نهض مفهوم المراكز الفكرية في الدول الغربية خلال القرن العشرين، وهناك اليوم في الولايات المتحدة ما يزيد عن ألف مركز فكري، تتميز بموازنات إجمالية تبلغ بلايين الدولارات، فما هي أفضل وسيلة لاستثمار تلك الأموال؟ لأنها بدأت تتبع القالب الغربي للمراكز الفكرية. تتناول قضايا استراتيجية واقتصادية. لأن الاعتماد شبه المطلق على الاستشاريين الأجانب لدعم صنع القرار أصبح موضوعاً شائكاً، لاسيما في ظل التصعيد الأخير والمستمر في التوترات الأمنية الإقليمية. التي تمنع الموظفين في الأجهزة الحكومية من التفرغ اللازم لدرس المستجدات الاستراتيجية في شكل عميق. وفي رسالة غالبية المراكز الفكرية، توجد مادة تنص على أهمية توطيد علاقات تعاونية مع المراكز الفكرية العالمية، فتغذيهم معارفهم الدولية بمعلومات محورية حول ما تفكر فيه الحكومات الأخرى، وأيضاً الشعوب الأجنبية، فإن أحد أسباب سرعة اغتنام إيران الفرص الاقتصادية التي انفتحت لها بعد الصفقة النووية، هو متانة العلاقات بين المراكز الفكرية الإيرانية والغربية، وفي الماضي، عند التفاعل مع المراكز الفكرية الغربية، كالمؤتمرات والندوات. كما أنها كانت تكلف خبراء المراكز الغربية بإجراء دراسات رصينة حول قضايا مهمة للدول الخليجية. ومثلت سياسات كهذه خطوة أولى منطقية، ولكن يجب الآن الانتقال إلى المرحلة الثانية، مثلاً عبر برنامج بعثات الملك عبدالله، ويوجد الآن باحثون سعوديون متعددون قادرون على إجراء بحوث رصينة حول قضايا استراتيجية. فما هو المردود الإضافي الذي يتحقق حينما تنتقل العلاقة من فاعليات مشتركة إلى دراسات مشتركة؟ أولاً، فحينما يتعاونون مع باحث خليجي، تزداد العلاقة بين الطرفين عمقاً، التي قد تنتسى بسرعة بعد انعقادها. تعتبَر البحوث المشتركة من أفضل الوسائل لتطوير القدرات لدى الباحثين، لا يمكن التقدم في مجال البحث العلمي إلا من طريق الممارسة. لأن خبرتهم في مجال البحث العلمي أكبر وأعمق من خبرات الخليجيين. ولّد التركيز السباق على الفاعليات المشتركة على حساب التعاون البحثي تصوراً عند الأجانب مفاده بأن الخليجيين مجرد أثرياء غير مثقفين، ما ساهم في إقرار قوانين مضرة للمصالح الخليجية، وقادرة على المساهمة في تطوير حلول فعالة للمشكلات الأمنية والاقتصادية العالمية. ووضع البحوث المشتركة كمعيار للترقيات. كما تمكن الاستفادة من وسائل غير نمطية، كإنشاء جائزة لأفضل بحوث مشتركة لباحث خليجي مع باحث أجنبي، وإعطاء أولئك الباحثين فرصة لمناقشة بحوثهم التعاونية على برامج تلفزيونية شهيرة. كنقطة انطلاق. أن يطور الباحث الخليجي خدمته لشعبه،