م يفارق النبي صلى الله عليه وسلم الدنيا الا بعد اكمال الشريعة و اتمامها قال تعالى ( اليوم أكملت لكم دينكم و اتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الاسلام دينا فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم ) و لم يكن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فقه مدون و انما قام الصحابة رضي الله عنهم بنشر هذا الدين و تعليمه كما فهموه من النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان مرجعهم في كل صغيرة و كبيرة و لا يقطعون امرا الا ان يعرفوا الحق فيه من النبي صلى الله عليه و سلم و بعد وفاة النبي صلى الله عليه و سلم انطلق الصحابة دعاة و انتشروا في العالم الاسلامي و ذهب كل صحابي بالعلم الذي يحمله من الادلة الشرعية و القدرات الاجتهادية التي يملكها و اختلطوا بالناس و بدؤوا نشر العلم و مع مرور الوقت و زيادة اعداد الناس و اتساع البلاد بدأت تظهر قضايا جديدة و حوادث لم تكن تحدث في زمن النبي صلى الله عليه و سلم فبرزت الحاجة الى معرفة حكم الاسلام فيها و ايجاد حلول لها فانبرى العلماء لها من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم و من جاؤوا بعدهم و في هذه الظروف الجديدة برز ما يعرف بالاجتهاد بالرأي و اصبح مصدرا من مصادر التشريع و المقصود بالرأي ما يراه العقل بعد تفكر و تأمل و طلب للحق في المسألة الواقعة ثم اصطلح العلماء فيما بعد على تسمية الرأي بالقياس و الاستحسان و المصالح المرسلة و سد الذرائع و كان من فقهاء الصحابة من يكثر من الرأي كعلي بن ابي طالب و عبد الله بن مسعود رضي الله عنهم و كان منهم مقلون كعبد الله بن عمر و عبد الله بن عمرو بن العاص و الزبير بن العوام رضي الله عنهم و قد سلك التابعون نهج الصحابة في التعرف على الاحكام و اكملوا المسيرة من خلال حلقات العلم التي انتشرت في شرق العالم الاسلامي و غربه فصار اهل كل بلد يتلقون عن معلميهم و يتأثرون بآرائهم فبدأ الخلاف في الرأي و اتسع و ظهر بعد ذلك ما يعرف بمدرستي المدينة و العراق