذلك للأعراف".الإحصائيات- بحسب إصدار ( الحالة الزواجية في سلطنة عُمان ) للمركز الوطني للإحصاء والمعلومات، فقد بلغ عدد حالات الزواج العُمانيين من أجانب بمن فيهم الخليجيون 872 حالة زواج في عام 2021م.- بعد عام 2023م: التنظيم صدر المرسوم السلطاني رقم 23/2023 في شأن زواج العمانيين من أجانب، وغير المرسوم المعادلة ليصبح الزواج مسموحًا به في الأصل، مع تحديد شروط وهي ألا يكون مخالفا لأحكام الشريعة الإسلامية، وألا يكون مخالفا للنظام العام في سلطنة عمان، واستثناء بعض الوظائف العامة ذات الأهمية أو الطبيعة الخاصة.الإحصائيات أفاد المعنيون في المجلس الأعلى للقضاء في تصريح خاص بأن عدد طلبات العُمانيين للزواج من أجانب المسجلة لدى دوائر الكاتب العدل خلال الفترة الزمنية من 1 يوليو وحتى 29 نوفمبر، بلغ حوالي 2820 طلبا، و1608 طلبات قيد الدراسة.ووفقا لإفادة المعنيين بأن الطلبات التي تمت الموافقة عليها وبحسب مكاتب الكاتب بالعدل، فقد حلت ولاية السيب بـ 271 طلبا في المرتبة الأولى، تليها ولاية بوشر بـ 226 طلبا مسجلا، ثم ولاية صلالة 70 طلبا، وولاية العامرات بـ 68 طلبا،وأخيرا ولاية مسقط بـ 54 طلبا. وتعد الولايات المذكورة أعلاه محل تسجيل الطلب، ولا يشترط أن يكون مقدم الطلب من أهل الولاية ذاتها.وبالرغم من أن التركيبة السكانية تتيح المجال للزواج من غير الأجانب خاصة مع اقتراب النسبة بين الرجال والنساء في التعداد السكاني، مما يضع المجتمع أمام تحديات جديدة متعلقة بضرورة مراجعة تلك الأحكام وكيفية تطبيقها، خاصة عندما يتعلق الأمر بزواج المرأة العمانية من الأجانب،فهذه الظاهرة بالرغم من أنها تأتي ضمن الحريات الشخصية، إلا أنه يجب مُراعاة المجتمع ومصلحة الوطن، ومصلحة المرأة أيضًا، حيث تُظهر الإحصائيات المسجلة الصادرة من المركز الوطني للإحصاء أنّ هناك ارتفاعاً ملحوظا في الزواج من غير العُماني، حيث بلغ عدد حالات الزواج العُمانية من الخليجي (216) حالة في عام 2014، وبلغ عدد الزواج العُمانية من الأجانب (70) حالة، وهي أرقام كبيرة على المستوى السنوي في مجتمع صغير الحجم، وهذا النوع من الارتباط الأسري له العديد من التأثيرات المستقبلية حيث يؤثر بدرجة كبيرة على مدى مقدرة الأجنبي على تربية الأبناء في ضوء الهوية الوطنية العُمانية، وغرس كل القيم الدينية والاجتماعية والسياسية والوطنية والثقافية فيهم.هناك العديد من القصص في المُجتمع العُماني عن علاقات زواج حدثت إثرها الكثير من المآسي، خاصة وأن هذه الزواج يأتي في إطار رفض عائلة الفتاة رفضًا نهائياً له، مما يدفع بعضهن للزواج وإنهاء علاقتها بأسرتها الأساسية دون إدراك لأن هذا الانفصال الأسري لها مشكلات مستقبلية،وهذا ما حدث بالضبط لبعض الفتيات اللاتي تعرضن للطلاق من الأجانب لاحقاً فلم تجد أحداً يتقبلها بعد ذلك، فأعراف المجتمع العُماني مازالت تتحكم في العديد من الجوانب الاجتماعية والتي يراها البعض لا تتوافق مع حريته الشخصية.حيث إن هناك ارتفاعا كبيرا في حالات الطلاق بعد هذا النوع من الزواج، حيث بلغ عدد حالات الطلاق الخليجي من عُمانية في عام 2014 (39) حالة أي ما نسبته 18% وهي نسبة مرتفعة، وبلغت في عام 2015 م (26) حالة، أما حالات الطلاق الأجانب من العُمانية (10) حالات أي ما نسبته 14%، وبلغت في عام 2015م (22) حالة. والكثير منها يصعب معالجتها، خاصة إذا كان هذا الارتباط نتج عنه عائلة مكونة من عدة أطفال، فالوضع القانوني يصبح صعبًا، ويدخل في دائرة خلاف كبيرة متعلقة بحضانة هؤلاء الأطفال، وما هي الجنسية التي سيحصلون عليها، خاصة وأن قانون الجنسية العماني لا يمنح أولاد العمانيات من آباء غير عمانيين الجنسية،وهذا وضع طبيعي كون الابن يتبع جنسية أبيه، أضف إلى ذلك أن هناك آثار اقتصادية متعلقة بالإنفاق على الأبناء،أما واقع الحضانة فيكون بين الحضانة المشتركة أو الحضانة لصالح الأم، والشعور بانخفاض مفهوم الذات، هذا فضلا عن مضايقات الأهل، ومشكلات تربية الأبناء، وإجراءات التقاضي، وحضانة الأبناء.كما يتأثر الأبناء إلى حد كبير بالطلاق، ففي حين نجد تأثر الأبناء بسلوكيات سلبية من الوسط الاجتماعي المحيط لدى عينة الذكور، نجد مدى مُعاناة المرأة من عدم قدرتها على توجيه وإرشاد الأبناء، وإدمان الأبناء للمخدرات، وصعوبة تولي الأم بمفردها مسؤولية تربية الأبناء، ومن المشكلات التي تتعلق بتربية الأبناء لدى الجنسين الصعوبات الدراسية، المشكلات النفسية، والمشكلات الأخلاقية.إنَّ الزواج من الأجانب يأتي ضمن ما يراه البعض حريته شخصية في اختيار شريك حياته، إلا أن التفكير فيما قد يحدث لاحقاً يجب قراءته بدقة،