تناقضت مقاربة الشيخ زايد الاستباقية في الحكم مع سلبية الشيخ شخبوط. فبينما ركز شخبوط على تهدئة الأوضاع بعد عشرينيات القرن العشرين، أدرك زايد الحاجة إلى التنمية الاجتماعية والاقتصادية لتأمين ولاء القبائل ودعمها. وعلى الرغم من اختلاف أسلوبيهما، إلا أن المسافة التي كانت تفصل بينهما أخفت الخلاف بين نهجيهما، لكن مخاوف زايد المتزايدة بشأن تطور أبوظبي في ظل الإصلاحات الراكدة كانت واضحة , أُعجب الشيخ زايد بمعرفة الشيخ هزاع بأوضاع ليوا. كان أحمد بن فضل يمثل الحاكم في ليوا، لكن سلطته كانت محدودة مقارنة بسلطة الشيخ زايد في العين. أدرك الشيخ زايد أن حاكم أبو ظبي، كان بحاجة إلى تأكيد سلطته للحفاظ على حقوقهم السيادية والحفاظ على الدعم القبلي , كان الشيخ زايد يؤمن بأن قوة الدولة تكمن في ولاء شعبها ودعمه الذي يتوقع المعاملة بالمثل من الحكام. فجمع بين الإيثار والحنكة السياسية. واجهت أبوظبي تهديدات بالضيق وعدم الرضا والنزعات الانفصالية بسبب محدودية مشاريع التنمية والعروض المقدمة من الإمارات الأخرى. اتسعت الفجوة بين التوقعات والواقع، مما أدى إلى إجماع بين المجموعات الرئيسية على أن التغيير والتطوير ضروريان للتنمية الشاملة , حيث قام الحاكم بتفويض السلطات إلى إخوته. وقد أدخلت اتفاقية الامتياز النفطي لعام 1950 لجنة ثلاثية الأطراف، مما يشير إلى تحول نحو هيكل حكم أكثر ديمقراطية. كما سهّل مجلس الإمارات المتصالح، التواصل وصنع السياسات بين الحكام، قبل أن يصبح حاكماً لأبوظبي , حضر الشيخ زايد والشيخ هزاع اجتماع المجلس في أبريل 1953، لكن السجلات لا تظهر أي مشاركة في المناقشات. أما اجتماع 5 يوليو 1954، الذي عُقد في غرفة الاستقبال في الوكالة السياسية، فقد شهد تغييراً في طبيعة الاجتماعات الرسمية، مما سمح بإجراء مناقشات صريحة ومفتوحة. وأكد الشيخ زايد لحاكم أبوظبي أن إمارته تشارك المجلس آراءه وتحترم قراراته. وقد عزز المجلس العلاقة الودية بين أعضائه، وخاصة الشيخ زايد والشيخ راشد الذي لعب دوراً فعالاً رغم حضور والده , في أغسطس 1955 قد اكتسب الشيخ زايد خبرة في التعامل مع حكام المنطقة، وتعرف على أولياء العهود، ظل الشيخ زايد نموذجاً للكفاءة والانضباط والذكاء، مما أثار إعجاب كل من قابلوه، وأوفى بالتزاماته بفعالية , وأعرب الشيخ زايد عن قلقه من تصرفات شقيقه التي تضر بتنمية أبوظبي. وتحدّث بصراحة عن معارضة أخيه للتغيير. وأعرب الشيخ زايد عن اعتقاده بأن سياسة أخيه ستؤدي إلى ردع الاستثمارات الأجنبية، مما يضر بتنمية الإمارة . وقد رفض زايد اقتراح شخبوط بتولي شخبوط زمام الأمور، وطلب منه بدلاً من ذلك تعيين موظفين مؤهلين لإدارة الشؤون. ازدادت شعبية زايد حيث كان يُنظر إليه على أنه البطل الذي قاوم الغزو السعودي، في حين اعترف المسؤولون البريطانيون بقدراته القيادية، لكنهم لم يتمكنوا من الضغط على شخبوط للتنحي , ويحظى الشيخ زايد باحترام وإعجاب واسع النطاق بين شعبه والآخرين لشجاعته وكرمه وحرصه على المساعدة. وهو مؤهل بشكل جيد لقيادة أبوظبي ومستعد لقبول المساعدة في معالجة مشاكل الإمارة. وعلى النقيض من تردد شقيقه الشيخ شخبوط، يُظهر الشيخ زايد شعوراً قوياً بالفخر والاستقلالية، ومع ذلك فهو على استعداد للعمل مع الآخرين لصالح الإمارة. فإن محاولات الشيخ شخبوط للتراجع عن التنازلات المتفق عليها ورغبته في التنحي تقابلها مقاومة من الشيخ زايد، الذي يؤكد على الحاجة إلى ميزانية شفافة وإدارة مسؤولة.